أقلام وأراء

حسن عصفور: جريمة حرب أريحا شكل ترهيبي واستعراض فصائلي ساذج

حسن عصفور 7-2-2023: جريمة حرب أريحا شكل ترهيبي واستعراض فصائلي ساذج

أقدمت قوات الاحتلال فجر يوم الاثنين على اعدام 5 من شباب أريحا، بعدما اقتحمت مخيم عقبة جبر، جريمة حرب صريحة لم يخفها الإعلام العبري، ولم يتهرب منها مسؤولي جيش الفاشية المستحدثة، بعدما كشف عن اعتقالهم ثم فجأة أعلن قتلهم، وغادر المخيم تاركا أثرة جريمته على حيطان منزل وإسفلت طريق.

طريقة الإعدام الصريحة لكل فلسطيني تراه دولة الفصل العنصري، وقواتها المركبة “جيشا وأمنا وفرقا إرهابية استيطانية” هدفا، ستصبح “النموذج الجديد” دون الحاجة لأي عمل آخر، وستجد دوما ذات الذريعة أنها عمليات إطلاق نار متبادلة، او أنه جزء من “القتل المسبق”، ترسيخا لنظرية الإرهابيين سموتريتش، الذي بات وزيرا في وزارة الجيش ومسؤولا عن شؤون الضفة الغربية، وبن غفير وزير “الأمن القومي” في دولة الاحتلال الاحلالي.

التطور الإرهابي في عمليات القتل المباشر التي ينفذها جيش الاحتلال وأدواته المساعدة، لا يجب أن تمر كخبر في سياق “زحمة المواجهة العامة”، كونها لن تقف عند ما حدث في مخيم عقبة جبر بأريحا، بل سيكون النهج القادم في مختلف مناطق الضفة والقدس، ما يفرض إعادة توضيح “رواية الإعدام” من بين روايات إعلام العدو والناطقين باسم جيشه، قبل أن تبدا بصياغة مختلفة، بعدما سارع البعض الفلسطيني بـ “غباء فريد” (كي لا نقول قولا آخر) بإصدار بيان تحدث عن “اشتباكات بطولية” لم تحدث بل كان كمينا صريحا، ما أدى بجيش العدو لتعديل روايته.

المخاطب هنا، الإعلام الرسمي الفلسطيني (الذي يستحق التقدير لدوره وحضوره وفضحه الجريمة مباشرة صورا ولقاءات)، بتنسيق مع منظمات حقوقية لعمل مادة وثائقية شاملة للجريمة بكل أركانها، وهناك ماد هامة يمكن أن تكون دليلا ناطقا بجريمة الحرب المرتكبة في أريحا.

ولكن، الدرس الرئيسي من جريمة الحرب تلك ليس فعل الفاشية اليهودية فحسب، كونه ليس مستغربا وإن اختلف الجانب الإجرامي والإصرار على عملية الإعدام، بل ما كان من بيان غريب لرئيس حركة حماس ثم أحد ناطقيها، من لغة مرتبكة ومدعية في آن، عندما سارع إسماعيل هنية بإصدار بيان لحظات بعد جريمة الاعدام ليتحدث عن “اشتباكات بطولية” أدت الى “الاستشهاد”، والحقيقة لم تكن كذلك ابدا، حتى جيش العدو لم يقل تلك الرواية.

البيان البرقي يكشف حجم “الغربة الحقيقية” لمتابعة الحدث الميداني، وغرابة في المسارعة لإعلان “بطولة خاصة” فقط لإعلاء دور الفصيل الغائب فعليا عن المشاركة الكفاحية في الضفة والقدس، ويكتفي بإصدار بيان تهديدي بأن القادم سيكون “ويلا”..وينتهي ضجيج الكلام بلا أثر.

وسبق بيان رئيس حركة حماس الغريب جدا، توزيع فيديو للشباب الذي قام العدو بتصفيتهم بعد أيام من النشر، وهو الذي كان يبحث عمن أطلق نارا على مطعم به مستوطنين لم يترك أي أثر عليهم، سوى “فعل المحاولة”، شريط استعراضي لا يتفق أبدا مع أي مفهوم أمني، مع عدو لا يقف متفرجا ولا يتعامل بسذاجة أو لا أبالية مع تلك “الهدايا الأمنية” المجانية.

الشريط المصور والبيان الإعلاني المرفق بتشكيل “كتيبة عقبة جبر”، لم يتأخر رد العدو فلم تمض 48 ساعة حتى وصل الى ذلك التشكيل، وقام باعدامهم فجر يوم الاثنين 6 فبراير 2023، في مشهد كان يستحق إعلاميا الحديث عن “جريمة إنسانية”، ربما سرقتها الكارثة الإنسانية العامة التي ضربت الشقيقة سوريا وتركيا، وأدت الى وفاة ما يقارب الـ 5000 مواطن وعشرات آلاف مصابين ومئات آلاف مشرد وهدم منازل وأماكن تاريخية وتضرر قلاع تمثل علامات بارزة كقلعة حلب وغازي عنتاب.

جريمة الحرب في أريحا لعلها تكون درسا للفلسطيني الفدائي، أن هناك محددات في العمل النضالي لا يجب كسرها لإرضاء فصيل هنا ومسؤول هناك في الغربة الاختيارية، وأن كل استعراض أي كان مظهره هو “هدية أمنية” للعدو دون مقابل.

ليكف البعض عن “سذاجة” لا تخدم الوطنية الفلسطينية، ولا يمكن أن تبني مقاومة قادرة أن تربك عدوا..الاستشهاد بذاته ليس هدفا بل ثمنا لو فرض من أجل حرية شعب.. وليس “دغدغة عاطفة فصيل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى