أقلام وأراء

حافظ البرغوثي يكتب – إدامة الدمار ولا مجال للإعمار

حافظ البرغوثي 23/6/2021

منعت سلطة حماس في غزة وزير الأشغال الفلسطيني، محمد زيارة، من دخول غزة، رغم إنه من سكان غزة،   لأنها ترفض قيامه بأي نشاط بشأن تقدير الأضرار ووضع برامج لإعادة الإعمار.

وكان الوزير في السابق قبل العدوان الأخير يمارس نشاطه في ترميم وبناء المنازل المدمرة وإقامة مشاريع ممولة من السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة ودول عربية لصالح المتضررين من عدوان 2014 وهو الأشد إيلاما لقطاع غزة، حيث دمرت أو تضررت 20 ألف وحدة سكنية.

للمرة الرابعة كما يبدو، يضيع الفلسطينيون الاستعداد الدولي لإعادة إعمار غزة، ففي عدوان 2008 حشدت الدول في قمة شرم الشيخ في مطلع 2009 قرابة ستة مليارات دولار لإعمار غزة، وهو عدوان جاء بعد اختطاف   الجندي شاليط من قبل فصائل صغيرة ثم  استحوذت عليه  حماس مقابل المال والسلاح، لكن اشتراط حماس أن يتم الإعمار بواسطتها جعل المانحين يتراجعون عن تقديم المال.

وفي عدوان 2012  شعرت حماس بالثقة مطمئنة إلى وجود جماعة الإخوان في الحكم في مصر،  وقال أحمد بديع مرشد الإخوان، وكأنه غير مكترث بتبعبات العدوان ومآله، “نقيم للفلسطينيين مخيمات في سيناء، مثل باقي الدول العربية”، أما الرئيس الراحل محمد مرسي فاستخف أكثر بقوله كم عدد سكان غزة، فقيل له قرابة مليونين، فقال نستطيع تقديم وجبات ساخنة لهم إن لجأوا إلى مصر.

لكن عرابة الربيع العربي هيلاري كلينتون هبت لتدارك الحرب واتجهت إلى تل أبيب، حيث توصلت إلى اتفاق تهدئة وتوجهت إلى القاهرة ووسمه مرسي بتوقيعه.

وعادت الدول المانحة لتبدي استعدادها لإعادة إعمار غزة مجددا، لكن حركة حماس لم تخلق الظروف الملائمة، لأنها ظلت تشترط  المساعدات عبرها.

وفي عدوان 2014 تعهد المانحون في اجتماع  دعت إليه مصر في القاهرة بتقديم 4.6 مليار دولار لإعادة إعمار غزة، لكن بعض الدول دعت إلى مؤتمر لوزراء الخارجية الأوروبيين بحضور قطر وتركيا في باريس، ولم تتم دعوة مصر والسلطة الفلسطينية، وهناك عرض الأتراك والقطريون مشروع إقامة خط بحري بين قبرص التركية وغزة وفتح المعابر مع إسرائيل تحت رقابة قوات من حلف الناتو، بمعنى آخر كان الهدف فصل غزة كليا عن محيطها الفلسطيني والمصري، لكن الحيلة لم تنطلي على الأوربيين ورفضوا الاقتراح.

وفي القاهرة انفرط عقد الحوار الفصائلي، لأن حركة حماس أرادت قطف ثمار “انتصارها” من حركة فتح، وليس من الاحتلال، بالهيمنة على منظمة التحرير،  متصورة أنها خاضت معركة الكرامة الثانية، ففي معركة الكرامة التحم الفدائيون والجنود الأردنيون بقوات الاحتلال وجها لوجه، وفجروا أنفسهم في الدبابات الإسرائيلية، ولم تكن حربا عن بعد فلا يجوز المفاخرة من قبل قادة حماس أنهم فقدوا 60 مقاتلا فقط من بين أكثر من  300 شهيد، لأن حماس تقاتل من تحت الأرض والأنفاق، والناس العزل فوق الأرض، بينما جيش الاحتلال يقاتل من فوق الأرض والمدنيون الصهاينة في الملاجئ تحت الأرض.

وبعد الكرامة سنة 1968استقال أحمد الشقيري وخلفه رئيسا لمنظمة التحرير يحيى حمودة، الذي سلمها لياسر عرفات، فلا مجال للمقارنة بين حرب غزة والكرامة.

الآن اختفى وهج الانتصار في الجهاد الأصغر وابتلعه الخلاف في الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس لتطفو المصالح الحزبية والسلطوية  ويتوقف مشروع إعادة الإعمار لخلافات بين السلطة وحماس.

لا أقول إن السلطة منزهة، لأن بها ترهل مقيت ومن المسالب الكثير ما يوازي مثيلتها في حماس ولكنها هي من تقدم الخدمات لغزة منذ انقلاب 2007، بينما   تكتفي حماس بحلاوة الحكم وجمع المكوس لخزينتها. فمذ البدء قلنا إن العالم لا ينتظرالفلسطينيين لكي يتفقوا حول إعادة الإعمار، لأن للعالم مشاغله الأكبر ولمصر تحدياتها القريبة والبعيدة بينما الاحتلال بحكومتة اليمينية المتحفزة يريد التفوق على حكومته السابقة في والعدوان والاستيطان، وسيخبو التعاطف العالمي مع القدس الذي نقل إلى غزة، ولسان حالنا يقول نخرب بيوتنا بأيدينا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى