أقلام وأراء

حافظ البرغوثي يكتب – قانون قيصر لتجويع الشعب السوري

حافظ البرغوثي – 16/4/2021

أدى «قانون قيصر» الذي أعلنه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ودخل حيز التنفيذ مطلع صيف العام الماضي، وفرض عقوبات قاسية على سوريا نظاماً وجيشاً وشعباً، إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد وباتت السلع نادرة، خاصة الغذائية، كما شهدت سوريا نقصاً في الوقود؛ لأن القوات الأمريكية، ومعها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تسيطر على نفط الجزيرة وتتصرف فيه بعيداً عن سوريا، حيث فقد النظام السوري السيطرة على مساحات زراعية واسعة وحقول النفط.

ف«قانون قيصر» أشد وطأة من العقوبات التي فرضتها واشنطن على إيران؛ لأن الأخيرة تمتلك مواردها الزراعية والنفطية وتكسر الحصار مع جيرانها، ولم نسمع عن تعرض ناقلات نفط إيرانية متجهة للصين للمضايقة، بينما تتعرض ناقلات النفط الإيرانية المتجهة إلى سوريا للمضايقة والمنع ولا تصل إلى هدفها.

لقد آن الأوان لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية وعدم تركها في وضعها الحالي ضمن الحل السياسي، وفقاً للمبادرات التي تناولت الأزمة. فالدول المجاورة لسوريا، وهي العراق ولبنان والأردن، تضررت اقتصادياً بسبب قانون قيصر. فبعد تطبيق هذا القانون الجائر تراجعت حركة الإنتاج الزراعي والصناعي في سوريا، وصار شراء السلع من الخارج بالدولار، كما أن الدول المجاورة التي كانت متنفساً للتجارة السورية مثل لبنان تواجه أسوأ أزمة اقتصادية، بينما تحاول الحكومة العراقية الخروج من مآزقها الداخلية سياسياً واقتصادياً بأقل الخسائر مع عودة تنظيم «داعش» للنشاط مجدداً شمالي العراق وفي البادية السورية، ما يثقل كاهل الدولتين الجارتين. فالحرب الضروس في سوريا والعراق بهدف القضاء على «داعش» وأمثاله، انتهت بتدمير سوريا وأجزاء من العراق وانتهاء القاعدة التي كانت واشنطن تعتبرها عدواً، لكن تبين أن «داعش» ظل على الأرض لاستخدامه ورقة للابتزاز وكأن شيئاً لم يكن! وقد أدت الحرب والتهجير إلى انهاك الاقتصاد السوري خاصة في غياب الدعم من الدول الحليفة.

فقد انخفض الناتج القومي المحلي في سوريا، وتوقفت عجلة الإنتاج والاقتصاد بدرجة كبيرة بسبب تدمير المصانع وخطوط الإنتاج، وتدمير البنية التحتية التي تعتبر أهم دعائم الاقتصاد، وارتفع مستوى الفقر عند السوريين، بسبب النزوح في الداخل والهجرة إلى الخارج، وتحول ما يزيد على نصف السكان من عاملين منتجين إلى مستهلكين عاطلين عن العمل. وتوقف التحويلات المالية من الخارج، حيث بات السوريون في الخارج معنيين بدعم وإغاثة أهاليهم الذين تحولوا إلى نازحين داخل القطر، ولاجئين في بلاد الشتات.

تظهر تجارب العقود الماضية من حصار كوبا المستمر منذ عام 1959، أن العقوبات الغربية لم تفلح في إسقاط الأنظمة المعادية للغرب، بدءاً من العراق أيام صدام حسين، وليس انتهاء بفنزويلا أيام تشافيز، مروراً بكوريا الشمالية وكوبا وليبيا وإيران وغيرها.

لكن على الرغم من كل شيء يبقى السبيل لإنهاء الأزمة السورية في الحل السياسي، وفقاً للمرجعيات الدولية وإعادة دمشق إلى حضنها العربي قبل فوات الأوان. فالأمريكيون بقانونهم إنما يعاقبون الشعب السوري بغض النظر عن انتمائه السياسي، ويستخدمون العقوبات سيفاً لقهر الشعوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى