أقلام وأراء

حسن عصفور يكتب – “حل الدولتين” لخدمة “يهودية” إسرائيل!

حسن عصفور ٣-٣-٢٠٢١م

منذ ان بدأت الإدارة الأمريكية الجديدة عملها السياسي، وبعد تعيين أنطوني بلينكن وزيرا للخارجية، اخذت تعابير سياسية تشتق مسارها وكأننا أمام “مراسيم” خاصة يراد شرعنتها عربيا ودوليا، تحت “نقاب” خاص.

الوزير الأمريكي بلينكن، يهودي الديانة، يصر بشكل مثير للريبة السياسية على ربط موقف الولايات المتحدة من “حل الدولتين، بما يعرف في دولة الكيان بـ “قانون القومية”، الذي تم اقراره رسميا وبعد حالة من الجدل المثير، في الكنيست يوليو 2018، قانون وصفه بعض “اليهود” قبل العرب بأنه “عنصري بامتياز”، حيث عرف إسرائيل بأنها “الوطن القومي للشعب اليهودي”.

القانون الذي يعمل الوزير الأمريكي اليهودي على ترويجه تحت غطاء “حل الدولتين” يمثل رسالة سياسية لا تقل خطورة عن خطة ترامب السياسية، فالوزير يصر على تكريس “العنصرية السياسية” تجاه 20% من السكان الأصليين الذي ارتضوا البقاء فوق أرض فلسطين التاريخية في ظل نظام اغتصب أرضهم.

القانون يمنح اليهود حق تقرير المصير دون غيرهم، وأزاح قيمة اللغة العربية من لغة رئيسية ثانية الى لغة لها مكانة خاصة، مؤكدا على “شرعنة المستوطنات” في الضفة والقدس باعتبارها جزء من “دولة ليهود”.

مسألة ربط شعار “حل الدولتين” بالحفاظ على “يهودية إسرائيل وديمقراطيتها” هو أخطر كثيرا مما سبق أن تقدم به ترامب وكوشنير، من حيث تشريعه للبعد العنصري في النظام الإسرائيلي ضد السكان الأصليين، مع تمرير البعد الديني، متجاوزا الحقيقة السياسية، التي كانت قائمة ما قبل القانون العنصري.

من باب التذكير، فشعار “حل الدولتين” هو شعار أمريكي تم عرضه في يونيو 2002 من قبل الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن، ليس بحثا عن حل سياسي للصراع بل “حلا للخلاص” من زعامة الخالد ياسر عرفات، ولم تفعل منذ اغتياله خطوة واحدة لتنفيذ الشعار المذكور، كونه لم يكن معروضا للتنفيذ بل “نقابا” لتصفية الرئيس الشرعي للشعب الفلسطيني، ومؤسس الكيانية المعاصرة.

لو أن الأمر بحثا عن حل سياسي حقيقي للصراع، وتريد أمريكا حماية إسرائيل من تطرفها، بالتأكيد ليس الذهاب لـ “شرعنة” قانون عنصري ودفعه كأحد “مصادر التسوية السياسية” للصراع الفلسطيني الإسرائيلي في المنطقة، عبر اشكال مختلفة، فأي ربط بين حل الصراع والقانون العنصري ليس سوى الدفع بـ “تهويد التسوية القادمة”، كشرط أمريكي جديد، كما سبق ان كرست “تهويد البراق”، عبر استخدامها تعبير غريب (الحرم القدسي – الهيكل)، وللأسف مر ذلك المصطلح التوراتي دون أدنى معارضة من السلطة الفلسطينية وفصائل “الجعجعة الكلامية”.

وكي لا يصبح موقف الإدارة الأمريكية السياسية الجديدة حول ربط “حل الدولتين” بشرعنة “القانون العنصري، يجب أن تتوقف فلسطين قبل غيرها، امام الرفض الصريح لذلك الربط السياسي التوراتي الخبيث، خاصة مع عودة بعض ملامح “الروح السياسية” لبحث قواعد حل سياسي بأفق جديد للتسوية السياسية.

وربما أصبح ضرورة أكبر، بالوقف الكلي عن استخدام تعبير “حل الدولتين” والعودة لأصل الحكاية بالإشارة الى إقامة دولة فلسطين الى جانب دولة الكيان، وفقا للشرعية الدولية بكل مكوناتها من قرار 19/67 2012 حتى قرار المحكمة الجنائية الأخير في فبراير 2021، وما بينها.

إصرار الوزير الأمريكي اليهودي على ربط حل الدولتين بـ “القانون العنصري”، عندها يصبح من حق الرسمية الفلسطينية أن تعود لربط الحل العام وفقا لقرار التقسيم 1947، بعيدا عما به من ظلم تاريخي للشعب الفلسطيني، من أجل إعادة الاعتبار لـ 20% من سكان فلسطين الأصليين، ليكونوا جزءا من “دولتهم القومية”، وذلك لا يمثل تطاولا على الشرعية الدولية، بل هو التزام حقيقي بها.

التمسك بـ “القانون العنصري” يجب أن يقابله الحق بالتمسك بـ “قرار التقسيم” 1947، خاصة وأنه من صلب الشرعية ولا يوجد ما يلغي ذلك القرار…فتقرير المصير ليس حقا لجهة هي أصلا مغتصبة، فيما يحرم أهل الحكاية من ذلك الحق…ولهم الخيار وليس لنا!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى