أقلام وأراء

حسن عصفور: “المركزي الفلسطيني” رأس حربة لمواجهة “البديل الموازي”!

حسن عصفور ٢٤-٥-٢٠٢٢م

بشكل قد يبدو مفاجئ، سارعت حركة حماس من المؤشرات التي تؤكد دخولها في مسار “البديل الموازي” لمنظمة التحرير الفلسطينية، ضمن التصورات المستقبلية للمشروع الأمريكي – الإقليمي حول “الحل الممكن”، المستند الى تعزيز البعد الكياني الخاص في قطاع، وهياكل كيانية أقرب الى “المحميات” في الضفة، وتسوية في القدس ترتكز على الموافقة عل “حق اليهود” في البراق جدارا وساحا ومحيطا.

“الحل الممكن”، المستند جوهريا الى خطة شارون منذ عام 1995، وتم البدء بتنفيذ مرحلته الأولى في انتخابات يناير 2006، وما تلاها انقسام فانفصال موضوعي، وتطوير بعض عناصره من خلال “خطة ترامب” التي اشاع البعض سقوطها، وهي في الحقيقة لا تزال تعمل، بل ويتم تنفيذ بأجزاء منها خاصة في القدس والأغوار.

جوهر “الحل الممكن” أمريكيا، والذي يتم بلورته مع أطراف إقليمية عربية وغير عربية (لا تستبعد إيران وتركيا)، يرتكز على قواعد محددة، “سيادة أمنية مشتركة” في الضفة والقطاع والأغوار، تشمل الأرض والأجواء، بما يعني لا وجود لـ”سيادة فلسطينية خاصة”، منطلقا من استخدام حكم حماس في غزة قاعدة الضرورة، ما يتطلب إعادة التعامل معها في سياق المشروع القائم.

بدأت واشنطن، عبر أدوات غير معلنة، بتشجيع الحركة “الإخوانجية” على تشكيل قواعد “إرهاب سياسي” لمنظمة التحرير، وقيادتها وخاصة فصيلها المركزي حركة فتح، مستفيدة من “الخمول الوطني العام” لها، بل وتخدير المؤسسة الشرعية التمثيلية، والتي بدأت تفقد دورها ومكانتها، بل وبوصلتها التمثيلية.

ولم يقف الأمر عند تصدير “الإرهاب السياسي” للمنظمة والسلطة وفتح، بل بدأت عمليا تنفيذ خطوات متسقة متتالية، لتكريس “الانفصالية” مؤقتا في قطاع غزة، عبر خطوات اقتصادية – سياسية، وصلت أخيرا الى إعادة تكريس “الفرقة الانقسامية” داخل الحركة الأسيرة، رغم قدسيتها، لكن حماس وجدت ذرائعية غريبة لتبرير الانفصالية المستحدثة.

بالتأكيد، قيادة حماس السياسية، لم تترك قطاع غزة صدفة، او خوفا من اغتيال، فهي تعلم ألا أحد منهم “قيد الطلب”، لكنها خطوة متفق عليها بحصره وجودها في قطر، وسند غير عربي، لتبدأ رحلة التحضير لبناء “المستقبل السياسي الكياني” في بقايا الوطن، والذي يقطع الطريق على أي رد فعل رسمي فلسطيني في لحظة ما لإعلان دولة فلسطين، وفقا لقرار الأمم المتحدة 19/67 لعام 2012، بعدما تزايدت حركة المطالبة بتطبيق قرارات المجلس المركزي المجمدة بقرار الرئيس محمود عباس منذ العام 2015، رغم اللسان التهديدي بين حين وآخر.

أمريكا، ومعها دولة الفصل العنصري بقيادة “الفاشية اليهودية الحديثة”، تدرك يقينا، ان الضعف العام للنظام الرسمي الفلسطيني، قد ينقلب غضبا غير محسوب لو تم إعلان دولة فلسطين وفق القرار المذكور، وسيجبر دولة الإرهاب على شن حرب “تدميرية” للسلطة الفلسطينية، كما حدث عام 2000 – 2004، ثم تأتي بالبديل المرغوب، بعيدا عن كل الشعارات الخادعة – الكاذبة.

واستباقا لذلك، وكي لا يبقى الأمر رد فعل على فعل غير وطني، بات من الضرورة العمل على تنشيط مكونات الشرعية الرسمية، وخاصة المركزي الفلسطيني، برلمان دولة فلسطين المؤقت، والذهاب للتفكير لممارسة دوره كبرلمان كامل الصلاحيات، مع اعتبار رئاسة التشريعي المنحل ورؤساء اللجان جزء من البرلمان (المجلس المركزي)، كي يقطع الطريق على “مؤامرة البديل الموازي” عبر شعار استبعاد “المنتخبين”.

فعالية المجلس المركزي كـ “برلمان دولة مؤقت”، سيصيب قوى التآمر بهزة غير محسوبة، ويسقط كثيرا من “أوراق التوت السياسية” التي يعتقد مهندسي المؤامرة أنها تحمي عورتهم الوطنية، خاصة لو طالب الرئيس عباس البدء بإصدار مراسيم دولة فلسطين، وإلغاء كل مسميات لها علاقة بالسلطة، من أسماء المقرات الى الوزارات، الى الأوراق الرسمية كافة.

وخلال شهر من تاريخه يتم بحث تشكيل حكومة دولة فلسطين، تنال ثقتها من “البرلمان المؤقت” تسبقها حركة سياسية نشطة وفعالة للاتصال بكل المكونات السياسية، من فتح الى الجهاد دون استثناء أي فصيل مهما كانت الذرائعية، ويبدأ الحراك في الضفة والقطاع والقدس ذلك.

ربما، يكون من أولى مهام “البرلمان المؤقت” تشكيل لجنة وطنية خاصة بجرائم الحرب كافة، وليس فقط ملف شيرين أبو عاقلة، كون جرائم الحرب أكثر كثيرا من حصرها في جريمة واحدة، بل أن جريمة اعدام 67 طفل غزي خلال حرب مايو 2021، يفوق جرما جريمة شيرين.

حراك “المجلس المركزي” متعدد الأشكال، هو أسرع الطرق لمحاصرة مؤامرة “البديل الموازي” الذي يتسارع تحضيره، لو يراد حقا مواجهته وليس تسهيله بـ “صمت لم يعد مقبول”.

ملاحظة: مطلوب من الرئاسة الفلسطينية والمؤسسة الرسمية أن تعمم قرار الكنيست ليل الاثنين، حول منح جنود جيش الاحتلال، ومنهم مرتكبي جرائم حرب، دراسات تعليمية مجانية، فيما يمنعون “أموال الحق الفلسطيني” بسبب رواتب أسرى الحرية وشهدائها…تحركوا!

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى