أقلام وأراء

حسن عصفور يكتب – “السيادة الأمنية الإسرائيلية” على الأغوار… في زمن التطبيع!

كتب حسن عصفور/

بات من الضروري للرسمية الفلسطينية، ان تعيد تريب أوراقها السياسية للمرحلة “التفاوضية القادمة”، بعيدا عن السائد منذ عام 2005، كلاما وأرقاما بلا محتوى ولا مضمون، ورد فعل بلا فعل، سمة لمرحلة لم يكن الحديث من حيث المبدأ عن التفاوض ضرورة فلسطينية.

كانت تلك التحركات استجابة لرغبة أمريكية – إسرائيلية، كي يتم احتواء نتائج الغضب الوطني العام بعد اغتيال المؤسس الخالد ياسر عرفات، فيما تركت قطاع غزة “مسرحا” لصراع يخدم رؤيتها، التي بدأت تنفيذها عمليا بضرب بني الكيانية الفلسطينية الموحدة في الضفة والقطاع، بعد إعادة احتلال الضفة، وإلغاء جوهر الاتفاق الانتقالي، ومنع إعادة الانتشار الشامل تمهيد لمفاوضات الحل النهائي.

ورغم تغيير قواعد التفاوض جذريا من قبل الطرفين الإسرائيلي والأمريكي، وخاصة ما حدث في قطاع غزة دون تنسيق مع “الشريك”، لم تذهب “الرسمية الفلسطينية” لأي تقييم جاد عملي لكيفية مواجهة المرحلة الجديدة، واعتمدت أسلوبا ذاتيا فردانيا بعيدا عن “إطار عمل وآلية” خاصة، ومنطقي النتيجة فشل في الرؤية وفشل في أي اشتباك تفاوضي مستندا لما للطرف الفلسطيني في اتفاق إعلان المبادئ.

مرحلة تقييم المرحلة السابقة، بكل تفاصيلها التفاوضية يجب أن تصبح أولوية مهمة أمام الرئيس محمود عباس بلا انتظار غير مفهوم، خاصة وهو من ينادي بعقد مؤتمر دولي لرعاية المفاوضات في يناير 2021، ولذا غياب “مرجعة التفاوض” يمثل “لغزا” غير مبرر، كاستمرار للنظرية الساذجة التي سادات طوال 16 عاما.

بالتأكيد، الأمر لا يجب أن يذهب تفاوضيا لتفاصيل كما كانت مفاوضات أوسلو، بل لوضع إطار حل شامل جوهره قرار الأمم المتحدة حول دولة فلسطين، ودراسة العلاقة بين دولتي فلسطين وإسرائيل، بمختلف القضايا العالقة – المتداخلة، بما يضمن “السيادة الفلسطينية” للدولة أرضا وجوا، مع وحدتها الجغرافية، وبحث عن حل خاص للقدس كعاصمة لدولة فلسطين، انطلاقا من قرار الأمم المتحدة الخاص بها عام 1948، وأسس حل قضية اللاجئين.

وفي السنوات الأخيرة، أطلقت حكومة نتنياهو، ما أسمته “السيادة الأمنية” لإسرائيل في الجو ومنطقة الأغوار ضمن مفهوم نظرية الضم – التهويد، والتي لم تكن يوما جزءا من أي قضايا تفاوضية بالمعني “السيادي”، ولذا أصبح ضرورة ان تولي الرسمية الفلسطينية والرئيس عباس أهمية خاصة واستثنائية لوضع “رؤية فلسطينية متكاملة” لمفهوم “السيادة الأمنية” لدولة فلسطين، كرد استراتيجي على “النظرية الإسرائيلية”، خاصة في منطقة الأغوار.

والقاعدة الرئيسية التي يمكن ان تنطلق منها الرؤية الفلسطينية، هي تحديد الأمن وفقا للمصالح و”الأعداء”، المحيطين بفلسطين التاريخية خاصة بعد أن اكتمل “عقد التطبيع” في مناطق رئيسية حولها، ولذا لا يمكن لدولة الكيان أن تتعامل مع المشهد العام، متجاهلة اتفاقات التطبيع المتلاحقة بل والمتسارعة بطريقة أقرب الى “الشراكة السياسية”، تفوق ما بين مصر والأردن معها.

كسر جوهر النظرية الأمنية الإسرائيلية في السيادة على الأغوار، يبدأ من هنا، ويمكن وضع قواعد لأسس “تعاون جديد” بين دولتي فلسطين وإسرائيل وفقا لقواعد تحترم القانون والسيادة، ولا يوجد ما لا يمكن تناوله في ظل سلام حقيقي بين الدول.

آن أوان تشكيل “الفريق التفاوضي” الفلسطيني بكل طواقه، والكف عن العنترية في التعامل مع أخطر قضية تتعلق بالمستقبل الوطني، خاصة وأن قاطرة الزمن السياسي لا يمكنها أن تنتظر “بليدا” أي كان مسماه.

لا وقت للفراغ… لا وقت للانتظار…ولا مكان لـ “السذاجة السياسية”!

ملاحظة: ما أقدمت عليه حركة حماس عبر ما تسميه “أوقفاها” ضد احتفال فلسطين بعيد المسيح جريمة سياسية كاملة، يجب ألا تصمت عليها قوى تدعي أنها وطنية…المساس بالنسيج الوطني كان هدفا صهيونيا ولا زال فإجتنوبه رجما بمن يشيعه…أو أخرسوا الى الأبد!

تنويه خاص: الشيخ داوود عريقات رحل أبو سلام وترك لنا عوده عنوانا لعزف نشيد الوطن…مات الشيخ ولن تموت ما دفع حياته وليس من حياته ثمنا…سلاما لك أيها “الشيوعي النبيل”…ستبقى علامة مسجلة شيخا شيوعيا عازفا لحنا للحياة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى