أقلام وأراء

حسن عصفور يكتب – إسرائيل بين مطرقة المحكمة الجنائية وسندان اتفاق أوسلو

بقلم حسن عصفور/

قرار المحكمة الجنائية الدولية يوم 5 فبراير 2021، باعتبار (أن اختصاص المحكمة القضائي الإقليمي فيما يتعلق بالوضع في فلسطين، الدولة المنضوية في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يمتد إلى الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967، وهي غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية)، مثل خطوة سياسية تاريخية لترسيخ مفهوم الكيانية الفلسطينية، من خلال قرار قانوني عبر هيئة أممية.

القرار الجديد، أدخل حركة ارباك سياسي لدولة الكيان الإسرائيلي، ربما هي الأبرز منذ ما بعد اغتيال الخالد ياسر عرفات عام 2004، وكذا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 19/ 67 لعام 2012، (رغم تجميد التنفيذ بقرار ذاتي رسمي فلسطيني).
قرار المحكمة الجنائية، كشف هشاشة العنترية التي حاول قادة الكيان تمريرها خلال السنوات الماضية، وكأن الأمر طاب لهم كي يواصلوا عملية التهويد العام للأرض الفلسطينية، في ظل واقع هش رسمي محلي وإقليمي، ولذا فتوقيت القرار الأممي يمثل بذاته قوة مضافة لدفع الحكومة الإسرائيلية الى زاوية لم تتمنَ يوما أن تذهب اليها.

ومنذ لحظات صدور القرار، وسلطات الكيان، الحكومية والقضائية تبحث بكل زاوية هروب من مصير طرق بابهم، ولم يعد مجرد إمكانية كما كان سابقا، ويختلف أيضا عما سبق كون آلية التنفيذ هي جزء من القرار، الذي شرعن بلا أي التباس حدود دولة فلسطين في الضفة والقدس الشرقية وقطاع غزة، ما يمنح القرار قيمة سياسية مضافة للحق القانوني الخاص بجرائم الحرب المرتكبة ضد الشعب والأرض في فلسطين، بما فيها جريمة حرب الاستيطان.
يبدو أن مطرقة “المحكمة الجنائية الدولية” التي أصابت رأس الطغمة الفاشية الحاكمة في تل أبيب، لم تصبها بدوار قضائي فحسب، بل دفعها لشكل من أشكال “الهذيان السياسي”، عندما حاولت بعض أوساطها الهروب نحو اتفاق أوسلو عله يسعفها في التصدي للقرار الأهم لحصار جرائم حرب دولة الكيان، بما فيه الاستيطان والتهويد للأرض الفلسطينية.

وتجاوزا، لموقف أطراف هذه الحكومة ورئيسها تحديدا، ممن قادوا أوسع مظاهرات ضد اتفاق أوسلو، واعتبروه يمثل خطرا على “الأمن القومي” وسلبا لجوهر الرواية التوراتية، ولكن مطرقة المحكمة الجنائية حققت ما كان “معجزة” في اللجوء الى اتفاق اغتالت موقعيه، والاستنجاد باتفاق إعلان المبادئ المعروف إعلاميا بـ “اتفاق أوسلو”.

لجوء قيادة الكيان الإسرائيلي الى اتفاق أوسلو، وكأنه يخدم موقفهم ضد القرار الأممي الجديد، يكشف ضحالة في المعرفة لجوهر الاتفاق (كما البعض الفلسطيني)، ولما حدث من تطورات منذ توقيعه عام 1993 وحتى فبراير 2021، وجوهر الاتفاق يستند الى انسحاب إسرائيل وقواتها من الأراضي الفلسطينية، المعرفة بنص واضح أنها “الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي وحدة جغرافية واحدة، والولاية فلسطينية عليها”.

التعريف للأرض الفلسطينية وهويتها لا يحتاج لأي حالة التباس أبدا، جوهر الاتفاق المستند الى ذلك، وليس الى آلية تنفيذ الانسحاب، كان شهرا أم سنوات، فزمن التنفيذ لا يمكنه أن يلغي تعريف الهوية، وتلك المسألة التي حاولت حكومات الكيان المتلاحقة بتغييرها، ووضع تعريف جديد “توراتي” لها، بأنها “يهودا والسامرة”، ويمكن لأي فلسطيني غير قانوني تجميع كل مراسلات دولة الكيان حول ذلك وإرسالها كـ “وثيقة رسمية”، بأنها غيرت هوية الأرض المتفق عليها في الاتفاق الذي لجأت اليه دولة الكيان.

وذلك لا يمثل تزويرا فقط في نص معترف به دوليا، وتم وضعه كوثيقة في الأمم المتحدة، وصادقت عليه غالبية دول العالم، بل عملت على تهويد نص رسمي، ما يمثل جريمة قانونية، يجب المحاسبة عليها، وهي مسألة يجب أن تنتبه لها الرسمية الفلسطينية، وتضعها ضمن رؤية الكيان للتهويد.

ولم يقتصر اتفاق أوسلو عند تحديد هوية الأرض، بل ارتبط كذلك باعتراف متبادل مع منظمة التحرير باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني…ويمثل ذلك اعترافا قانونيا بما لمنظمة التحرير من واقع سياسي – قانوني، وهو ما تجاهلته كليا دولة الكيان، خلال السنوات الماضية.

الاعتراف بالممثل السياسي والقانوني للشعب وهوية الأرض المحددة بالاسم يمثل قوة مضافة للموقف الفلسطيني، مع إضافة قرار الأمم المتحدة عام 2012.

دولة الكيان وقعت رسميا بين مطرقة المحكمة الجنائية وسندان اتفاق إعلان المبادئ (اتفاق أوسلو)، فكلاهما سلاح مطاردة باتت ممكنة وأقرب من أي زمن آخر، إذا ما أحسنت الرسمية الفلسطينية إدارة المعركة القادمة خارج “الحسابات الصغيرة”، وبعيدا عن حركة ارتعاش طال أمدها، خاصة وهي تتجه الى عملية تعيد لها حضورا سياسيا عبر عملية الانتخابات البرلمانية.

ملاحظة: حديث نائب رئيس حركة حماس العاروري عن مباركة الرئيس السيسي ورعايته الشخصية لبيان الحوار الفلسطيني، تمثل رسالة جديدة من الحركة الإسلاموية نحو مصر الدولة والنظام…يا مسهل!

تنويه خاص: سفير إسرائيلي سابق استفزه عدم اتصال بايدن بالفاسد نتنياهو، فقام بارتكاب “فعلة” مش مسبوقة ونشر رقم هاتف البيبي…حاول الهروب من دلف المسخرة السوشالية فوقع في مزراب المسخرة العالمية.. ويا عيني على الحكي!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى