ترجمات أجنبية

توماس فريدمان يكتب – ترامب .. هل نسف الحزب «الجمهوري»؟

توماس فريدمان  *- 15/1/2021

عندما تتكشف كل الحقائق بخصوص الهجوم على مبنى الكونجرس الأميركي الذي شجّع عليه دونالد ترامب، فإن عزله ثلاث مرات لن يكون كافياً !

ولنتأمل هذا العنوان من عدد يوم الاثنين من صحيفة «واشنطن بوست»: «مقاطع فيديو تُظهر الغوغاء يسحبون شرطياً على الدرج. وأحد مثيري الشغب يضرب شرطياً بعمود عليه العلم الأميركي».

غير أنني إذا كنت أرغب في رحيل ترامب – ولا أمانع في إسكاته في هذه الفترة شديدة التوتر – فإنني لست واثقاً من أنني أريده أن يبقى مبعداً عن «تويتر» و«فيسبوك» بشكل دائم؛ لأن هناك عملاً مهماً ينبغي لترامب أن ينجزه عقب رئاسته، وأريده أن تكون لديه أبواق مناسبة للقيام بذلك. إنه نسف الحزب الجمهوري الحالي.

فأمنيتي الأولى لأميركا اليوم هي أن ينقسم هذا الحزب «الجمهوري» ويتفكك، فينفصل «الجمهوريون» ذوو المبادئ عن «الجمهوريين» عديمي المبادئ وأعضاء طائفة ترامب. وذلك سيكون من دون شك نعمة لأميركا لسببين اثنين:

الأول، لأنه يمكن أن ينهي حالة الجمود في الكونجرس ويمكّننا من القيام ببعض الأشياء الكبيرة بخصوص البنية التحتية، والتعليم، والرعاية الصحية، التي من شأنها مساعدة كل الأميركيين – وليس أقلهم أولئك الذين يوجدون في معسكر ترامب، والذين يوجدون هناك تحديداً لأنهم يشعرون بالتجاهل والإذلال والتهميش.

فإذا قام بعض «الجمهوريين» من ذوي المبادئ والمنتمين ليمين الوسط، مثل «ميت رومني» و«ليزا موركوفسكي»، بمغادرة هذا الحزب «الجمهوري»، أو كانوا مستعدين للعمل مع فريق بايدن من يسار الوسط، فإن «فريق حل المشاكل» في مجلس النواب والأعضاء الذين لديهم آراء ومواقف مماثلة في مجلس الشيوخ – الأشخاص الذين مرّروا مشروع قانون التحفيز الاقتصادي – سيصبحون أقوى من أي وقت مضى. وهذه هي الطريقة التي يمكن أن نشرع بها في التخفيف من حالة الجنون الذي تمر بها بلادنا وتجعلنا ننظر إلى بعضنا بعضاً من جديد كمواطنين وليس كأعداء.

والثاني، إذا انفصل «الجمهوريون» الذين لديهم مبادئ عن طائفة ترامب، فإن فلول الحزب «الجمهوري» الموالين لترامب سيجدون صعوبة كبيرة في الفوز بانتخابات وطنية قريباً. وبالنظر إلى ما رأينا مؤخراً، فإنه لا يمكن الوثوق في هؤلاء الترامبيين قطعاً وائتمانهم على السلطة.

فكّر في ما فعلوه. فكل هؤلاء المشرّعين من طائفة ترامب روّجوا لأكاذيب ترامب بكل سرور. وفكّر في هول ما حدث: ترامب أخذ أكبر انتخابات في التاريخ الأميركي – انتخابات صوّت فيها عدد أكبر من الأميركيين من أي انتخابات سابقة، بحرّية ونزاهة وسط وباء فتاك – وادّعى أنها كانت كلها مزورة، لأنه لم يفز. ثم بناء على تلك الأكاذيب، صوّت ثمانية سيناتورات جمهوريين و139 عضواً في مجلس النواب لإبطال فوز جو بايدن الانتخابي. إنه أمر مقزز!

لهذا آملُ أن ينقسم الحزب. وإليكم لماذا يمكن أن يكون ترامب مفيداً جداً في كسره؟

ما الذي كان يحلم به السيناتوران «جوش هولي» و«تِد كروز» عندما أبانا عن محاولتهما إقناع الكونجرس برفض فوز بايدن على أساس أكاذيب؟ لقد كانا يحلمان بعالم ترامبي بدون ترامب. فقد اعتقدا أنهما إذا فعلا ما يقوله لهما ترامب، فإنه قاعدته الانتخابية ستؤول إليهما حال رحيله.

ذلك أن هولي وكروز جد متعطشين للسلطة لدرجة أنهما قد يحرقان أميركا إن اعتقدا أنهما يستطيعان أن يكونا رئيسين على رمادها.

ولكنهما متهوران. فكما أكد ترامب وأبناؤه في التجمع، الذي شجّع بعضَ أنصاره على اقتحام مبنى الكونجرس، فإن أسرة ترامب ليست مهتمة سوى بالترامبية مع أسرة ترامب.

أو كما أوضح دونالد ترامب جونيور للمجتمعين قبل أن يصيروا مشاغبين (والذين وصفتهم إيفانكا بـ«الوطنيين»)، فإن الحزب «الجمهوري» يحتاج للإيقاظ. فكل أولئك «الجمهوريين» في الكونجرس، يقول دونالد جونيور، «لم يفعلوا شيئاً لوقف السرقة. وهذا التجمع ينبغي أن يبعث إليهم برسالة مفادها أن هذا لم يعد حزبهم «الجمهوري» بعد اليوم. إنه حزب دونالد ترامب الجمهوري».

أجل، قل لهم يا دونالد. فكلما أكّدت على ذلك، كلما سيتعين على مزيد من «الجمهوريين» من ذوي المبادئ مغادرة الحزب. ومنذ أن أظهر استطلاع حديث للرأي لجامعة كوينيبياك أن أكثر من 70 في المئة من «الجمهوريين» ما زالوا يدعمون ترامب، فيمكنك أن تكون على يقين بأنه سيواصل التأكيد على أن الحزب حزبه، ويواصل قول أشياء بغيضة ستشكّل اختبارات ولاء يومية لكل المشرّعين «الجمهوريين»، ما يرغمهم على الإجابة إن كانوا معه أو لا. وهذا الضغط سيكون هائلاً.

أو لا. وعلى أي حال، هذا وقت الاختيار بالنسبة لـ«جمهوريي الموقف الغامض والملتبس السابق الذي يقول: «ما كنتُ لأسمح أبدا لترامب بتدريب فريق طفلي لكرة البيسبول، ولكنني معجب بخفضه للضرائب أو سياساته تجاه إسرائيل وبقضاته أو بموقفه من الإجهاض»، لن يعود مجدياً بعد اليوم. فترامب تمادى كثيراً في اتجاهات غير سليمة، والقاعدة الحزبية «الجمهورية» ما زالت معه. وبالتالي، فإن الحزب حقاً حزبه. وسيتعين على كل «جمهوري» أن يسأل نفسه: هل ما زال حزبي أيضاً؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى