أقلام وأراء

حافظ البرغوثي يكتب – الانتخابات ومعركة صندوق البريد

حافظ البرغوثي 25/8/2020

نقل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعركة الانتخابية من الاحتجاجات ضد العنصرية في الشوارع والأزمة الاقتصادية، وتفشي فيروس كورونا، إلى البريد الأمريكي، حيث عيّن مقرباً منه رئيساً لهيئة البريد، وأثار شكوكاً حول مدى نجاعة الاقتراع بالبريد، متهماً الديمقراطيين بمحاولة تزوير الانتخابات. وقد سارع الديمقراطيون إلى إقرار مشروع قانون في مجلس النواب يوقف استقطاعات وتغييرات في خدمة البريد الأمريكية، حيث رفض ترامب إقرار ميزانية مساعدات للبريد، وبدأ رئيس البريد المعيّن يستعد لتقليص عمل البريد وخصخصته كشركة ربحية وليست عامة، في توقيت مريب يعارض فيه الرئيس الاقتراع بالبريد. واستدعت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، من الحزب الديمقراطي، أعضاء المجلس من العطلة الصيفية للتصويت على مشروع القانون، الذي قالت إنه كفيل بحماية خدمة البريد الأمريكية. وانتقد الرئيس الأمريكي التصويت، بوصفه حيلة انتخابية من الديمقراطيين. وفي السابق، هدد ترامب باستخدام حق النقض الرئاسي ضد مشروع القانون الذي من المستبعد أن يحظى بموافقة مجلس الشيوخ الخاضع لسيطرة الحزب الجمهوري، الذي ينتمي إليه الرئيس.

وأكد زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، أن مجلسه «بالقطع لن يمرر» مشروع القانون. واضطر المدير العام لهيئة البريد، لويس ديجوي إلى تعليق مزيد من تدابير خفض النفقات في الخدمة إلى ما بعد انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني. وأدى بطء وصول البريد، وسط تدابير خفض النفقات، إلى تغذية المخاوف بشأن قدرة واحدة من أقدم المؤسسات الأمريكية وأكثرها مصداقية، على التعامل مع أعداد غير مسبوقة من بطاقات الاقتراع بسبب وباء كورونا.

ويعارض ترامب بشدة التصويت عبر البريد، محذراً من أن ذلك قد يُسفر عنتزوير في الأصوات على نطاق واسع، على الرغم من عدم وجود دليل على ذلك. وزعم ترامب أن تحديد نتائج الانتخابات الرئاسية قد يستغرق أسابيع وربما شهوراً، وسط مخاوف من أن الاقتراع البريدي قد يُربك مكاتب البريد ولجان الانتخابات المحلية، حيث توقّع ترامب أن يتأخر الإعلان أياماً وشهوراً؛ بل قد لن تعلن مطلقاً في إشارة إلى معارضته للاقتراع البريدي.

وأثار احتمال الفرز البطيء لتدفّق 50 مليون صوت متوقّع عبر البريد، مخاوف من حدوث اضطرابات سياسية واعتراضات قانونية قد تؤدي إلى تأخير إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية والكونجرس، وقال ترامب: «لسنا مستعدين لفرز 51 مليون بطاقة اقتراع. سيشكل هذا إحراجاً هائلاً للبلاد»، مضيفاً أنها «مشكلة خطرة للغاية». ويتضمن مشروع «قانون التوصيل من أجل أمريكا» الذي مرره مجلس النواب تمويلاً مقداره 25 مليار دولار، في إطار تمويل طارئ لمواجهة آثار فيروس كورونا، حيث كان مجلس محافظي خدمة البريد الأمريكية قد طلبه، وبموجب ذلك سيتعين على هيئة البريد التعامل مع كل الرسائل الخاصة بعملية الاقتراع، باعتبارها من فئة بريد الدرجة الممتازة.

وحتى يناير/كانون الثاني 2021، سيكون محظوراً على هيئة البريد إدخال أي تغييرات على عمليات أو مستويات الخدمة، من شأنها التقليل من سرعتها أو كفاءتها أو موثوقيتها، بما في ذلك إغلاق مكاتب بريد أو تقليص عدد ساعات العمل بها، أو إزالة ماكينات الفرز وصناديق البريد، أو وقف العمل بنظام الساعات الإضافية. ويقول معارضو ترامب إن «خدمة البريد الأمريكية ليست شركة تجارية ربحية؛ بل خدمة عامة».

واعترف المدير العام لهيئة البريد بأن التغييرات التي أدخلها على النظام البريدي الأمريكي تسببت في بطء عمليات التوصيل، ولكنه يصرّ على أنه من «غير المقبول» الزعم بأن الأمر يستهدف مساعدة ترامب في الانتخابات. ويعد ديجوي من كبار المانحين الجمهوريين، وكان في السابق مديراً تنفيذياً للخدمات اللوجستية، وقد تم تعيينه مديراً عاماً قبل أشهر.

وكان المعسكر الديمقراطي الذي دخل السجال حول الاقتراع في البريد، واجه خصمه ترامب في المعركة ضد العنصرية أيضاً بتعيين كمالا هاريس ذات الأصول الهندية مرشحة لنائب الرئيس، في خطوة جاءت كرد على السياسة العنصرية التي ينتهجها الرئيس ترامب ضد السود والأقليات العرقية والدينية في الولايات المتحدة، حيث عمد الجمهوريون إلى ترشيح أعضاء من النساء والرجال المتهمين بالعنصرية ضد الأقليات والمسلمين مثل لورا لومير، التي منعت سابقاً من منصات تواصل اجتماعي؛ لأنها نشرت تعليقات معادية للإسلام، واعتبرت مع آخرين من المرشحين الجمهوريين، عنصريين ومعادين للسود والأقليات، لذلك وعد بايدن في ختام المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي بطي صفحة «الخوف والانقسامات» في البلاد حال فوزه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى