أقلام وأراء

جمعة بوكليب: ليبيا: بدء معركة السيطرة على عوائد النفط

جمعة بوكليب 16-7-2022 مـ

تسارع وتيرة الأحداث في ليبيا مؤخراً أمر يدعو إلى القلق، كونها انتقلت بالصراع على السلطة إلى دائرة ظلت في منأى عنه سابقاً، ألا وهو قطاع النفط، خاصة بعد خيبة فشل مفاوضات جنيف بين رئيسي مجلسي النواب والدولة المتعلقة بوضع قواعد دستورية للانتخابات الرئاسية والنيابية. ذلك الفشل أكد على استمرار حالة الانقسام السياسي ووجود حكومتين متنافستين في كل من طرابلس وسرت، آخذين في الاعتبار حالة الغليان الشعبي المتزايد بسبب تدني الخدمات الضرورية وانعدامها وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة، وتوقف تصدير النفط في عدة موانئ منذ منتصف شهر أبريل (نيسان) الماضي.

خلال اليومين الماضيين فوجئ الليبيون والعالم بقرار صدر في طرابلس عن حكومة الوحدة الوطنية وبتوقيع رئيسها السيد عبد الحميد الدبيبة بإقالة رئيس المؤسسة الوطنية العامة للنفط وأعضاء مجلس الإدارة وتعيين رئيس ومجلس إدارة جديدين بدلاً عنهم. وسائل الإعلام الليبية والأجنبية تتحدث عن اتفاق تمّ بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة والمشير خليفة حفتر، في اجتماع سرّي عقد مؤخراً في بلد عربي بين وفدين يمثلانهما، وأن إقالة رئيس المؤسسة النفطية واستبدال آخر به كان على طاولة المفاوضات، وبطلب من طرف الوفد الممثل للمشير حفتر، ومقابل ذلك يتم فتح الموانئ النفطية المغلقة.

قبل فترة الإغلاق كانت ليبيا تصدر 1.200 مليون برميل يومياً، ووصل خلال فترة الإغلاق ما بين 700 – 800 ألف برميل يومياً، أي بخسارة 400 ألف برميل يومياً. التقارير تؤكد أن الرئيس البديل للمؤسسة كان من اختيار المشير حفتر. واستناداً إلى تقارير إعلامية غربية، فإن الغرض منه ليس حصول المشير على حصة كبيرة من عوائد النفط، بل حصة أكبر من الميزانية.

أهمية القطاع النفطي ومؤسساته لا تخفى على أحد، وحيادية القطاع ومن يتولونه وإبعاده عن النزاعات السياسية ضرورة لاستمراره، وتواصل تدفق عوائده المالية. وجرت العادة أن يتولى قيادة المؤسسة أشخاص من داخل القطاع. لكن الرئيس البديل مصرفي مخضرم وشغل في السابق منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي. وفي يوم الخميس الماضي، تسلم، بمعاونة قوة عسكرية، مهامه. وعقد مؤتمراً صحافياً أمام مقر المؤسسة بطرابلس أكد فيه على حياديته سياسياً، ووعد بفتح الموانئ النفطية المغلقة. وكشف عن اتصالات قام بها مع المسؤولين في السفارة الأميركية بليبيا، قال إنهم أبدوا مخاوفهم من استخدام أموال النفط في دعم طرف ضد آخر، كما أجرى مشاورات مع مسؤولين من الحكومة الفرنسية. وأوضح أن حكومة الوحدة الوطنية قامت بإجراء اتصالات مع جهات دولية لهذا الغرض. ووعد بإعادة تصدير النفط إلى أعلى المستويات الممكنة. وقال إن المعترضين على تعيينه يمكنهم اللجوء إلى القضاء، وإذا حكم القضاء بعدم قانونية تكليفه فإنه سيغادر المؤسسة.

قرار إقالة السيد مصطفى صنع الله قوبل بالرفض من قبل رئيس مجلس الدولة خالد المشري، الذي طلب في رسالة من رئيس الحكومة سحب القرار. إلا أن السيد الدبيبة رد برسالة رافضاً الطلب، ومعتبراً القرار من صميم صلاحياته كرئيس للحكومة، وأن دور مجلس الدولة استشاري، وغير ملزم للحكومة، وأن القرار لا يعنيه وليس من اختصاصات المجلس. وفي تغريدة نشرها على حسابه في موقع تويتر أبدى السفير الأميركي موافقة ضمنية على القرار مقترحاً على المعارضين الطعن فيه قضائياً، ومؤكداً في ذات الوقت أن المؤسسة تحت قيادة السيد صنع الله ظلت مستقلة سياسياً وتعمل بكفاءة عالية. وشاركت السفيرة البريطانية نظيرها الأميركي القلق وأكدت على ضرورة حماية واحترام واستقلالية وسلامة المؤسسة الوطنية للنفط. الرئيس السابق للمؤسسة مصطفى صنع الله رفض الاعتراف بالقرار، وانتقد بلغة شديدة اللهجة رئيس الحكومة، متهماً إياه بعقد صفقة مع بلد عربي آخر. وأكد في تصريح أن المديرين التنفيذيين والشركات التابعة للمؤسسة ما زالوا يعترفون به رئيساً.

هناك أسئلة كثيرة انبثقت من الاتفاق الفجائي بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية والمشير خليفة حفتر، وفي هذا الوقت بالذات، وتأثير ذلك على العلاقة بين المشير حفتر ورئيس حكومة الاستقرار الوطني السيد فتحي باشاغا. التقارير الإعلامية تشير إلى أن هدف السيد الدبيبة هو دق إسفين في العلاقة بين الاثنين، يضمن إضعاف منافسه داخلياً، ويحرمه من أكبر داعميه. السيد باشاغا لم يصدر عنه شخصياً أو عن مكتبه الإعلامي تصريح أو بيان بالخصوص. ومن الواضح أن الأمور، حسب ما يطفو منها على السطح، تسير في وجهة معاكسة له. ودعا بيان صادر عن جهة تدعى «مبادرة القوى الوطنية الليبية» الجماهير إلى الخروج يوم الجمعة في مظاهرات احتجاج ضد القرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى