توفيق أبو شومر: هل فوز، ممداني غزوٌ إسلامي لنيويورك؟!
توفيق أبو شومر 12-11-2025: هل فوز، ممداني غزوٌ إسلامي لنيويورك؟!
قالت الصحافية، ميلاني فيبليبس وهي صحافية بريطانية، تكتب في مجلة الصهيونية المركزية يوم 9 -11 – 2025: «أدركتُ بعد رصدي للصحف الإسلامية والعربية وما رصده معهد (ميمري) أن نجاح ممداني لرئاسة بلدية نيويورك هو غزو إسلامي لنيويورك، وهي المدينة التي تُسمى The Big Apple أكبر مدينة أميركية، ووصل الأمر أن بعض الصحف الإسلامية دعت إلى تطبيق الشريعة، وإقامة الخلافة الإسلامية في نيويورك»!
نشرت قناة فوكس نيوز تحليلاً لفوز، زهران ممداني يوم 7 – 11 – 2025 جاء فيه: «إن هذا الفوز هو تحالف بين الأحمر (الشيوعي) والأخضر (الإسلامي) وهو انتصار للإخوان المسلمين في أميركا وأوروبا، ما سيعجل أميركا تصبح شبيهة بلندن، على الرئيس، ترامب أن يُصدر أمراً حاسماً لمنع هذا التحول ومحاربة اللاسامية، وليس خطاباً فارغاً»!
انتعش كثيرون من المظلومين في العالم العربي والإسلامي، بخاصة الكارهون لسياسات أميركا في كثيرٍ من دول العالم، انتعشوا بنجاح زهران ممداني (محمداني) مع العلم أن هذه (الانتعاشة) ليست الأولى، بل هي مماثلة لما حدث عند نجاح بعض المرشحين من أصولٍ إفريقية وعربية، وأقربهم هو رئيس أميركا السابق، باراك أوباما، حتى أن كثيرين تغنوا بالمناسبة، وسموا أوباما اسماً عربياً، (أبو حسين)!
هؤلاء المنتعشون هم دائماً يحسبون أن رئيس الدولة أو رئيس البلدية في الدول الديموقراطية الكبرى سيكون هو الآمر الناهي، والدكتاتور الباطش القادر على تغيير سياسة وطنه من النقيض إلى النقيض، هؤلاء المنتعشون لا يقيمون اعتباراً لأنظمة تلك الدول، ولا يعرفون أن من يَحكمها هو حكوماتٍ عميقة تتولى إدارة تلك البلدان، وما الحاكم الفرد سوى مقاول ينفذ سياسات هذه الحكومات العميقة، وهم أيضاً لا يحسبون أن بطلهم الجديد مولود في وطنه الجديد، يحمل ثقافة الوطن، لن يلتفت إلى أمانيهم وأحلامهم وآمالهم، هؤلاء الحالمون يعتقدون أنه سينتصر لانتماء آبائه وأجداده، وهو في الحقيقة خادم لسياسة وطنه الجديد، هؤلاء المنتعشون يغفلون
رغباتهم (الأسطورية) باعتبارها شعارات (طوباوية) لا يمكن تحقيقها، وهي نابعةٌ بالدرجة الأولى من واقعهم الأليم، أو من إعجابهم بديموقراطية هذه الدول، مَن يرصد ظاهرة الإعجاب بزهران ممداني في الألفية الرقمية، يجد أن هناك معجبين بممداني لأن له زوجة عربية سورية، ويتحدث بعض الجمل باللغة العربية، كما أن هناك معجبين به من منطلق صغر سنه، وقدراته الخطابية!
وهناك آخرون ندموا على الإعجاب عندما وجدوه من أنصار المثلية الجنسية، وهناك آخرون اتهموه بأنه شيعيٌ وليس سنياً، وهناك آخرون استفاقوا بعد غفوة طويلة، وعادوا يرجحون نظرية المؤامرة، وأوردوا له صوراً مع الجالية اليهودية في نيويورك!
إن صعود، زهران إلى رئاسة بلدية نيويورك دعا كثيرين من الصحافيين والكتاب والمؤرخين الأجانب لأن يعيدوا حساباتهم التقليدية، فوكالة رويترز للأخبار نشرت يوم 9-11-2025 تحليلاً لواقعة الانتخاب، وأشارت إلى أن جمهوره الانتخابي كان من الشباب المتحررين من التقاليد القديمة، التي كان يمثلها حاكم نيويورك السابق، أندرو كومو، وأشارت الوكالة إلى أن استطلاعات رأي معهد، Pew أشارت إلى أن الشبان اليهود أقل من 35 سنة يعتقدون أن ما جرى في غزة من جرائم هو أمرٌ غير مقبول، وأن 68 % من اليهود من هم فوق سن الخمسين في نيويورك يعتقدون أن ما قام به جيش إسرائيل مقبول!
أشارت رويترز كذلك إلى أن، زهران يؤمن بشعار (عولمة الانتفاضة الفلسطينية ضد إسرائيل) وهو شعار الطلاب المنتفضين في جامعة كولومبيا ضد عمليات الإبادة في غزة، وأن هذا الشعار هو دعوة لاضطهاد اليهود، وأن ممداني من أنصار حركة BDS التي تدعو لمقاطعة البضائع والشركات الإسرائيلية!
أما الجالية اليهودية في نيويورك، فقد أعلنت عن احتفال كبير سيعقد في نيويورك، احتجاجاً على انتخاب زهران ممداني لتخليد ذكرى مقتل الحاخام، مائير كاهانا، وهو الحاخام العنصري الذي اغتيل في نيويورك العام 1990، مائير كاهانا كتب كتاباً عنصرياً ضد الفلسطينيين بعنوان (يجب أن يرحلوا) وهو أستاذ، عضو الكنيست، بن غفير وزير الأمن الوطني، وهو أيضاً معلم، بتسلئيل سموتريتش وزير المالية!
أما جمعية مكافحة التشهير ضد اليهود ADL فقد أصدرت بياناً قالت فيه: «انقضى عصر اليهود الذهبي في أميركا، للأسف حصل، ممداني على ثلث الأصوات من اليهود، بخاصة من الشباب، إن اليهود المناصرين للحزب الديموقراطي أثبتوا أن انتماءهم للحزب الديموقراطي الأميركي أهم من يهوديتهم، كما أن عدداً كبيراً منهم قد تزوج من غير اليهوديات، إن الصراع الديموقراطي لا يبشر بالخير بالنسبة ليهود أميركا، مع العلم أن حياة اليهود في نيويورك لن تنتهي، بل ستصبح أكثر إزعاجاً، فهم قد يتحولون إلى مواطنين من الدرجة الثانية، يحملون آراءً غير مرغوبٍ فيها»!
نشر مؤتمر رؤساء اليهود الأميركيين بياناً يوم 5 – 11 – 2025 جاء فيه: «إن انتخاب ممداني وموقفه المعادي لإسرائيل نقطة سوداء في تاريخنا المعاصر، لأن أكبر تجمع لليهود خارج إسرائيل سيصبح تحت قيادة عدو إسرائيل والشعب اليهودي»!
أما ردود أفعال حكومة إسرائيل فقد ظهرت في أقوال بعض منتسبي التيار الديني الصهيوني، مثل عضو الكنيست، أوهاد طال الذي قال: «زهران ممداني شيوعي لا سامي، نجاحه جرحٌ عميق في المجتمع الأميركي، لذا أدعو التقدميين في الحزب الديموقراطي إلى الاستيقاظ وتقويم هذا الخلل، إن تصويت صغار السن اليهود لانتخاب، ممداني يشير إلى أنهم فقدوا التمييز بين الخير والشر، وإذا وقعت أميركا في يد هؤلاء التقدميين (الحمقى) فإن هذا يعني بدء عصر الفقر، وامتلاء الشوارع بالمهاجرين، ما يجعل أميركا تتقهقر إلى الوراء»!
تجلت ردود الأفعال الإسرائيلية الصريحة في لقاء عقده، وزير المالية، سموتريتش عضو الحزب الصهيوني الديني مع صحيفة»إسرائيل ناشيونال نيوز» يوم 5 – 11 – 2025، مع العلم أن سموتريتش يحمل الهدف الإسرائيلي الكبير، وهو الرؤية المركزية للتيار القومي الصهيوني، رؤية مؤسسي إسرائيل الأوائل والحاليين، هدفها السعي لتهجير يهود أميركا إلى إسرائيل، وهو الملف الأكثر خطورة، فقد قال في مقابلته مع الصحيفة: «أعلن اليوم بعد فوز، زهران ممداني أن العام 2026 سيكون عام الهجرة إلى إسرائيل، كل اليهود يجب أن يعودوا إلى إسرائيل، إسرائيل تفتح ذراعيها لهم، مرحباً بهم وبنقودهم، هناك حوافز كبيرة لهم، سيُعفَون من الضرائب سنتين كاملتين، وهو يستشهد بما قاله الحاخام الأكبر للتيار الديني الصهيوني، أبراهام كوك: «أحياناً فإن القوة هي التي تجلب أسراب الحمام إلى الحظيرة، وها نحن نعيش اليوم في هذا العهد»!



