أقلام وأراء

حسن عصفور: خطاب “الاستهبال العام” تفسيرا لحريق جباليا والتهديد المغلف!

حسن عصفور 21-11-2022م: خطاب “الاستهبال العام” تفسيرا لحريق جباليا والتهديد المغلف!

مساء يوم الخميس 17 نوفمبر 2022، حدث حريق مفاجئ في شقة سكنية بمخيم جباليا شمال قطاع غزة، أدى الى وفاة 22 شخصا بينهم أطفال من “عائلة أبو ريا”، في واحدة من الفواجع الإنسانية، التي هزت فلسطين، تضامن معها سريعا المحيط الإقليمي والدولي.

وكان الاعتقاد، أن تبدأ حركة حماس بصفتها “السلطة الحاكمة” لقطاع غزة (بعيدا عن لا شرعيتها) سريعا، البحث في مسببات الحدث الذي لم يخرج منه شخصا يمكنه أن يقدم رواية حقيقية للهزة الإنسانية التي ضربت الوجدان، وبدلا من التعامل بجدية ومسؤولية، ذهبت لإصدار بيان أولى حمل ملامح “استخفافية” بالفاجعة، بدأتها بتخزين كميات من البنزين داخل الشقة المحترقة، الى العادة التقليدية بأن العدو هو من يتحمل مسؤولية الحدث، لكن الجرم الحقيقي بدأ في نفيها السريع لشبهة وقوع جريمة ما.

وسريعا جدا، تسللت الروايات حول ما حدث، كشفت “تفاصيل” متعددة، بعضها منطقي جدا وبعضها تفاعلا مع البعد المسرحي للجريمة الإنسانية، التي حذفت عوائل من السجل البشري، وبعيدا عن تفاصيل “النميمة البشرية” التي ترافقت والجرم العام، لكن الأبرز، وصول الدفاع المدني متأخرا بما يقارب الـ 45 دقيقة، رغم انه كان له أن يحضر خلال 5 دقائق، وأن مفاتيح العمارة مغلقة بشكل مثير للشبهة.

وخلال أيام، انتشرت عشرات الروايات، والتي تقريبا تتفق غالبها على أن الحريق لم يكن حدثا “جنائيا”، بل هو جريمة كاملة الأركان، تتطلب معرفة عناصرها وفك طلاسمها، بعيدا عن “الهوى الفردي أو الحزبي”.

ولكن، وقبل لحظات من انطلاق الحفل الافتتاحي لكأس العالم في قطر، اختارت حكومة حماس توقيتها لتكشف ما أسمته “مسببات الحريق”، وفجأة تم تلاوة بيان ما يسمى “النائب العام”، ليقدم رواية تحمل كل أركان الشبهة والجريمة، باعتماده على حكاية في قمة السذاجة، تخلو من الحد الأدنى للذكاء الفطري، عندما أعاد الحريق الى أن أحد الضحايا، وهو طبيب صيدلي، كان المتسبب بذلك كونه كان يلهو بألعاب نارية سقطت فأدت لإشعال نار في غالون بنزين..الى ما تلاها من تفاصيل، يمكن تسجيلها في باب “الخيال غير العلمي”.

رواية حول جريمة أدت الى وفاة 22 إنسان، تقدمها من تسمى حكومة مسؤولة، تقوم على اتهام شخص كان من بين الضحايا، وكل التفاصيل ذهبت معه، فيما اصرت حماس وممثليها على “تأليف” حكاية خاصة، بل أنها وصلت لقمة السخرية من الضحايا والعقل البشري، عندما تحدثت عن وجود “غالون به آثار بنزين” وسط حريق لم يترك شيئا، سوى ركام، يبدوا أنه كان “الشاهد الحي” الوحيد لتنسج منه قصتها خالية الدسم العقلي.

اختيار توقيت افتتاح كأس العالم لعقد مؤتمر “الفضيحة”، كان جزءا من شبهة الفعل، منعها أي سؤال صحفي كما هي تقاليد المؤتمرات الصحفية في أحداث كبرى، مؤشر مضاف الى أنه فعل بفعل فاعل لم يكن ميتا، بل لا زال حيا.

“البيان الفضيحة” من حكومة حماس، والذي حاول حرق الحقيقة، لا يجب أن يغلق الباب لمعرفة وقائع الجريمة، مسببات وأهداف، والعمل بكل السبل الممكنة على تشكيل لجنة وطنية بعيدا عن “الجهاز الأمني” الحمساوي، وان لا يكون مصير ضحايا الحريق كمصير غيرها من “جرائم” حدثت وتم طمسها.

واحتراما لروح ضحايا حريق جباليا، وحصانة للقانون والعاملين على تنفيذه، وحماية لمهنة المحامي من التشويه والقذف، يجب على نقابة المحامين الفلسطينيين، ان تقوم بشطب قارئ بيان العار حول الجريمة من سجلاتها، واعتباره شخصا أساء لتلك المهنة الجليلة، ليكون درسا وعبرة وطنية، كي لا تستغل أدوات حماية القانون الشرعية كقنوات لتمرير الجريمة الوطنية.

الرسالة الأبرز لبيان الاستهبال العام، الذي حررته أجهزة حماس الأمنية، ليس لمعرفة الحقيقة بل هي رسالة مسبقة لكل من يحاول “الململة غضبا” مما يحدث فوق أرض قطاع غزة وفي باطنه، من جرائم متعددة المظاهر والأشكال.

هل تنحرق جريمة مخيم جباليا مع فضيحة بيان أمن حماس..أم تبدأ رحلة حرق المكذبة العامة التي طال أمدها.. المصير بات أمامكم والحرق خلفكم..تلك هي المسألة!

ملاحظة: نجحت الشقيقة قطر في أن تكون “قبلة العالم” لساعات.. صنعت افتتاحا “مبهرا ضوئيا جدا” لكأس العالم..به كثير من المستورد وقليل من ابن البلد…رغم “وكسة منتخبها” لكنها ربحت قدرة وفعلا ليته يتواصل في مجالات أخرى..مبروك يا قطر!

تنويه خاص: محامي الرئيس الأمريكي السابق بيقلك أن إيفانكا بنت ترامب وزوجها ربحوا أيام حكم أبوها حوالي 640 مليون دولار…طيب هذا في عرف القانون مش اسمه فساد بين..عهيك بيصير في بلاغ رسمي بضرورة اعتقالهم والتحقيق معهم كيف ومن وين ربحتوا..المهم تكون بعيدة عن “رشاوية عربية” للصبية الترامبية..!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى