أقلام وأراء

حسن عصفور: فضائح أمريكية في جنيف وسفيرها اليهودي في تل أبيب

حسن عصفورر 21-6-2023: فضائح أمريكية في جنيف وسفيرها اليهودي في تل أبيب

بعد استقبال ممثلي الرسمية الفلسطينية بعدة ساعات لمندوبة إدارة بايدن بربارة ليف في رام الله، قادت الولايات المتحدة، واحدة من أهم الفضائح السياسية – القانونية في السنوات الأخيرة، عندما قامت سفيرتها لدى الأمم المتحدة ميشيل تيلور، بإلقاء بيان باسم (27) دولة غالبها دولة رقمية، انتقد “الاهتمام غير المتناسب” بإسرائيل في مجلس حقوق الإنسان.

وقالت السفيرة الأمريكية ميشيل تايلور، في حديثها أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعد تقديم تقرير المحققين، إن الدول الـ27 “قلقة للغاية” من أن التفويض الممنوح للجنة “غير محدود زمنياً.. كما ليس هناك بند بشأن انتهاء صلاحياتها”، و “إلى وضع حد لـ “التركيز غير المتناسب” على إسرائيل من قبل المجلس”.

تمّ تكليف اللجنة المشار لها في حديث السفيرة وبيانها، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان قبل عامين، بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل منذ التصعيد في أبريل (نيسان) 2021، وكذلك في الأسباب الجذرية للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

من المفارقات أن المجر (هنغاريا)، التي لا تترك شاردة ولا واردة تنتقد نظام كييف وتقف الى جانب روسيا في عمليتها العسكرية، كانت أحد الذيول، وبريطانيا، التي سارت مع أمريكا في مطالبتها تلك، الى جانب عدد من دول لا تمثل ثقلا سياسيا بل لها رقما في عداد الدول ذات العضوية، التي تصوت تاريخيا مع دولة الفاشية المعاصرة في إسرائيل.

البيان الأمريكي وذيوله، لتقرير لجنة حقوقية شكلتها الأمم المتحدة حول ممارسات دولة الكيان، يكشف بكل وضوح أن واشنطن هي وقبل تل أبيب، من يمثل الاحتلال الرسمي عبر أداة، وما ورد من عبارات ولغة سياسية كاشفة كما أوراق عباد الشمس لتلك “الحقيقة السياسية”، التي تصر الرسمية الفلسطينية على تجاهلها، بل تعمل على تبرئتها من “الجرم التاريخي”، عندما تطالب ليل نهار تلك الدولة راعية “الفاشية اليهودية”، ان تكون وسيطا مسهلا، بل وتتعامل معها كـ “دولة صديقة” وربما تراها الأكثر صدقا، رغم ان رئيس مجمع الرسميات محمود عباس في آخر خطاب له من منصة الجمعية العامة في مايو الماضي، ذكرى النكبة 75، وصف أمريكا وبريطانيا (شريك الـ 27) بأنهما السبب الحقيقي للنكبة المستمرة.

بيان اللجنة الأممية حول جرائم إسرائيل، أصاب إدارة الرئيس الصهيوني بهوس وغضب، فطالبت بوضع نهاية لتلك اللجنة، وبعدم التركيز على ممارسات إسرائيل، في مؤشر لاعتبار أن الضفة والقدس وقطاع غزة ليست أرض دولة عضو في الأمم المتحدة محتلة من قبل دولة لا تعترف بأي من قرارات الشرعية الدولية، وتواصل السخرية منها، بفضل الجدار الواقي الأمريكي، رغم ان المنطق يستوجب طردها كليا، ثم ملاحقة كل قادتها الذين أعطوا أوامر ارتكاب جرائم حرب.

ولكي تكتمل الفضيحة السياسية لأمريكا والمرحبين بها من “الرسمية الفلسطينية” ومن يضع “بيضه السياسي في سلتها”، قام سفيرها اليهودي توم نيدس في تل أبيب، بواحدة من نوادر عالم السياسة، بعدما كتب تغريدة أثر مقتل 4 من الإرهابيين المستوطنين في عملية عيلي، أعرب فيها عن قلقه العميق وحزنه لمقتلهم، وبطريقه القلق تذكر مقتل 7 فلسطينيين في جنين وبيت لحم.

وبعد لحظات من تغريدة ساوت مقتل الغازي بمقتل صاحب الحق، تراجع ممثل “المندوب السامي الحديث” عما كتب ونشر تغريدة جديدة، تحت ضربات قادة التحالف الفاشي وتلقيه ردودا وانتقادات شديدة، فغرد: “أنا أدين بشدة القتل غير المبرر لأربعة إسرائيليين أبرياء اليوم – قلبي مع العائلات الثكلى”.

فضيحة تلك الكلمات لا تقف عند هرولة التراجع النادر وخلال دقائق تقل عن عدد أصابع اليد، بل فيما كتبها تأكيدا على جوهر الموقف الأمريكي، بأن “الاستيطان بات شرعيا وهم جزء من دولة إسرائيل، أي تهويدا وضما” بعد وصفهم بتعبير “مواطنين أبرياء”، الى جانب نزع صفة الإرهاب عن الاستيطان وفقا لتعريف الأمم المتحدة، وكذلك ارتباطا بما يمارسون من عمليات تدمير وتخريب وترهيب ضد أهل فلسطين.

تكامل فضيحة إدارة بايدن في يوم واحد، هي محاولة قطع الطريق على الأمم المتحدة لمواصلة حصار دولة الكيان وجرائم حربها وسحب كل مواقفها السابقة بأن “الاستيطان عقبة أو غير شرعي”، وهي بتغريدة سفيرها اليهودي تؤكد موافقتها على الضم والتهويد.

لعل أفضل رد على الحرب الإرهابية السياسية القانونية لأمريكا وسفيرها، لخصها أحد أعضاء لجنة التحقيق ميلون كوثاري بقوله ردا على بيان واشنطن وذيولها الـ 27، أن “التفويض غير المحدود أكثر من مبرّر”، مضيفا، “سألَت دولة لماذا لا يوجد بند يحدّد مهلة اللجنة. أود أن أجيب بأننا نرغب في تحديد موعد لانتهاء الاحتلال الإسرائيلي”.

مسار فضائحي سياسي أكدته إدارة بايدن ضد فلسطين القضية والأرض والهوية، فهل للرسمية الفلسطينية أن تتوقف عن مساعدتها في تمرير جريمتها الكبرى لتدمير “بقايا الكيانية الوطنية” التي بدأت ترتعش كثيرا بفعل أكثر من فاعل؟!

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى