أقلام وأراء

حافظ البرغوثي يكتب – الاحتلال يواجه نقصاً في الهجرة

حافظ البرغوثي 14/1/2020

تواجه دولة الاحتلال نقصاً في عدد المهاجرين اليهود، حيث إن نسبة كبيرة من المهاجرين ليسوا يهوداً، لكنها تقوم باستيعابهم لتعويض النقص البشري في اليد العاملة والتجنيد العسكري، ومع ذلك أعلن وزير الحرب نفتالي بنيت في مؤتمر عقد في القدس المحتلة بعد إعلان الوزير الأمريكي بومبيو أن المستوطنات شرعية أنه سيعمل على رفع عدد المستوطنين في الضفة المحتلة من 400 ألف إلى مليون خلال عشر سنوات، لكنه لم يقل من أين سيأتي باليهود! فعلى الرغم من أن دولة الاحتلال أقرت قانون يهودية الكيان، فإنها تتغاضى عن تجنيس غير اليهود واستيعابهم في مؤسساتها خاصة العسكرية، حيث تعاني نقصاً في المجندين بسبب إعفاء اليهود المتدينين من الخدمة العسكرية، هؤلاء يشكلون قرابة خمس اليهود الذين يعتبرون عالة على بقية اليهود؛ لأنهم لا يعملون بل يكرسون حياتهم لدراسة الدين اليهودي فقط، ويتقاضون مساعدات من أجهزة الكيان، وهذا أصل الخلاف بين اليمين والوسط واليمين العلماني بزعامة أفيجدور ليبرمان.

قضية من هو اليهودي ما زالت بلا تعريف محدد؛ أي أن الكيان الصهيوني نفسه غير معرف جغرافياً، فما زال بلا حدود محددة وفقاً لقانونه الأساسي، وغير معرّف سكانياً لأن الاحتلال وإن أقر بأن دولة الكيان لليهود فقط، إلا أنها تضم غير اليهود من المهاجرين تباعاً.

وقد شن الحاخام الأكبر لدى اليهود الشرقيين يتسحاق يوسف هجوماً لاذعاً ضد المهاجرين الروس مؤخراً، قائلاً إنه «يوجد هنا كثير من الأغيار (غير اليهود)، وقسم منهم شيوعيون يكرهون الدين. وهم ليسوا يهوداً أبداً. وبعد ذلك يصوتون لأحزاب تحرض ضد المتدينين وضد الدين».

وقال يوسف إن «مئات وربما عشرات آلاف الأغيار جاؤوا بسبب قانون من هو اليهودي. وقد أحضروهم (السلطات الإسرائيلية) إلى البلاد كي يشكلوا وزناً مضاداً للحريديين؛ أي المتدينين، وفي حال جرت انتخابات لا يكون كثير من الحريديين في الكنيست. وأضاف أن قسماً من عائلات المهاجرين الروس يذهبون إلى الكنيسة، أيام الأحد، وإلى الدير.

يذكر أن هجرة الروس إلى «إسرائيل» بدأت في تسعينات القرن الماضي، ووصل خلالها أكثر من مليون شخص من مواطني دول الاتحاد السوفييتي السابق إلى فلسطين، بموجب «قانون العودة» الذي يسمح لليهود من أنحاء العالم بالهجرة إلى فلسطين. وتشير معطيات دائرة الإحصاء المركزية «الإسرائيلية» إلى وجود قرابة 450 ألف «إسرائيلي» ليسوا معرفين دينياً، وهؤلاء ليسوا يهوداً وهم أزواج أو أبناء وبنات المهاجرين الروس. ويواجه هؤلاء صعوبة في التهود بسبب الإجراءات والشروط المتشددة التي تضعها الحاخامية «الإسرائيلية».

كذلك فإن ثلث المهاجرين الروس في السنوات 2012 2019، يهود ومن تبقى منهم لا يتم الاعتراف بيهوديتهم.

وكان الباحث في معهد سياسة الشعب اليهودي، شموئيل روزنير، أشار إلى أن ثلثي المهاجرين من روسيا وأوكرانيا، السنة الماضية ليسوا يهوداً. وكذلك فإن ثلث مجمل المهاجرين في العام الفائت، ليسوا يهوداً ويحتاج هؤلاء إلى التهود، لكن بسبب شروط التهود المتشددة التي تضعها الحاخامية الرئيسية، فإن كثيرين منهم يتخلون عن التهود.

وعلى الرغم من أن سلطات الاحتلال لا تهتم بما إذا كان المهاجر يهودياً أم لا، فإن سياسة «إسرائيل» غير المعلنة، تسعى إلى زيادة عدد السكان غير العرب. ولا ينظر كثيرون من اليهود إلى المهاجرين غير اليهود على أنهم جزء من المجتمع «الإسرائيلي»، وكذلك فإن جميع «الإسرائيليين» تقريباً لا يريدون أن يتزوج أقاربهم من مهاجرين كهؤلاء.

السؤال هو: من أين سيأتي وزير الحرب بنيت بالمستوطنين إلى الضفة لملء الوحدات السكنية التي يعلنون عنها تباعاً، إضافة إلى محاولته تسجيل أراضي ثلث الضفة كأرض يهودية تابعة لوزارة القضاء، والسماح للأفراد اليهود بالتملك وشراء الأراضي استباقاً لقرار احتلالي محتمل بضم المنطقة المصنفة «ج» إلى كيان الاحتلال بعد الحصول على موافقة من إدارة ترامب.

أغلب المستوطنين الذين ينتقلون إلى الضفة حالياً هم منطقة تل أبيب التي تواجه أزمة إسكان وارتفاع في أسعار المساكن، فيفضل كثير من اليهود الانتقال للسكن في الضفة، والعمل في تل أبيب.

وبمعنى آخر الوضع هو نفسه الذي تحدث عنه إسحاق رابين سنة 1988 عندما زار إحدى مستوطنات الأغوار في خضم الانتفاضة الأولى وصرح أمام المستوطنين: «إننا ما كنا نفكر في الانسحاب من الضفة لو كان عندنا مليون مهاجر للاستيطان»، ويبدو أن الوزير بنيت ما زال يبحث عن مستوطنين حتى الآن، وكل ما يبنيه من مساكن استيطانية ما زالت فارغة أو ينقل إليها سكان من الساحل، فهدفها خلق وقائع على الأرض فقط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى