أقلام وأراء

حسن عصفور: الفصائل الفلسطينية ومبايعة الرئيس عباس في “صفقة التطبيع” السعودية!

حسن عصفور 6-9-2023: الفصائل الفلسطينية ومبايعة الرئيس عباس في “صفقة التطبيع” السعودية!

تتسارع الخطوات الأمريكي لتحقيق حلم واشنطن الذاتي بإتمام “صفقة التطبيع الذهبية” بين العربية السعودية ودولة الكيان، ويمارس وزير الخارجية بلينكن “مهاراته” الخاصة لتذليل بعض “المطبات” التي بدو أنها لا تزال قائمة.

الوزير الأمريكي هاتف الرئيس محمود عباس، محاولا تسويق بضاعة “حل الدولتين”، الذي لم ير النور منذ يونيو 2002، علما بأنه اقتراح أمريكاني كامل، يعترف بأحدهما ويرفض كليا الاعتراف بحق الأخرى في الوجود، فيما طالب رئيس حكومة التحالف الفاشي نتنياهو أن يخفف من غلواء خطوات الضم والتهويد “مؤقتا” الى حين تمرير صفقة اندماج إسرائيل الإقليمي، وتسهيل شروط الموافقة على المفاعل النووي المدني للرياض.

الموقف الأمريكي لتحريك الصفقة المرتقبة لا يقتصر على “ديبلوماسية الهاتف” فحسب، فهناك مندوب خاص متزامنا مع وجود وفد الرسمية الفلسطينية في الرياض، وفي حال تم وضع قواعد الاتفاقية التاريخية سيكون الرئيس محمود عباس حاضرا، كشاهد إثبات فلسطيني بأن الحدث لا يشكل مساسا بـ “الحق الوطني”!

ورغم تسارع الحراك متعدد المظاهر لإكمال صفقة التطبيع السعودية الإسرائيلية، فما يلفت الانتباه، ليس مباركة الرسمية الفلسطينية لما تقوم به الرياض، ولكن صمت الفصائل والمكونات الفلسطينية كافة، على تطورات الصفقة، وكأنها قد بايعت الرئيس عباس خلال “لقاء العلمين” الأخير لإدارة الموقف السياسي.

موضوعيا، للمرة الأولى ومنذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، ثم ولادة حركات طائفية ما بعد 1987، لم يخرج فصيل ما بأي مسمى كان، ليعلن موقفا واضحا من مجريات مسار بحث علاقة دولة عربية مع إسرائيل، في إجماع نادر غير مسبوق، في مسألة كما التي يتم بحثها.

وتدقيقا في موقف الفصائل ومسبباته، التي لا يحكمها مطلقا “الحرص الوطني” أو التمسك بوحدة موقف وطني، أو حسابا قوميا خاصا، بل هو نتاج لحالة ارتباطية تعيد الى الأذهان ما كان في سنوات سابقة، من تبعية فصائل لدول وأنظمة، يكون موقفها هو الأساس وليس الموقف الوطني، أي كانت الدوافع والمسببات.

راهنا، يبرز “تحالف فصائل دولة الفرس” بكل مسمياتها، التي أكدت أن موقف طهران هو من وضع الكابح المركزي لعدم التطرق سلبا الى ما يتم بحثا حول العلاقة السعودية المرتقبة مع دولة الكيان، بعد اتفاق بكين الذي فتح الباب واسعا لـ “تطبيع علاقات الرياض وطهران”، وتعود حرارة الود السياسي سريعا، وتطوير الحركة بينهما بمختلف المجالات، بحثا عن “ترتيبات خاصة”، الأمر الذي فرض ذاته على فصائل ترتبط بدولة الفرس ماليا ومصلحيا، فكان الصمت المطلق.

فيما فصائل ترتبط بعلاقة مع الشقيقة سوريا، جاء صمتها توافقا بعد حضور الرئيس الأسد قمة جدة ومصالحة متسارعة بين البلدين، ما أدى لصمتها الكامل.

بينما تقف فصائل منظمة التحرير خاصة الممثلة في اللجنة التنفيذية موقف السكوت التام، بحكم ما يربطها مصالحا مع الرئيس محمود عباس، وخاصة بعد أن نحج جدا في استخدام “سلاح المال” لتهديد أي فصيل يحاول كسر “نظام الطاعة”، الذي فرضه بعد اغتيال الخالد، ليصبح أحد قواعد العمل الفلسطيني الجديد.

بالتأكيد، توضيح صمت الفصائل بكل مكوناتها، كان له أن يكون خدمة للعمل الوطني ووحدته، لو انطلق من تقدير سياسي فلسطيني مرتبط بالمصلحة الوطنية العامة، وتم وضع رؤية مشتركة متفق عليها حول كيفية التعامل مع صفقة التطبيع بين الرياض وتل أبيب، لكنه لم يكن أبدا كذلك، فهي لم تناقش الأمر ولم تقدم موقفا، بل لا يوجد ما يشير الى تبادل وجهات النظر حولها.

من باب التذكير بمدى تبعية تلك الفصائل لغير فلسطين، لنتذكر موقفها من توقيع اتفاقات تطبيع سابقة، ولن نعود الى زمن بعيد، فقط ما عرف بـ “اتفاقات إبراهيم”، ورد فعل تلك المسميات، فالرسمية الفلسطينية صبت جام غضبها على الإمارات وتجاهلت البحرين والمغرب حسابا لمصالح خاصة، فيما الفصائل شملت الأطراف كلها، بلغة تخوين وتهديد واتهامات، من قرأ وسمع اعتقد أن هناك “حرب تحرير شعبية” تدق الباب العربي.

راهنا، تأكد أنها بيانات مدفوعة الثمن المسبق، لا صلة له بالقضية الوطنية الفلسطينية بل لصالح الراعي العام لها، أي كان هويته واسمه، والإشارة لذلك ليس تحريضا لفتح جبهة صراخ و”برم كلامي”، بقدر ما هو درس للفلسطينيين بعدم النظر لما تقوله تلك المسميات، التي بات وجودها يمثل خطرا على القضية الوطنية بعدما باتت رهينة لخدمة آخر، أي آخر يدفع لها ثمنا

الصمت الفصائلي العام حول صفقة التطبيع السعودية المرتقبة، بعضه مقابل مال فارسي، وآخر مقابل مال عباسي، بعيدا عن كل مصلحة وطنية أو رؤية وطنية…قديما قالوا هناك ” بندقية للإيجار” والآن بات “موقف فصائلي للإيجار”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى