أقلام وأراء

حسن عصفور: التهدئة الفصائلية مع المحتل الفاشي ممكنة ومع الناس كيف؟!

حسن عصفور 5-2-2023: التهدئة الفصائلية مع المحتل الفاشي ممكنة ومع الناس كيف؟!

في أكتوبر 2015 رسم الشاب مهند الحلبي الطالب الجامعي ملامح مرحلة كفاحية جديدة في مسار النضال الوطني الفلسطيني، عندما تمكن من قتل مستوطنين في البلدة القديمة للعاصمة الأبدية القدس، لتنطلق بعدها واحدة من هبات الشعب الإبداعية في المقاومة، عرفت إعلاميا بـ “انتفاضة السكاكين”، دامت ما يقارب العام دون أن تنتهي موضوعيا.

تزامن فجر “هبة السكاكين” بعد جريمة حرب نفذتها فرق “الإرهاب اليهودي” بحرق منزل عائلة “دوابشة” يوليو 2015 استشهد فيها أب وأم ورضيع ونجى الطفل احمد ليبقى الشاهد الحي على فصل من فصول جرائم الفاشية المعاصرة في الكيان العنصري.

انطلقت “الهبة الجديدة” معلنة مرحلة “الفعل الفردي” سكينا ودهسا، خارج أي حسابات أمنية تقليدية، لا تحتاج ترتيبات خاصة، ولا أسلحة متطورة، فسلاحها ما هو متوفر في كل بيت فلسطيني، ولذا كانت تلك الهبة الأكثر هلعا ورعبا لقوات الفاشية اليهودية من جيش وأدوات إرهابية تكميلية من المستوطنين، ما أجبرهم في حينه الاستنجاد بالسلطة الفلسطينية وجهازها الأمني لمساعدتها في محاصرة المولود الثوري الجديد..وهو ما حدث بإعلان الرئيس محمود عباس بأنه امر بتفتيش حقائب الطلبة لوقف تلك الهبة الإبداعية.

راهنا، تنطلق موجة كفاحية من قاعدة “الفعل الفردي”، بأشكال مختلفة اعتمادا على أسلحة بدائية او عمليات دهس سريعة، ولعل عملية القدس في مستوطنة النبي يعقوب وبعدها في البلدة القديمة، وما احدثته من هزة اصابت حكومة التحالف الفاشي بهزة غابت طويلا عن الكيان لسنوات عدة، أجبرها الاستنجاد بطوب الأرض للعمل على خلق “جبهة مواجهة المارد الفردي المنطلق”.

سريعا بدأت حركات حصار الفعل الكفاحي الفلسطيني الجديد، استنساخا لتجارب سابقة، انطلقت من قاعدة أن العمل الثوري والنضالي الوطني، مرتبط بفصائل أو مكونات حزبية، يمكن حصاره أو تطويقه، دون اليقظة السياسية لنوعية الفعل المستحدث، بأنه يبتعد بملامحه وتنفيذه عن المسار التقليدي، وهو ليس سوى مظهر ابداعي جديد.

تستطيع مختلف الأطراف أن تصل الى “تهدئة” بين السلطة والفصائل الفلسطينية مع دولة العدو القومي، وتحدد عناوين لها، ببعض ثمن لا يليق كثيرا بقيمة شعب قرر ألا يبقى خنوعا أو مصابا بـ “هلع مزمن”، او يجاهر بـ “عنترية صاروخية” ينتهي فعلها بانتهاء غبرة الحدث، والتجارب بلا عدد كما يقال، لكن النتيجة دوما تنتهي بمزيد من “الإهانة السياسية” للطرف الفلسطيني من محتل غاز.

وافتراضا أنه حدث صياغة ورقة جديدة، تستند الى محاصرة ما يمكن حصاره للفعل الثوري العام، فكيف يمكن تطويق “الإبداع الفردي” في مقاومة العدو الاحتلالي الاحلالي، وهل بالإمكان خلق “أداة قياس منسوب فردية النضال” بما يمكن وقف انطلاقتها، دون أن يكون ثمن حقيقي يستحقه غالبية شعب ليس جزءا من “التكوين الحزبي”، وفقد ثقته كثيرا بممثله الشرعي.

جوهريا، بات ضرورة لإعادة تعريف مفهوم “التهدئة” لأن التعبير يحمل “ضلالا سياسيا”، ومساسا بجوهر الفعل الكفاحي الفلسطيني، فإن كأن الأمر يتعلق بقطاع غزة، فهناك تهدئة نموذجية بين دولة الحكم الفاشي وحكومة حماس، لم تهتز سوى بعدما أقدمت حكومة لابيد باغتيال قائد من حركة الجهاد، دون ان تكون حماس طرفا في المواجهة، ولذا لا يحتاج الأمر نقاشا أو جهدا، فلا حرب من غزة في ظل الحكم الإخوانجي.

أما لو كان الأمر متعلق بالحديث عن “تهدئة” الانطلاقة الثورية في الضفة والقدس، بمظاهرها المتعددة، فهنا يكون “الفخ الكبير”، دون ربطه بخطوات سياسية وعملياتية محددة مع دولة الكيان الفاشي، خاصة ما يتعلق بالاستيطان وفرقه الإرهابية متعددة الأسماء، وهدم المنازل والتطهير العرقيـ وتنفيذ كل ما تم تعطليه من إعادة انتشار لقوات جيش الاحتلال من (ب، ج)، ويتبقى ما متصل بمفاوضات الحل الدائم (القدس بشقيها غربا وشرقا، الحدود والمستوطنات وفق ما كانت عام 1995)، والكف عن أي عمليات تهويد في القدس والضفة التزاما بقاعدة الاتفاق وخاصة المادة الرابعة من اعلان المبادي، بحكم الولاية.

أي انزلاق لبحث “تهدئة” في الضفة والقدس دون ثمن سياسي تدفعه دولة الفاشية والاحتلال لن يكون سوى وهم مركب…فالشعب الفلسطيني ليس أدوات حزبية ولن يكون..و”لكم في الفعل الثوري المستحدث عبرة يا أولي الألباب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى