أقلام وأراء

حسن عصفور يكتب – رسائل عبرية إلى العرب من بين أقدام فلسطينية!

حسن عصفور/ منذ فترة، ووسائل الإعلام العبرية تقوم بحملة منظمة، تدار بشكل محسوب، حول العلاقات المتنامية سرا وعلنا، بين الكيان الإسرائيلي ودول عربية، تكاد لا تستثني أحدا، والهدف الرئيسي لتلك الحملة المنظمة، كسر روح الشعب الفلسطيني في مواجهة أحد أخطر معارك الدفاع عن هوية الأرض والقضية.

الرسائل العبرية، لا تهدف لكشف خبر فحسب، بل ترمي لتكريس “عزلة العرب” عن فلسطين، وان المعادلة التي كانت ترى في أي شكل من اشكال “التطبيع” يوازي درجة الخيانة القومية قبل الوطنية بات وراءنا، ولم يعد هناك أي قيمة أخلاقية – سياسية لمقررات الجامعة العربية حوله، بل ان اللجان والتقارير الخاصة عن تلك العلاقات لم يعد يسمع عنها خبرا، وتاهت في “سراديب” حركة فعل تطبيعي نشط وفاعل.

الرسائل العبرية، تبحث عن وضع معادلة جديدة بديلا لما كان في زمن الخالد جمال عبد الناصر، وعهد الثورة الفلسطينية حتى اغتيال الخالد ياسر عرفات، أن “التطبيع بات رغبة رسمية عربية”، علاقات تتسارع بين الكيان ودول عربية، يقابلها حركة تحديد في العلاقات الفلسطينية العربية (رسميا)، غياب لا يحتاج لقراءته بالعبري.

المناورة السياسية الإسرائيلية، عبر وسائل الإعلام العبري، أخذت في النمو السريع مع المعركة ضد المشروع التهويدي – التوراتي (الضم وخطة ترامب)، اعتقادا أن تلك الأخبار ستساهم في وقف حركة الاندفاع لمواجهة ذلك الخطر.

من حيث المبدأ، نعم حركة التطبيع تسارعت، وكثيرا منها أصبح علانية، ولم يعد هناك من “رادع عملي” للحد منها، في ظل موقف رسمي فلسطيني (حكومتي الأمر الواقع في الضفة وقطاع غزة) يشارك عمليا وموضوعيا في تمرير تلك الرسائل العبرية، بل ان الجانب الرسمي في الضفة الغربية، لعب دور السمسار لعلاقات عربية مع إسرائيل، وسهل أمر البعض الآخر وصمت كليا على غيرها، ولم يتململ سوى مرة واحدة تعلقت بالإمارات، والمفارقة انه وحماس توافقا على تلك “الململة”، وتوافقا أيضا على الصمت أو تسهيل علاقات غيرها.

(..) فيما هي وحركة حماس، تمارسان قمة النفاق السياسي، بل وغير الوطني، بتقديم الشكر ليلا نهارا لدولة قطر وأميرها، وهي أكثر الدول العربية خدمة للمشروع التطبيعي الإسرائيلي، تلعب دورا في كبح جماح حركة المواجهة، وكانت المحور المركزي لترتيب عملية الانقلاب الحمساوي يونيو 2007، وأصبح المال القطري مسيرا لخدمة الهدف الإسرائيلي واحد مظاهره الراهنة “التهدئة مقابل المال”، فيما تلعب راهنا دورا في ترتيبات “نظام ما بعد عباس”، وحكم المحميات السبعة في الضفة والنتوء الكياني في غزة.

الموقف الرسمي الفلسطيني وموقف حماس من تركيا يشكل نموذجا ساطعا للنفاق السياسي، حيث العلاقات التركية مع إسرائيل في زمن أردوغان وصلت الى مراحل غير مسبوقة أمنيا واقتصاديا.

مثل هذه السياسة تمثل القناة الرسمية لتمرير أي علاقات “تطبيعية” بين الكيان ودول عربية، سرا او علانية، مضافا لها، وهو عنصر مركزي آخر، غياب المواجهة الحقيقة الشاملة للمشروع التهويدي في ظل انقسام كان القوة الرافعة لتمرير ذلك المشروع المعادي.

الواقع الرسمي الفلسطيني بطرفيه فتح وحماس وعبر سلطتيهما، لعب دورا مركزيا فيما وصلت اليه حالة الانحدار الرسمي العربي مع دولة الكيان الإسرائيلي.

ورغم تلك الانحدارية الرسمية، يجب التدقيق انها ليست سوى علاقات “فوقية” من الصعب تمريرها شعبيا، وهو المحور المركزي، الذي لو استشعر حضور فلسطيني كفاحي حقيقي، سينهي زمن “الردة السياسية” القائم، وانطلقت مواجهة شعبية لتغيير المعادلة كليا، ولأصبح الغضب الشعبي العربي الحاضر الطارد لذلك “الزواج غير المشروع”.

دون حركة فعل حقيقي لا مكان لوقف انحدارية المشهد العربي…أغلقوا أقدامكم كي لا يستمر مرور الرسائل العبرية من بينها، وأرفعوا ايديكم لصفع العدو الغازي، كي ينتفض من غاب عنكم.

ملاحظة: أثار حديث رئيس الحكومة د. اشتية مطالبته “العشائر” للمساعدة في فرض إجراءات مكافحة كرورنا غضبا شعبيا…والصراحة هم على حق…العشائرية ليست حلا يا دوك والباقي عندك!

تنويه خاص: للمرة الأولى منذ عام 2007 يسمح لرئيس حماس هنية بمهاتفة محافظ ليتفقد الرعية في المحافظة…يبدو ان ملامح التقاسم الوظيفي لحكم “المحميات السبعة” تطل برأسها من “الخليل”.. ويا رحمن يا رحيم!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى