أقلام وأراء

حسن عصفور: محاولات فارسية لخطف الورقة الفلسطينية!

حسن عصفور ٢٨-٦-٢٠٢٢م

ليس جديدا القول أن بلاد فارس وحكمها الديني، ومنذ أن طعنت مواقف الثورة وحركة فتح والخالد ياسر عرفات، وهي تعمل بكل السبل للتغلغل داخل صفوف الشعب الفلسطيني، عبر بوابات مختلفة، بدأتها بفصيل استغلت خلافه أمين العام الراحل، دون أن تحدث أثرا كبير، قبل أن تبدأ رهانا جديدا، من خلال القوى الإسلاموية التي بدأت العمل بعد غياب 20 عاما.

لن ينسى شعب فلسطين موقف “حكم المرشد” الفارسي المعادي للمؤسس الشهيد الخالد أبو عمار بعد معركة كمب ديفيد، التي فتحت الباب واسعا لأطول وأعنف مواجهة مع دولة الاحتلال، عنوانها “عالقدس رايحيين ..شهداء بالملايين”، وكأنهم تمنوا أن يوافق الخالد على مقترح “تهويد البراق”، كما يفعلون راهنا عبر أدواتهم المحلية أفرادا ومسميات حزبية.

ولكن، المستحدث، هو توكيل حزب حسن نصرالله قيادة العمل لتشكيل بديل للتمثيل الوطني الفلسطيني، بعلانية وليس بشكل سري كما كان سابقا، تحت غطاء مكذبة “محور القدس”، الذي كان شاهدا على كل ما أصاب المدينة ومقدساتها تهويدا واقتحاما وتدنيسا، منذ عام 2005 وحتى يومه، وكان أبرزها “غزوة الأقصى” أبريل 2022، و”مسيرة الأعلام” مايو 2022، التي قادتها فرق داعش اليهودية، دن أن نلمس أثرا لذلك المحور، بل أن حركة الاقتحامات اليومية للفرق الداعشية تزايدت أضعافا بعد الإعلان عنه، لتصبح وكأنها “حقيقة خبرية” وليس خطرا على المقدس الوطني والديني.

ومتابعة لزيارة رئيس حركة الإخوان في فلسطين (حماس) هنية الى لبنان، تجد أن ملامح تشكيل البديل أخذت في التبلور السريع، واستغلت بلاد فارس “أزمة المكان” التي تواجهها الحركة الإسلاموية، وما يمكن أن يكون مستقبلا في طابع علاقتها بقطر، بعدما أغلق ملفها الوجودي في تركيا، لتسريع المخطط الفارسي لإعلان “البديل”.

حزب نصرالله، منح زيارة هنية الثالثة الى لبنان بعدا مكثفا لترويج صناعة البديل، مستخدما “النقاب الخادع” حول “جبهة مقاومة شعبية”، بين فصائل محددة وبالطبع قيادتها للحركة الإخوانية في فلسطين (حماس) ضمن رؤية سياسية وأهداف محددة، جوهرها خلق “بديل تمثيلي” لمنظمة التحرير، ورغم فشل فصيلي “الإسلام السياسي” في تجنيد أي فصيل وطني فلسطيني من فصائل الثورة والمنظمة حتى تاريخه ليكون جزءا من “البديل الفارسي”، لكن الأمر لم ينته بعد.

بالتأكيد، تساعد قيادة منظمة التحرير أطراف المؤامرة الفارسية، كونها تتخلى عن دورها التمثيلي للشعب الفلسطيني لجهة فردية الرئيس محمود عباس، وفقدانها أي حضور حقيقي سياسي ملموس في المواجهات القائمة، بل أنها باتت كجهة ذيلية تابعة لمركزية فتح، لكن “هوان الممثل” لا يعني الذهاب للمشاركة في “مؤامرة البديل”، التي كانت منذ انطلاقة الثورة والمنظمة هدفا مباشرا لأعداء فلسطين وبالأساس دولة الاحتلال، التي خلقت عشرات المسميات ولم تصب يوما هدفها، الى أن وجدت من قدم لها “الهدية الذهبية الكبرى” في قيادة انقسام مدفوع الأجر شهريا.

التآمر على التمثيل الوطني، ينتقل من مرحلة الانقسام داخل الضفة وقطاع غزة الى تعميمه ليصبح جزءا من الوجود الفلسطيني في الخارج، وخاصة في لبنان حيث يتمتع حزب “حكم المرشد” الفارسي بقوة خاصة تساعده على تنفيذ المخطط التآمري الجديد، وكأنه يعيد إحياء المشروع القديم، والذي بدأ بعد معركة بيروت الكبرى 1982، عندما حاولت الشقيقة سوريا في حينه تشجيع أطراف فتحاوية على الانشقاق وتشكيل جبهة مع قوى مؤيدة للشقيقة…ورغم الهزة الكبيرة التي أصابت المشهد العام، لكن المصلحة العليا قبرت المؤامرة عبر المجلس الوطني التوحيدي رقم 17 مكرر 1987 بالجزائر.

استخدام فصيلي “الإسلام السياسي” لتكوين بديل جديد، بمسمى وهمي كامل، قد يربك المشهد الوطني ليس داخل الوطن، لأن أي مشروع كهذا سيراه أهل فلسطين ليس سوى “منتج روابط قرى جديد”، بل أن ما يربط قواعد الجهاد، أحد الفصليين المستخدمين، لن تذهب أبدا كون شراكتها الكفاحية في الضفة مع حركة فتح، وليس مع حركة جماعة الإخوان (حماس)، التي فضحت ذاتها فيما عرف وطنيا بـ “فصيل سرقة الشهداء” ونشر الفتنة.

ولذا الخطر يهدد أهلنا في لبنان، وخاصة هناك قوى بدأت تطل برأسها من جديد للحديث عن تغيير طابع المخيمات، وبحث حلول دمج بما يلغي واقعها الراهن، ومع استخدام حزب المرشد الفارسي في لبنان لحركتي حماس والجهاد، والحديث عن “محورهما الموحد”، بل والإشارة على إمكانية قيام نشاطات عسكرية من لبنان بديلا عن حزب نصرالله، هو شكل من اشكال التحريض على الفلسطيني في لبنان.

تعطيل “البديل الفارسي” مؤقتا، في حال رفضت الفصائل الفلسطينية ان تكون جزءا منه، لا يعني زوال مخاطره، بل ربما تذهب لأشكال جديدة ومتنوعة، لا تستبعد فتح جبهات توتيرية في لبنان، واللجوء لخلق فتن مسلحة، تخدم فرض صيغ على الواقع الفلسطيني في لبنان.

هنية الذي استخدم بوقا لتمرير “مؤامرة البديل الفارسي” لم يغبر قدميه بزيارة مخيم فلسطيني، فيما جند لسانه للترويج للمؤامرة الفارسية خارجها…وتلك ليست مسألة عابرة فهو يعرف تماما أن الحديث عنها داخل أي مخيم لن يكون خيرا له ولفصيله.

المؤامرة الفارسية متحركة…وهذا يتطلب من حركة فتح، أن تصحو من غفوتها السياسية وتعيد ترتيب أوراق العلاقات الوطنية وفق ما كان قبل مرحلة البؤس الراهنة، وعليها المسارعة لعقد لقاء وطني فلسطيني خال من أطراف المؤامرة الفارسية، ترتيبا لما يجب وقطعا لرأس حية تتحرك.

فلسطين تعاني فقر رؤية وحضور لقيادة التمثيل… ولكنها لن تمرر مؤامرة بديل مستحدثة لما سبق من مؤامرات تعددت مسمياتها دون أن يختلف جوهرها.

ملاحظة: شو قصة الاكتشاف المفاجئ لقضية “وقف الأعمال أحادية الجانب” اللي تكررت في “منيو مركزية فتح السياسي”، وكمان في البيان بعد لقاء الرئيس محمود والملك عبدالله…صحوة بتدخل كل أشكال الريبة الوطنية…يا خوف انها الاسم السري للهروب من لحظة الغضب السريع إياه!

تنويه خاص: غزة مشغولة بتسهيل حكومة المرشد الغزية خطف طفل مع أسرة تشيعت وذهبت الى بلاد فارس…معقول بعد اليوم تصير حركة “التشييع” في غزة جزء “من حق الاختيار”..مع هيك فصيل كل شي مقابل المصلحة بيصير.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى