أقلام وأراء

حسن عصفور يكتب – توقيع سبتمبر 1993 وسبتمبر 2020…الفرق والدلالة السياسية!

بقلم حسن عصفور – 16/9/2020

في 13 سبتمبر 1993 وقع الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي اتفاقا في حديقة البيت الأبيض بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة الكيان الإسرائيلي، وبحضور عالمي نادر في مثل الاتفاقات، كونها “لحظة تاريخية” نحو وضع بداية جديدة لسلام بين طرفي الصراع المباشر.

ولكن، ولأن دولة الكيان لا تبحث سلاما حقيقيا مع الفلسطينيين، اغتالت بعد سنيتن فقط 1995 اسحق رابين لاختياره الطريق “المرفوض” وفقا لليمين واليمين المتطرف في إسرائيل، الذين لا يرون سلاما أبدا مع الطرف الفلسطيني، حسب معادلة أقرتها كل قرارات الشرعية الدولية قبل الشرعية الفلسطينية، فالسلام عندهم يجب أن يكون فقط على أنقاض “الكيانية الفلسطينية”.

يوم 15 سبتمبر ستوقع بعض الأطراف العربية (الإمارات والبحرين) اتفاقا لسلام بينهما مع دولة الكيان، وفي حديقة أصغر من حديقة التوقيع الفلسطيني، وبغياب أي حضور عالمي – عربي خلافا لتوقيع اتفاق 1993، وتلك ليست مشكلة شكلية أبدا، بل هي تلخيص مكثف جدا للواقع السياسي القائم في المنطقة.

غياب الحضور، غير أطراف الاتفاق، يؤكد ان “الحدث التطبيعي” المستحدث ليس انعكاسا لتغيير جوهري في معادلة الصراع الرئيسي في المنطقة، بل حلا لجانب هامشي لن يلغي أبدا الحقيقة الثابتة منذ بدء الصراع، أن السلام لن يكون “واقعا أبدا” دون سلام حقيقي مع الفلسطينيين، وفقا لقرارات أصبحت قاعدة في القانون الدولي، دولة فلسطينية في الضفة والقدس وقطاع غزة.
المشاركة العالمية لحدث 13 سبتمبر 1993، كانت هي الشاهد الأبرز بأن قلب الصراع من فلسطين، بها البداية واليها النهاية، وتلك هي الحقيقة التي تغيب عن كثير من المندفعين بلا ذكاء تهويلا بما سيكون من “علاقات” بين دول عربية والكيان، وقياسا لن يحدث أي تغيير مركزي في الواقع السياسي في النظر الى إسرائيل بكونها دولة احتلال، ولن تنتهي تلك الصفة مهما حدث.

المسألة ليست “غرورا” بالقول أن لا سلام دون فلسطين، ولكنه انعكاس للحقيقة أن الاحتلال الإسرائيلي هو الحقيقة القائمة ما لم تتغير دولة الكيان، ولذا ليس صدفة أن يحاول مؤيدو الاتفاقات التطبيعية الجديدة عربا وغير عربا ربط السلام بتحقيق قيام دولة فلسطينية، ما يؤكد أن السلام الشامل بلا فلسطين ليس سوى “وهم إسرائيلي” لا أكثر.

وقبل أي اتفاق مستحدث، هناك بعض من الأسئلة التي يتوجب على الإسرائيلي الذي هو وليس الفلسطيني عليه أن يتعلم من التاريخ:

 *هل لتلك الاتفاقات أن تضع حدا لمقاومة شعب تحت الاحتلال؟

*هل لتلك الاتفاقات أن تمنح الأمن للإسرائيلي في تل أبيب والقدس وكل أرض فلسطين؟

*هل لتلك الاتفاقات أن تدفع الإسرائيلي تخفيف قواه العسكرية والحد من الانفاق الأكبر عليها؟
*هل ستمكن تلك الاتفاقات الإسرائيلي أن يسير بشكل طبيعي كأي مواطن في البلدان العربية، أي بلد بما فيها آخر الموقعين؟
*هل ستخلق تلك الاتفاقات تغييرا في التعامل مع شرعية الكيان في الأمم المتحدة؟
*هل ستلغي تلك الاتفاقات واقع أن فلسطين دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة؟

*وقبل كل ذلك هل يتوقع الإسرائيلي أن يرفع الفلسطيني راية استسلام، تلك التي فشلت منذ عام 1948، أي كانت الظروف والانكسارات والهزائم؟

لو تمكن الإسرائيلي في تحقيق كل ذلك دون سلام فعلي مع الفلسطيني سنقول لهم مبروك “ضاعت فلسطين”…لكنه الوهم الأبدي الذي لن يكون!

ملاحظة: الجنرال أشكنازي وزير خارجية الكيان يقول على الفلسطيني أن يتعلم صناعة السلام من الخليج…وزير محتقر من قبل رئيس حكومته منعه من حضور “الحفلة” لا يمكنه أن يكون ناصحا…مش هيك برضه يا جنرال الفشل!

تنويه خاص: مجددا للفلسطيني أينما كنت، أغضب كما تشاء، تحدث ما يجب أن يكون من أجل فلسطين لا غيرها…ولكن حذار من الذهاب بعيدا بالإساءة لشعوب ورموز شقيقة…تذكر أن الغضب مؤقت ولكن آثاره المصائبية قد تدوم!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى