أقلام وأراء

حافظ البرغوثي يكتب –  معركة «حماس» ونتنياهو

حافظ البرغوثي *- 14/5/2021

بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد سنة 2000 بسبب الخلاف حول الحوض المقدس ومطالبة إسرائيل بالهيمنة على المسجد الأقصى ورفض ياسر عرفات، أعلن إرييل شارون وكان وزيراً في حكومة إيهود باراك اعتزامه زيارة المسجد، وهنا أعلن عرفات أن الوضع سيتفجر وتوجه ليلاً إلى خط الهدنة قرب قلقيلية ليلتقي مع باراك في بيته، حيث طلب وبإلحاح منع الزيارة، لكن باراك رفض وجرت الزيارة التي أشعلت الانتفاضة الثانية. 

 في شهر رمضان الحالي كثف المستوطنون ونواب من الصهيونية الدينية وجودهم في حي الشيخ جراح المهدد بالإخلاء من سكانه، وتصادفت ليلة القدر مع مسيرة في اليوم التالي إلى المسجد الأقصى حشد لها المتطرفون اليهود الآلاف، مع وجود مكثف من المصلين في المدينة، ما أشاع جواً من التوتر بدأ منذ بداية رمضان، وأقام نواب متطرفون خياماً لهم في الحي ما زاد الوضع توتراً، وكانت وقفة المقدسيين حاسمة ضد المسيرة التي كان في برنامجها الدخول من «باب العامود» نحو المسجد، ولم تفلح المخابرات الإسرائيلية في تغيير مسارها لأن وزير الداخلية المؤيد لها أراد ذلك رغم إلحاح الإدارة الأمريكية بالتهدئة مع نتنياهو الذي قبل بالتهدئة مع غزة فقط، وهنا برزت حماس لإظهار نفسها ميدانياً بقصف المستوطنات الإسرائيلية رداً على العنف الذي مورس ضد المقدسيين واستمرار انتهاك الأقصى.

 فالمشهد السياسي الإسرائيلي بات أكثر تعقيداً بعد هبة القدس والسجال الصاروخي. البعض في الجانب الإسرائيلي خرج بنتيجة أن المنتصر هو رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الذي وجد فرصة لإبطال مساعي خصمه يائير لبيد لتشكيل حكومة جديدة، لأن التصعيد أفقد لبيد تأييد الحركة الإسلامية الجنوبية برئاسة منصور عباس الذي تربطه علاقات حزبية مع جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس، وبالتالي قطع عباس اتصالاته مع لبيد وحزب «ساعر» المنشق عن الليكود وحزب «يمينا» اليميني برئاسة نفتالي بينيت، وهناك من ذهب للقول إن لحماس ونتنياهو مصالح مشتركة في نقل المعركة من القدس إلى غزة، فحركة حماس دفعت إلى خوض المعركة بعد أن كانت تراهن على الجهاد وحدها، وهي بالتالي أرادت خلق واقع جديد يعيد شحن الشارع إلى جانبها، بينما نتنياهو يريد مواصلة الحكم والمعركة حتى تنفد المهلة المتاحة للبيد، وعندها قد يستميل المنشق عنه «ساعر» لتشكيل حكومة، لكنه يبقى بحاجة إلى دعم منصور عباس.

 إذا فشل لبيد، فالرئيس الإسرائيلي سيعيد التكليف إلى الكنيست الذي قد يختار مرشحاً جديداً لتشكيل حكومة جديدة، وإلا فإن انتخابات خامسة ستبقى البديل المتاح، لكنه سيكون بديلاً محفوفاً بالمخاطر لأن الناخب العربي الذي انقسمت أصواته بعد تفكيك القائمة العربية المشتركة قد يتوحد، فالمسيرات التضامنية مع القدس في المدن والقرى داخل حدود 48 رسمت خارطة موحدة ما يتيح إعادة تشكيل القائمة المشتركة وعدم تشتيت الصوت العربي نحو أحزاب يهودية، بل زادت الهوة في التعايش بين اليهود والعرب في المدن المخلطة مثل اللد بعد مقتل شاب عربي برصاص الشرطة واضطرالكثير من اليهود إلى الهرب من المدينة، كما أن أحزاب اليمين ستفقد بعض قوتها لفشلها في التعاطي مع حماس على حساب السلطة، وهناك من ذهب للقول إلى أن الرجل المركزي من وراء أحداث الأسبوع الأخير هو قائد كتائب القسام محمد ضيف، أما السنوار الذي كان بين قادة القسام، وأصبح يوصف في إسرائيل بأنه معتدل، تغير على ما يبدو في توازن القوى الداخلي في حماس، وربما أنه بعد الانتخابات على قيادة حماس أيضاً، التي انتهت بفوز ضعيف جداً للسنوار، وخلافاً لتوقعات الجيش الإسرائيلي عمل بصورة واسعة ومستفزة ضد إسرائيل.

 ومن المتوقع مع التصعيد في غزة أن تشدد الشرطة الإسرائيلية هجماتها ضد المقدسيين في المسجد الأقصى، بعدما قال المفتش العام للشرطة يعقوب شبتاي إن الشرطة كانت «لينة جداً» في المواجهات في المسجد الأقصى في الأيام الماضية.

 بينما وصف المحلل في صحيفة «معاريف»، بن كسبيت، إطلاق الصوريخ من القطاع بأنه يأتي «نتيجة مباشرة لسياسة نتنياهو، وبدلاً من تنفيذ تعهده واستئصال حماس في غزة، جعل حماس شريكاً استراتيجياً، وهو دافع عن حماس بيد، وأهان وحقّر وأقصى السلطة الفلسطينية باليد الثانية».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى