ترجمات أجنبية

جيفري كمب يكتب – الانتخابات الأميركية.. مآلات وسيناريوهات

جيفري كمب  *- 6/11/2020

حتى الأربعاء 4 نوفمبر، لم يكن هناك أي نصر واضح لدونالد ترامب أو جو بايدن، في ما يخص انتخابات الرئاسة. وما هو واضح الآن، لحظة كتابة هذا المقال، هو أن بايدن يتقدم بأكبر عدد من الأصوات الشعبية، غير أنه لم يصل بعد إلى عتبة الـ270 صوتاً اللازمة في المجمع الانتخابي. وما نعرفه بالفعل هو أنه بعد خيبة أمل كبيرة أصيب بها «الديمقراطيون» بسبب هزيمتهم في ولايتي فلوريدا وأوهايو، فإن طريق بايدن إلى النصر بات ممهداً بعد استكمال عمليات الفرز المتواصلة ولايات قليلة متبقية، ليصبح الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة. وبغض النظر عن النتيجة النهائية، فإن أطول وأغلى حملة في التاريخ الأميركي ستنتهي بأعداد ضخمة من الأصوات لكلا المرشحين، بغض النظر عمن سيفوز بالبيت الأبيض في الأخير.

وبالنسبة لـ«الديمقراطيين»، كانت التوقعات بخصوص هذه الانتخابات جد عالية، واستطلاعات الرأي جد جيدة، لدرجة أن خيبة الأمل التي أصيبوا بها في مساء 3 من نوفمبر، شكّلت مفاجأة كبرى وذكّرت الجميع بما حدث قبل أربع سنوات، عندما فاز ترامب على نحو غير متوقع بالمجمع الانتخابي، على الرغم من أن استطلاعات الرأي كانت تُظهر تقدم هيلاري كلينتون بفارق كبير. لكن على الرغم من أن «الديمقراطيين» لم ينجحوا هذه المرة في بلوغ أقصى توقعاتهم، فإن أداءهم كان جيداً بشكل لافت في الولايات الحمراء المهمة، مثل تكساس وجورجيا، وتمكنوا من الفوز في الأخير بولاية جون ماكين (أريزونا). وبالمقابل، لم يكن أداؤهم جيداً بما يكفي في ولاية فلوريدا بسبب تقليلهم من شأن جاذبية ترامب إزاء الجالية الكوبية الأميركية. كما فشلوا في الفوز بما يكفي من مقاعد مجلس الشيوخ للسيطرة على المجلس. وبالتالي، فإذا أصبح بايدن رئيساً، فإنه سيضطر للعمل مع زعيم «الجمهوريين» في مجلس الشيوخ الذي أعيد انتخابه، ميتش ماكونل، ورؤية ما إن كانوا يستطيعون العمل معه بخصوص إغاثة المتضررين من الوباء، والرعاية الصحية، ومشاريع البنية التحتية المؤجلة منذ وقت طويل.

وإذا لم يعد ترامب رئيساً، فإن مجلس الشيوخ الجمهوري يمكن أن يكون أكثر ميلاً إلى المشاركة في تشريعات تحظى بدعم كلا الحزبين وتمرير بعض القوانين التي تفيد البلد برمته، وليس مجرد المصالح الخاصة. أما إذا استمر الكونجرس في عرقلة التشريعات «الديمقراطية» المقترحة، فإنهم يمكن أن يجدوا أنفسهم في وضع مستحيل، بالنظر إلى أن «الديمقراطيين» سيبقون مسيطرين على مجلس النواب، وبالتالي ستظل لديهم الكلمة الأخيرة بخصوص كل ما يتعلق بالفواتير والمسائل المالية، في إطار ما يعرف بـ«سلطة المحفظة» الشهيرة والفعالة.

وإذا خسر ترامب وتخلى عن السلطة في 20 يناير 2021، فإن بايدن سيكون قادراً بمقتضى «أمر تنفيذي» على إلغاء العديد من جهود ترامب التي كانت ترمي إلى إضعاف التشريعات المتعلقة بمواضيع البيئة، كما سيعيد الانضمام بسرعة إلى اتفاقية باريس للمناخ، وربما ينهي غياب أميركا عن هذا الجهد المهم من أجل التعاطي مع العواقب العالمية لتغير المناخ. ومن المتوقع أيضاً أن تلقى إدارة يقودها بايدن الترحيب في أوروبا، غير أن ردود الفعل من آسيا والشرق الأوسط قد تتوقف على الأسماء التي سيختارها لتكون ضمن فريقه الخاص بالأمن الوطني.

والسؤال الآخر المثير للاهتمام بالقدر نفسه هو: ما الذي سيحدث لترامب والترامبية إذا غادر البيت الأبيض؟ وهل سيستسلم ويرحل من دون مقاومة؟ هذا أمر مستبعد! وإذا ما خسر الانتخابات بالفعل، فإنه ما زالت لديه ثلاثة أشهر كرئيس («بطة عرجاء»)، وبتلك الصلاحيات يستطيع فعل أشياء كثيرة، بما في ذلك إصدار عفو عن أصدقائه، وربما عن نفسه وأسرته أيضاً، إن اعتقد أن النظام القضائي سيتابعه عندما يرحل. بل إن البعض يذهب إلى حد القول بأنه قد يستقيل ويسلّم الأشهر المتبقية من رئاسته إلى نائب الرئيس بانس، على أساس أن يقوم هذا الأخير بعد ذلك بإصدار عفو عن ترامب، بالطريقة نفسها تقريباً التي عفا بها جيرالد فورد عن ريتشارد نيكسون عندما استقال على خلفية فضيحة «ووترغيت».

هذه وغيرها من الخيارات الأكثر إثارة للاهتمام ستصبح أوضح، حالما تصبح لدينا نتيجة نهائية للانتخابات. ويأمل كاتب هذه السطور أن يكون قادراً الأسبوع المقبل على تناول التوقعات والآفاق بالنسبة للولايات المتحدة على مدى أطول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى