أقلام وأراء

حافظ البرغوثي يكتب – بايدن يقوّض الاتفاق مع جونسون

حافظ البرغوثي*- 25/9/2020

بايدن لم يعرف عنه إعجابه بجونسون ولم تجمعهما علاقة خاصة، بل على العكس فقد كان من أشد المعارضين للبريكست، إضافة لكون بايدن له أصول أيرلندية.

بعد عبوره المحيط الأطلسي نحو الولايات المتحدة على أمل إنجاز اتفاق تبادل تجاري ضخم مع إدارة الرئيس ترامب، وجد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون نفسه على شاطئ بحر المانش الذي يفصل بلاده عن القارة الأوروبية. فما إن دخل المرشح الديمقراطي للانتخابات الأمريكية جو بايدن على خط الصراع البريطاني مع الاتحاد الأوروبي للتوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة قبل الخروج من الاتحاد، إذ وجّه بايدن تحذيراً شديد اللهجة إلى جونسون بإمكانية نسف مفاوضات الاتفاق التجاري بين واشنطن ولندن في حال أصر جونسون على قانون «السوق الداخلية» الممهد لانتهاك بريطانيا للقانون الدولي، والتراجع عن التزاماتها مع الاتحاد الأوروبي. وقد أحدثت تغريدة بايدن -القوية في لهجتها- وقعاً شديداً في بريطانيا التي لم تتعود من حليفها الأمريكي مثل هذا التهديد، كما أنها تفتح الباب على مصراعيه لمزيد من تأزيم العلاقات بين البلدين، في حال وصول المرشح الديمقراطي للبيت الأبيض. وكان جونسون مطمئناً على اتفاق التبادل الحر بين البلدين لملء الفراغ الذي سيتركه الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وهو ما عبّر عنه مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي في وقت سابق بقوله «عندما يكونون في الخارج سندخل نحن».

وبرر بايدن معارضته الشديدة لقانون «السوق الداخلية» بأنه يهدد اتفاق «الجمعة العظيمة» بين شطري أيرلندا، ويعيد الحدود بين الشطرين. ووضع المرشح الرئاسي الاتفاق التجاري مع بريطانيا في كفة، وقانون «السوق الداخلية» في كفة أخرى، وعلى جونسون أن يختار، علماً بأن الأخير بذل كل ما في وسعه للتوقيع على «أكبر اتفاق تجاري في التاريخ» كما وصفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وبحسب خبراء فإن التوقعات -في حال إتمام هذا الاتفاق- تشير إلى أنه سيرفع حجم المبادلات التجارية بحوالي خمسة أضعاف.

ويرى مراقبون أن دخول المرشح الديمقراطي لرئاسة البيت الأبيض على الخط، يتداخل فيه ما هو شخصي مع ما هو سياسي واقتصادي أيضاً، فبايدن لم يعرف عنه إعجابه بجونسون ولم تجمعهما علاقة خاصة، بل على العكس فقد كان من أشد المعارضين للبريكست، إضافة لكون بايدن له أصول أيرلندية ويدعم اللوبي الأيرلندي في واشنطن.

وفي أجواء الانتخابات التي تعيشها الولايات المتحدة، فلا أحد من المعسكرين المتنافسين يريد أن يقدم تنازلاً للآخر، خصوصاً لو كانت بحجم اتفاق تبادل حر سيكون هو الأكبر في تاريخ البلدين ويظهر هذا التوجه لدى الديمقراطيين، من خلال الرسالة التي بعث بها رئيس لجنة التجارة الخارجية بالكونجرس إلى جونسون يطالبه فيها بعدم المضي قدماً في قانون «السوق الداخلية» وإلا فإن أي اتفاق تجاري مع بلده لن يمر، وهو ما دعمته نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي.

وحذر سيمون كوفيني وزير الخارجية الأيرلندي الذي تعد بلاده أكثر دول الاتحاد الأوروبي تضرراً جراء بريكست من أنّ التراجع عن اتفاق “الطلاق” الموقع العام الماضي قد يقوض ويدمر الثقة السياسية بشكل خطير. من جانبه قال بوريس جونسون إن بريطانيا ستتعامل مع الاضطراب الاقتصادي الناجم عن الخروج من فترة انتقالية في نهاية العام إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، رغم مواجهة بلاده تبعات مواجهة فيروس كورونا أيضاً. لكن مجرد تداول الاحتمال تسبب في تراجع الجنيه الإسترليني في أسواق العملات وجعل الشركات البريطانية أكثر قلقاً.

وما يزيد من تعقيد الوضع بالنسبة لجونسون، أنه يسير نحو الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق، وفي حال إفشال الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة من طرف الديمقراطيين، فستجتمع على الاقتصاد البريطاني ثلاث ضربات موجعة: الخروج من أوروبا بدون اتفاق تجاري، وفشل الرهان على الولايات المتحدة، إضافة إلى النتائج المدمرة لوباء كورونا على الاقتصاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى