أقلام وأراء

حسن عصفور يكتب – الجنائية الدولية: إسرائيل “الطريدة” والانتخابات الفلسطينية “الرهينة”!

بقلم حسن عصفور ٥-٣-٢٠٢١

للمرة الثانية، وخلال أقل من شهر، سجلت “المحكمة الجنائية الدولية” قرارين يمكن اعتبارهما تاريخيين من حيث القيمة والدلالة السياسية، فبعد قرارها الأول باعتبار نطاق صلاحيتها يشمل “أراضي دولة فلسطين” في الضفة والقطاع والقدس، دون أي إشارة لـ “تعديل” لحدودها في يوم 5 فبراير 2021، أعلنت يوم 3 مارس 2021، قرارا تاريخيا تكميليا، بأنها قررت فتح تحقيق حول جرائم حرب دولة الكيان، جيشا ومؤسسة ضد الشعب الفلسطيني.

القرار الأول، حدد بعدا سياسيا مكملا أو موضحا لقرار الأمم المتحدة رقم 19/ 67 لعام 2012 حول عضوية دولة فلسطين وحدودها، بأن أزال أي التباس حول ما لفلسطين الدولة من حدود واضحة، ولذا قد يكون بعده السياسي يفوق كثيرا أي قرار آخر، بما فيه قرار فتح التحقيق، رغم قيمته القانونية والأخلاقية أيضا، لعقاب من هرب كثيرا عن جرائمه التي لم تكن فقط عام 2014 خلال الغزوة العدوانية ضد قطاع غزة…فسجل الجريمة بدأ ما قبل قيام دولة غازية ولا زالت مستمرة…ضد الأرض والإنسان.

هستيريا قادة الكيان، ساسة وأمنيين ومعهم وسائل إعلام وصحفيين، بعد أن أصدرت المدعية العامة بفتح التحقيق، كشف هشاشة تختفي تحت ستار القوة العمياء، وأن دولة تحتل أرض وشعب وتمارس عنصرية صريحة بقانون، كيف أنها ارتعشت قبل أن يبدأ التحقيق بعد، وأظهرت أن “الإرهاب” ليس سلوكا وممارسة فحسب لها، بل هو جزء تكويني – جيني لفكرها، حيث كان ردها على القرار الجنائي، بتهديد السلطة الفلسطينية، ومسؤوليها، بمن فيهم رئيسها محمود عباس.

بعيدا عن رفض دولة الكيان للقرار، فما صدر من ترهيب الطرف الفلسطيني هو ما يستحق التفكير الأعمق، قبل الذهاب لتحليل قيمة قرار المحكمة الجنائية الأخير، تهديد يمس من هو صاحب حق وفق التاريخ، وأيضا وفق الاتفاقات التي كانت يوما دولة الكيان طرفا فيها، قبل أن تنقلب عليها لتعود لجوهرها الاحتلالي بديلا لمحاولة “صناعة السلام”.

“التهديد – الترهيب” الإسرائيلي العام لقيادة السلطة ورئيسها، هو الطلقة الأولى في رصاص جيش المؤسسة الصهيونية، وقد يكون الأقل كلفة لها، فهي قد تجد ذاتها أمام اللجوء الى وقف العملية السياسية المستحدثة، عبر الانتخابات الفلسطينية العامة كونها محاولة “رسمية – حزبية” لتجديد “شرعية النظام” بعد أن أصابه “العفن الانقسامي”، والحق بجسده أمراضا قد يكون بعضها أعمق من علاج سريع.

دولة الكيان، والتي ستجد نفسها “عارية” أمام الحقيقة القانونية الدولية، ولن تخدمها إدارة بايدن (الصهيونية – اليهودية) كثيرا، لعرقلة مسار القرار، بل قد لا ينفعها رهان على المدعي البريطاني الجديد، كونه قد يصاب بحالة ارتعاش من هجوم عدواني عام بسبب ديانته المسلمة، فما حدث يفوق البعد الشخصي، كونه انعكاس لحقائق استمر البحث فيها من مكتب المدعي العام طوال خمس سنوات، دون العودة لتقرير “غولدستون” الأشهر بعد الحرب الغازية ضد قطاع غزة 2008، وما تركت من جرائم حرب لا زال كثيرا منها شاهدا.

رسائل الترهيب الإسرائيلية الفورية، وهي قد تكون المرة الأولى منذ سنوات، التي تشير اليها المؤسسة الفاشية الحاكمة في تل أبيب وإعلامها المسموم حقدا ضد “الفلسطيني”، هي رسالة هدفها قطع الطريق على التعاون الرسمي مع المحكمة الجنائية، كونها ترى أن ذلك وحده كاف لتعطيل القرار الجديد، وتعتقد أن “رسائل الترهيب” قد تكون السلاح الأهم لها، لتحقيق غايتها، كما حدث يوما مع تقرير “غولدستون” بعد طلب الرئيس محمود عباس وقف التعامل معه، فسجلت أمريكا والكيان نصرا سياسيا – قانونيا.

هل تصبح العملية الانتخابية الفلسطينية “رهينة” في يد دول الكيان، تستخدمها لتعطيل قرار المحكمة الجنائية، اعتقادا أن جناحي السلطة مصابين بعاهات مرضية تبحث علاج بعضها من “صيدلية الانتخابات”، علما أنها بالأصل تمثل “فائدة سياسية – قانونية” لإسرائيل كونها تطيل أمد احتلالها وتشرعن بعض مظاهر تهويد في القدس ومحيطها، وتعرقل إعلان دولة فلسطين الحق المعتقل بقرار ذاتي.

مبكرا، وقد أن تبدأ حركة الترهيب الإسرائيلية بالفعل، يجب على الرئيس عباس قبل غيره، ان يعيد النظر في “آلية العمل” التي فقدت كل أركانها، والانتقال الى مرحلة تعيد هيبة المؤسسة الرسمية، تنفيذية وأطر جماعية، وأن يعلن عن تشكيل “لجنة التنسيق الوطني” من مكونات حوار القاهرة، لتصبح أداة عمل لما سيكون، من مواجهة قد تكون أقرب مما يعتقدون.

“تشكيل “لجنة التنسيق الوطني”، مع إعادة احياء اللجنة التنفيذية خطوات ضرورية لمواجهة كل الاحتمالات التي قد تكون، بما فيها مسألة الانتخابات التي قد تتعطل بقرار إسرائيلي.

دولة الكيان، دخلت في لحظة من الهستيريا السياسية، لن تقف عند حدود التهديد، بل ستذهب بعيدا، وقد تستأجر “حربا مصغرة” علها تربك المشهد العام.

الحراك الرسمي الفلسطيني يجب أن يبدأ قبل أن يبدأ قبل “حراك معادي”…فلا تستخفوا بآثار الرعب الذي أنتجه قرار 3 مارس 2021 الجنائي الدولي.

ملاحظة: “الوزاري العربي” شكل مشهد احتفاليا “وحدويا” غاب زمنا طويلا، ولكنه كان مبتورا بغياب ركن رئيسي هو سوريا التي حضرت رغم عدم الوجود…صراحة صعب نقتنع أنها جامعة عربية بجد بلا “شآم أهلوك”…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى