أقلام وأراء

حسن عصفور: الوزاري العربي ودولة فلسطين ورؤية سياسية جديدة مطلوبة

حسن عصفور 2022-09-07

في ختام لقاء “الوزاري العربي” بالقاهرة يوم 6 سبتمبر 2022، حدد البيان الصادر مضمونا لبعض القضايا “الجديدة” والهامة فيما يتعلق بدعم فلسطين، دولة وقضية، وقفز قليلا نحو صياغة بعض أفكار يمكن اعتبارها “خطوة الى الأمام”، قياسا بما صدر في السنوات الأخيرة.

العناصر الرئيسية حول القدس، نحو عقد مؤتمر خاص ورفض تهويديها والمس بها، الى جانب دعم مطلب فلسطين في العضوية الكاملة للأم المتحدة، والتفكير بآلية جديدة راعية لمفاوضات سلام “محتملة”، وطلب أمريكا ورئيسها العمل لتنفيذ “حل الدولتين”، ورفض الاستيطان والانفصال، الى جانب مواجهة حصول دولة الكيان على عضوية مراقبة في الاتحاد الأفريقي.

وخطوات تفصيلية أخرى، أوردها البيان العربي تشكل تصورا متقدما، وربما شمولي الى وصف مختلف جوانب الصراع، والذي أكد البيان بمركزية القضية الفلسطينية، مع بعض اهتمام بمواصلة الدعم والتحرك في المجالات المختلفة.

بلا شك، الإطار العام للبيان العربي يمثل وثيقة سياسية وعملية، هي الأهم منذ مبادرة السلام العربية مارس 2002، التي استبقت الفكرة الأمريكية حول “حل الدولتين” التي تقدم بها جورج بوش الابن يونيو 2002، في توافق بالتأكيد لم يكن مصادفة ابدا، خاصة في ظل الظروف القائمة وقيام دولة الاحتلال العنصري بحرب تدميرية ضد مؤسسات السلطة الوطنية وحصار الزعيم الخالد، واعتراض اشقاء عرب أن يتحدث المؤسس بشكل مباشر الى القمة، تحت ذريعة أنه “شكل تطبيعي”.

وكي يصبح جوهر البيان العام خطوة لا تنتهي بانتهاء الزمن الخاص باللقاء العربي، يمكن تطوير المقترحات لتصبح “إطار رؤية عربية جديدة” حول الصراع والحل والمستقبل السياسي في المنطقة العربية، يتم صياغته وتقديمه الى الأمم المتحدة والجمعية العامة ومجلس الأمن في الاجتماع القادم.

“رؤية سياسية عربية جديدة” تمثل تطويرا لمبادرة السلام العربية، التي تم تجاوز عنصرها المركزي الذي ربط التطبيع بالسلام، ولم يعد ذلك “شرطا مسبقا”، بعد توقيع اتفاقات تطبيعية عربية مع دولة الكيان (الإمارات، البحرين والمغرب)، الى جانب أشكال “تعاون خاصة” منها السري ومنها والعلني دون ان يصل الى تبادل السفراء لكنها علاقات “حميمة جدا”، خاصة السعودية، قطر، سلطنة عمان والسودان، الى جانب مصر والأردن، موضوعيا نصف الدول العربية لها علاقات ما بإسرائيل، ولذا لم يعد مجديا استمرار النغمة القديمة في التعامل مع الصراع.

ولذا، وكي لا يتهرب مَن فتح باب “التطبيع الرسمي” بأشكاله المختلفة، كاملا كان أم منقوصا، من التفاعل الإيجابي مع المطلوب القادم، من المهم بلورة صياغة “رؤية عربية سياسية جديدة” تقوم على أسس لحل الصراع:

* “رؤية سياسية جديدة” لا تشترط الغاء ما تم من اتفاقات تطبيع أو فتح باب علاقات دونها، رغم كل ما بها من خروج عن النص العام.

* “رؤية سياسية جديدة” تضع قبول دولة فلسطين عضوا كاملا في الأمم المتحدة، شرطا للتقدم في العلاقات التي حدثت.

* “رؤية سياسية جديدة” بعد قبول دولة فلسطين عضوا كاملا بالأمم المتحدة، تبلور آلية مفاوضات سلام شامل في المنطقة متعددة، أطرافها “الرباعية الدولية”، ووفد عربي مشترك، والصين وممثلين لأفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا.

* تهدف تلك الرؤية الى مناقشة المستقبل العام في المنطقة ضمن الاعتراف بفلسطين دولة في حدود قرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012.

* “رؤية سياسية جديدة” تضع عناصر أكثر وضوحا لحل قضية اللاجئين انطلاقا من قرار 194، بكل مكوناته، والتعامل معه كجزء من جوهر الحل وليس مسألة اعتبارية، كما كان في المبادرة السابقة.

* “رؤية سياسية جديدة” تتعامل مع القدس الشرقية شرطا للحل، انطلاقا من كل قرارات الشرعية الدولية، ويمكن بحث “وضع خاص” للمدنية بقسميها منطلقا من قرار الأمم المتحدة حول القدس عام 1947، مع مراعاة مجمل التطورات التي نشأت منذ ذلك الزمن، ما عدا الاستيطان والتهويد منذ عام 1967.

* تشكيل وفد عربي رسمي لعرض تلك الرؤية في الأمم المتحدة، وإجراء الاتصالات الضرورية كي تدرك أمريكا أولا ودولة الكيان ثانيا، عودة روح الموقف العربي الموحد حول فلسطين وطبيعة الصراع والسلام.

الوفد العربي والرؤية السياسية الجديدة تمثل قوة دفع وقاطرة حراك جديد ستكون رسالة الى دولة الكيان، أن الاستقرار السياسي والعلاقات الكاملة رهن باعترافها بدولة فلسطين.

واستباقا، يمكن للرئيس محمود عباس أن يضع “خطوات فك الارتباط وسحب الاعتراف بالكيان” كوديعة لدى الوفد العربي وضمن مدة زمنية لما بعد الجمعية العامة بثلاثة أشهر.

ولذا البيان الوزاري العربي المتقدم دون آلية واضحة، يصبح كلاما لرفع العتب السيسي وليس من أجل فرض واقع سياسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى