أقلام وأراء

حافظ البرغوثي يكتب – نتنياهو ينتظر اللحظة الدولية «المريضة»

حافظ البرغوثي – 2/5/2020

سيطرت مسألة ضم مساحة واسعة من الضفة الفلسطينية المحتلة على المشهد السياسي «الإسرائيلي» في خضم أزمة تفشي فيروس كورونا، وحتى الآن لم تحسم التشكيلة الوزارية «الإسرائيلية» بسبب الأعياد اليهودية، لكن موضوع الضم الذي يتمسك به رئيس الوزراء نتنياهو سيكون مفتاح النجاة بالنسبة له من مقصلة محكمة الفساد التي تهدده لاحقاً، وربما تفتح له مجال الانفراد بالحكم والتنصل من اتفاق التناوب مع جانتس، لأن نتنياهو يضمن الآن تأييد الحزبين اللذين خرجا من تحالف كحول لافان بقيادة جانتس بعد تفكك التحالف وهما حزب يائير لبيد والجنرال يعلون اللذان أعلنا تأييدهما للضم وفقاً لما ورد في صفقة القرن بل وذهب لبيد للقول إنه مستعد لتأييد نتنياهو ضد حليفه السابق جانتس في حالة قرر نتنياهو عدم تنفيذ التناوب في رئاسة الحكومة، وبالتالي يبدو أن ورقة نتنياهو الداعية لضم الأغوار والكتل الاستيطانية ستمثل له فرصة للبقاء في الحكم بدون دعم من حزب الجنرال.

نتنياهو خاض ثلاثة انتخابات خلال سنة وهو يبشر الناخبين من اليمينيين المتعطشين للاستيطان ومنع إقامة دولة فلسطينية بضم المزيد من الضفة وفرض السيادة عليها. وقد قلل من أهمية تصريح شريكه جانتس من أن إدارة ترامب لن توافق على الضم وعبر عن ثقته بإمكانية تنفيذ مخطط ضم غور الأردن والمستوطنات.

وقال نتنياهو إنه «مقتنع بأنه سيتم احترام وعد ترامب بضم مناطق في الضفة، واعتبر أن ذلك سيكون في غضون أشهر قليلة».

يذكر أن نتنياهو وقّع مع رئيس حزب «كاحول لافان»، بيني جانتس، اتفاقاً لتشكيل «حكومة طوارئ قومية»، يتناوب كل منهما على رئاستها، على أن يبدأ نتنياهو أولًا لمدة 18 شهراً. ويقضي الاتفاق أيضاً بالبدء في طرح مشروع قانون لضم غور الأردن والمستوطنات في الضفة الغربية، مطلع يوليو المقبل.

وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قال إن تنفيذ إجراءات ضم مناطق في الضفة الغربية قرار يعود اتخاذه إلى الحكومة «الإسرائيلية» الجديدة؛ وذلك في تصريحات تعبر عن دعمه العملي لهذه الخطوة.

وبدا محللون «إسرائيليون» كمن يشككون في احتمال أن تقدم حكومة «إسرائيلية» على تنفيذ قرار الضم، لكن نتنياهو بوسعه اتخاذ القرار سواء وافق جانتس أم لا إذا وجد أن هناك مصلحة سياسية تتيح له الانفراد والتنصل من اتفاقه مع جانتس،لكن الغريب أن نتنياهو لم يقدم على هذه الخطوة في السابق، فهل يخشى من عواقب ما، في حالة اتخاذه قرار الضم ! الجواب أنه ينتظر اللحظة الملائمة ليوجه ضربة قاضية، بحيث يحيل السلطة الفلسطينية إلى مجرد رهينة يتحكم فيها وبمقدراتها وهيكل حكم ذاتي لا حول له ولا قوة. فهو مصمم على إنهاء الحلم الفلسطيني بإقامة دولة فلسطينية وبدأ فعلياً في قضم أموال السلطة باحتجاز مئات الملايين من أموالها المخصصة لأسر الشهداء والأسرى، ويدرس الاحتلال تهديد المصارف العاملة في الضفة بمنع صرف أموال لهذه الأسر تحت طائلة عقوبات تصل إلى السجن للمسؤولين، وهناك تفكير احتلالي باحتجاز رواتب ومخصصات السفارات الفلسطينية للقضاء على أي تمثيل فلسطيني باسم دولة فلسطين، كما أقرت محكمة احتلالية مبدأ احتجاز مئات الملايين من أموال الضرائب الفلسطينية لصالح عائلات مستوطنين قتلوا في الضفة. وما زال «الإسرائيليون» يناقشون مسألة ما بعد السلطة وهل سيعودون إلى الحكم العسكري المباشر للضفة،وماذا سيكون مصير معاهدات السلام مع مصر والأردن.هناك من يعتقد أن اللحظة الدولية المريضة بفيروس كورونا هي الفرصة النموذجية. لكن في النهاية فإن نتنياهو سيغامر للبقاء على قيد الحياة بأن يطلب من حليفه ترامب الاعتراف بالضم. فالاثنان بحاجة إلى إنجاز يبقيهما في المشهد السياسي، ومن تجربة المرحلة الأولى من حكم ترامب تبين فشله في مجالات عديدة إلا في تصفية القضية الفلسطينية، حيث لا يجد مقاومة حقيقية ومادية لمشروعه التصفوي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى