أقلام وأراء

حسن عصفور يكتب إسرائيل كسرت أهم منجزات معركة مايو بالترهيب والتغرير والتجويع!

بقلم حسن عصفور 15-7-2021م

في عددها يوم 13 يوليو 2021، تناولت مجلة فورين بوليسي الأمريكية في تقرير مطول، عنونته بـ “وجد الفلسطينيون وحدة جديدة بعد الحرب مع إسرائيل”، رغم أن الحرب انتهت منذ ما يقارب الشهرين، لكن المجلة الشهيرة لم تتجاهل المسألة المركزية التي تجسدت خلال تلك الأيام المضيئة.

ويبدو، ان المجلة الأمريكية تجاهلت لسبب غير معلوم، ان الحدث الأبرز خلال تلك الحرب، بدأ يتبخر سريعا، بل ربما لم يعد منه أثرا حقيقيا، سوى الرغبة التي تبقى رغبة دائما للفلسطيني، ولكن الواقع غير التمني، والوحدة – التوحد أصبح أثرا سجله التاريخ ضمن مكاسب تلك المعركة.

ولأن الوحدة الفلسطينية، دوما هي السلاح الأهم في مواجهة كل مشاريع تصفية القضية الوطنية، فهو هدف مستمر للنيل منه أو كسره، وجاء الانقسام الكبير بعد انقلاب يونيو 2007، الهدية الأكبر لدولة الكيان، حيث منحها فرصة تاريخية لتمرير مشروعها التوراتي – التهويدي، ومنع قيام دولة فلسطين وفق قرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012.

مع وقف إطلاق النار الأخير، بدأت خطوات “التخريب السريع” على مكتسبات معركة مايو، فقدمت إسرائيل كل ما يمكنها من مواد إعلامية، عبر أشكال ومسميات مختلفة، ركيزتها الرئيسية بناء جدار واق لمنع بناء الثقة بين الطرفين المركزيين في الحركة السياسية (فتح وحماس)، والذهاب الى تغذية سلطتي الانقسام.

بتدقيق سريع، كانت عناصر التخويف – الترهيب مع التجويع والتغرير، المكونات الأبرز كأسلحة من أجل “ديمومة الانقسام”، حيث لجأت الى ترهيب حركة فتح، بكل ما يمكنها، من أن حركة حماس ستعمل على الإطاحة بمكانتها القيادية ودورها التاريخي في منظمة التحرير والسلطة، بعد ارتفاع أسهمها بشكل كبير جدا، بين الفلسطينيين، وجاء أحد استطلاعات الرأي، الذي منح حماس تصويتا بما يفوق 54% مقارنة بنصفه الى فتح، ليكون “صاروخ إرهاب سياسي” عابر لكل “الحصن” ضد حركة فتح.

ومع مقتل نزار بنات، الذي لم يتم كشف ملابساته، ولما تم ذلك في هذا الظرف الدقيق جدا، هل هو خطأ نتاج عمليات غبية من الاعتداء، أم “جزء من مؤامرة” نفذت بمهنية عالية لوضع السلطة في “حرج سياسي كبير”، ويصبح أحد قنوات ترهيبها، لكشف عورتها داخليا وخارجيا، وقد حققت عملية مقتل بنات ما فاق كل التقديرات منها.

وبالمقابل، سارعت أطراف إقليمية بالعمل على “تغذية” غرور حماس وغطرسة بعض قياداتها، التي بدأت واضحة خلال معركة مايو، وبرزت بسرعة مع أول ساعات وقف إطلاق النار، فبدأت حركة الاستقبالات الرسمية لقيادة حماس، وتضاعفت حركة الهاتف، في ظل حصار نسبي للرئيس محمود عباس، ما أصاب حركة فتح برعب سريع، وبدأت تتوافق مع نظرية دولة الكيان المصدرة، بأن معركة مايو ليس سوى “مؤامرة” للإطاحة بها ومكانتها، فذهبت بعيدا سلوكا ومواقفا.

حماس، وبدلا من الاستفادة من حركة الوعي العام بمكانة فلسطين، وعودتها لتصبح محورا في الحراك الدولي، بالذهاب الى خلق بيئة وطنية مساعدة لكسر الانقسام، وتقديم رؤية للعمل المشترك لتعزيز ثقة أصابها ارتعاش داخل حركة فتح، ذهبت خلافا لذلك، وقدمت كل ما يمكنه من عناصر الشك والتشكيك، بأن ما تبحث عنه، ليس شراكة وطنية بل “إطاحة وطنية” وتشكيل بديل سياسي جديد، يتوافق مع التطورات الأخيرة.

والى جانب عنصري الترهيب والتغرير، استخدمت دولة الكيان، بكل “مهنية” قضية الحصار وما أنتجته الحرب العدوانية، من كوارث إنسانية، لتغير المعادلة السابقة بين حماس والكيان، “تهدئة مقابل مال” لتصبح “تهدئة مقابل قسائم”، وزعتها على ثلاث أشكال، طعام ووقود وخدمات اقتصادية، وعمليا اختفت مع المعادلة الجديدة، أي آثار لعملية سياسية في خدمة القضية الوطنية.

هل يمكن وقف مسار قطار حركة الانهيار الذاتي…ام تواصل الفصائل كل بطريق بحثها عن “نتاتيف ربح خاص”، ولتنتظر فلسطين زمنا غير الزمن…!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى