أقلام وأراء

حسن عصفور يكتب الى قيادة حماس: لستم “البديل المنتظر”…فحاذروا!

حسن عصفور 8-6-2021

سارعت حماس، وقبل غيرها، من قوى معركة الـ 11 يوما مع دولة الكيان الى العمل لقطف ثمار الحدث سياسيا، وتكريس انها دون غيرها من صنع “الفخر الوطني”، وذهبت الى عمليات استعراض عسكرية لم تكن يوما جزءا من سلوكها العام، ليس لعجز بل لأن الأمر مرتبط بالعلاقة بينها وأهل قطاع غزة، الذين يعيشون واقعا هو الأصعب إنسانيا منذ انقلابها يونيو 2007.

مبدئيا، حق لحماس أن تبرز قيادتها ودورها في “الحدث الفلسطيني” طوال الـ 11 يوما، وما كان له من أثر يمكن اعتباره نقطة فصل سياسية، لو تم التعامل معه كحدث وطني، وليس استثمارا حزبيا، ومن حقها أن ترى فما كان تعزيزا لدورها ومكانتها في المعادلة السياسية الفلسطينية، بل وتفرض رؤية ليست كما كانت قبل “الحدث المايوي”.

وبعيدا عن البعد الاستعراضي الذي سيكون له عواقب غير مفيدة لاحقا، بل وستيرك آثارا منفرة، ما لم يرتبط ذلك بالبحث عن مخارج فعلية للمحاصرين وطنيا وإنسانيا، وما يرتبط به من إعادة إعمار سياسي وبنائي، كون المعركة كما قالت أطرافها المسلحة، انها تهدف لنصرة القدس وليس لنصرة فصيل، ودون تحقيق تقدم حقيقي في مسار الإعمار السياسي والإنساني سيكون للحرب نتائج أخرى، وليت البعض يعود بالذاكرة للأيام التي تلت الحروب الثلاثة ضد قطاع غزة، وما كان من ترويج وفرح واستعراض وما أصبح المشهد لاحقا.

ولكن، قد تمر حركة البعد الاستعراضي لحماس لخطف ما يمكن خطفه من “مرابح سياسية” قبل تبريد الجبهة النارية، سريعا، وتترك اثرا ما ليس بالضرورة أن يكون إيجابا، ولكن الذي قد لا يمر أبدا، بل ويفتح سياق من مسار ردة كبرى، ان يذهب البعض في حماس، بوعي أو بدونه، مخطط أم رد فعل غروري، الى بث مشروع أنها “البديل المنتظر”، على طريقة “المهدي المنتظر”.

ولأن المسألة ليست “مجاملة سياسية”، فما بدا يتسرب من بينكم كلاما ونثرا وحركات مفتعلة لا تبشر “خيرا سياسيا” ابدا، وتعيد فتح باب الجدل، الذي كان يجب أن يغلق مرة واحدة والى الأبد، حول المواقف من منظمة التحرير والثورة، وتأسيس الحركة الإسلاموية في أواخر الثمانينات، ظروفا ودوافع واحتضان، جدال قد يطيح كثيرا بما بات “ربحا وطنيا”.

أن تستعرض حماس قواتها في قطاع غزة تعزيزا لمكانتها في حكم القطاع والسيطرة عليه شيء، وان تنقل تلك الحركة الاستعراضية على التاريخ الوطني شيء آخر تماما، وذلك أول درس عليها أن تدقق كثيرا في حروفه، التي كان ثمنها ألاف من الشهداء بينهم قيادات الثورة وعلى رأسهم الخالد المؤسس ياسر عرفات، ومئات ألاف من الجرحى وآلاف من الأسرى، صنعوا “حكاية وطن”، وأعادوا رسم القضية الفلسطينية ليس على “خريطة وهمية” بل على أرض فلسطين لتؤسس أول سلطة كيانية في التاريخ، وأصبحت فلسطين بفعل تاريخ ثورة وشعب عضوا في الأمم المتحدة، وحاضرا بقوة في المجتمع الدولي.

حماس القيادة قبل العناصر، عليها مراجعة كل ثقافتها ما قبل معركة الحدث الفلسطيني، قبل أي فصيل آخر، وان تقف أمام دروسه السياسية الكبرى وتحدد خياراتها بكل وضوح، هل هي جزء من الحركة الوطنية الفلسطينية تاريخا ومستقبلا، أم أنها حركة نشأت موازية بتاريخ مواز لتصبح “البديل الشامل” لكل ما سبق…

لا يوجد منطقة وسطى بين الخيارين، وهي وليس غيرها من يقرر، أي خيارين تريد، وعندها لكل خيار رد ورد …وسنترك مناقشة تفاصيل ذلك انتظارا لمعرفة أي خيارين تريد، مع قرصة سياسية لا يجب أن تفوت أمرها على قيادة يفترض أنها باتت على اطلاع عام، أن فلسطين لن تسمح لحركة “طائفية” ان تبني مستقبلها…

ونصيحة سياسية، على قوى الحوار الفلسطيني ألا تذهب الى القاهرة، قبل أن تعلن حركة حماس خيارها…دون ذلك تسيرون بأقدامكم الى هاوية تحضير “البديل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى