أقلام وأراء

حسن عصفور يكتب – حوار القاهرة 2 …أسئلة حول المنظمة ودولة فلسطين

بقلم حسن عصفور/

بعد شهر وقليل، تلتقي فصائل “العمل الوطني” المعترف بها رسميا، لمتابعة ما بدأ في 8 فبراير من حوار فلسطيني – فلسطيني، لبحث انتخابات المجلس الوطني بصفتها المرحلة الثانية من “رزمة الاتفاقات”، وموضوعيا اللقاء بذاته جاء “ترضية سياسية” لحركة حماس، كتعويض نفساني عن تنازلها حول “توازي الانتخابات” وليس تتاليها، كيلا تكون وقعت في “مصيدة الرئيس محمود عباس”.

مناقشة انتخابات المجلس الوطني، والآليات الخاصة بها، تمثل قضية معقدة وشائكة، خاصة في مناطق الوجود الفلسطيني في الدول العربية، التي لا ترحب بل وتعارض القيام بأي عملية انتخابية خاصة للفلسطينيين، ما يفرض “قيودا” عملية على كيفية توزيع التمثيل “الحصصي” للفصائل التي يفترض انها ستشارك في المجلس الوطني، بصفته برلمان منظمة التحرير.

وضع معايير التمثيل، قد تكون هي القضية الأكثر ارباكا، خاصة لفلسطيني الأردن ومصر وسوريا ودول الخليج، حيث لا يوجد “نشاط سياسي فلسطيني” للقوى المشاركة في حوار القاهرة 2″، ولذا من الصعوبة تحديد أسس متفق عليها، بعيدة عن “فوقية تنظيمية”، ما سيجبر على البحث عن “وسائل غير تقليدية” كي يمكن مشاركة الجميع، خاصة وأن مندوبي هذه المناطق سيكون “ثقلا خاصا” في تكوين المجلس القادم.

وفي الأمريكيتين وأوروبا وأفريقيا وآسيا يمكن وضع قواعد انتخابية فلا يوجد عوائق تمنع ذلك، سوى القدرة على تنفيذ تلك الانتخابات، ولكن في حال غيابها أيضا سيكون الأمر مربكا لكيفية الاتفاق على ممثلي المجلس، رغم أنها اقل إشكالية من الحضور في الدول العربية.

وستفرض قضية الفلسطينيين غير المنضمين للفصائل أو ما يسمى بـ “المستقلين”، والذي لا إطار لهم، ومشاركة بعض شخصيات في الحوار لا صلة له بالحضور العام، بقدر ما هو “ترضية” للبعض من رجال الأعمال في الضفة وقطاع غزة في حينه.

وبالتأكيد، ستكون قضية عضوية المنظمات الشعبية “عقدة” خاصة نظرا لعدم وجود حكرتي حماس والجهاد ضمن عضوية تلك المنظمات، ما سيؤدي الى نقاش خاص حلو آلية التمثيل لتلك المنظمات.

ومن العضوية وآليات التكوين، الى المسألة الأكثر حساسية، بل قد تكون هي العنصر الأبرز المفترض نقاشه بطريقة خاصة، المتعلقة بالميثاق الوطني، من حيث المضمون السياسي والبعد التمثيلي بين “عناصر النظام السياسي الفلسطيني”.

فالجانب السياسي في الميثاق، كان يتطلب “تعديلا” يتوافق مع رسائل الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير ودولة الكيان، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى ساعته، رغم قيام بعض الأطراف بنشر “أكاذيب” حول تعديل الميثاق خلال زيارة الرئيس الأمريكي بيل كلينتون الى غزة نهاية 1998، بعد عقد جلسة احتفالية غير رسمية لأعضاء من المجلس الوطني، وسأل هل تريدون تعديل الميثاق، ولم يسجل ذلك أبدا كقرار رسمي، ولذا يجب التفكير جيدا في هذه المسألة، وكيفية تناولها، لما لها أثر كبير على العلاقة مع إسرائيل، ولتجنب حساسية الأمر، يمكن عدم فتح تعديل الميثاق سياسيا، والاكتفاء بقرار المجلس الوطني حول تشكيل لجنة خاصة للنظر فيما يجب القيام به.

ولكن، القضية الأكثر أهمية، والتي يجب مناقشتها بعيدا عن العصبوية، ما يتعلق بتحديد النظام السياسي الفلسطيني، وهل هناك من حيث المبدأ اعتراف به، وما هي حدوده، هل هو السلطة الفلسطينية التي تحدث عنها بيان القاهرة في فبراير 2021، أم هي دولة فلسطين وأراضيها في الضفة والقدس وقطاع غزة، وفقا لمرسوم الرئيس محمود عباس حول الانتخابات، ام هي دولة فلسطين حسب قرار الأمم المتحدة رقم 19/ 67 لعام 2012، والذي تعزز بتفسير المحكمة الجنائية الدولية.

وهنا، ما هي علاقة الفلسطيني بذلك النظام، فهل ستكون “دولة لمواطنيها”، ام دولة لسكانها، وبين المسألتين فارق كبير، وهي من سيحدد العلاقة بينها وبين منظمة التحرير الفلسطينية.، حيث سيتقرر مصير التمثيل والقرار السياسي، فلو تم الاتفاق على دولة فلسطين لكل مواطنيها، يصبح موضوعيا الحديث عن منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد غير دقيق، وعليه لا بد من تحديد تعريفي جديد، يتناسب والتمثيل الجديد، خاصة وأن الاعتراف العالمي يتجه نحو الدولة وليس المنظمة، وتلك مسألة رغم حساسيتها الوطنية، لكنها ضرورة سياسية – قانونية.

وحسم الأمر التمثيلي سيفرض نقاش المهام والواجبات وطبيعة التكوين القيادي لمؤسسات منظمة التحرير، والدور المناط بها، الى جانب دولة فلسطين.

الأسئلة التفصيلية من النقاط السابقة عديدة ومعقدة في آن، وربما تصطدم ببعد عاطفي تاريخي، لكنها أصبحت واجبة لو حقا يراد تطوير الواقع الفلسطيني دولة وكيان ومنظمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى