شؤون إسرائيلية

تظاهرات الاحتجاج ضد نتنياهو قد تبدأ تؤتي أكلها

أنطوان شلحت  *- 5/10/2020

هل ستبدأ تظاهرات الاحتجاج ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والتي تطالبه بالاستقالة، سواء على خلفية تقديمه إلى المحاكمة بشبهة ارتكاب مخالفات فساد أو على خلفية فشل حكومته في مواجهة أزمة فيروس كورونا، تؤتي أكلها؟

هذا هو السؤال الذي يطغى على الكثير من التحليلات الإسرائيلية في الأيام القليلة الفائتة مع دخول هذه الاحتجاجات أسبوعها الـ15 واستقطابها للمزيد والمزيد من الإسرائيليين وبالأساس المتضررين من تداعيات الأزمتين الصحية والاقتصادية- الاجتماعية اللتين ترتبتا على تفشي فيروس كورونا وعلى الفشل في مكافحته.

وفضلاً عن استمرارية هذه التظاهرات واتساع رقعتها الجغرافية وعدد المنخرطين فيها، طرأ الأسبوع الفائت مُستجد آخر يعتبره بعض المحللين واعداً، يتمثل في نشوء جيب معارضة للحكومة ورئيسها داخل حزب “أزرق أبيض”، الحليف الرئيس لحزب الليكود في الائتلاف الحكومي.

وشكّلت استقالة وزير السياحة الإسرائيلية أساف زامير (من “أزرق أبيض”) مؤشراً إلى هذا التطوّر. وكتب زامير في بيان نشره عبر صفحته في “فيسبوك” في إثر استقالته: “أنا قلق على الدولة، قلق من أنها على وشك الانهيار التام، ومن الواضح أن هذا لن يتغيّر ما دام نتنياهو رئيساً للحكومة، فأزمة كورونا مع كل تأثيراتها الكارثية موجودة بأحسن الأحوال في المرتبة الثانية على قائمة سلم أولويات رئيس الحكومة، والاعتبارات الشخصية والقضائية هي التي تشغله، وهذا واضح في كل خطوة يقوم بها”.

وتتقاطع أقوال زامير هذه مع كثير من التعليقات التي أكدت الأمر عينه حتى قبل أن يبوح بها، بل إن بعضها ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى حدّ اتهام نتنياهو بتسييس أزمة كورونا من أجل تلك الاعتبارات الشخصية والقضائية.

ووفقاً لبعض تلك التعليقات، إذا كان نتنياهو استغل الموجة الأولى من تفشي فيروس كورونا، في آذار ونيسان الفائتين، لتسريع تشكيل ائتلاف وحكومة جديدين برئاسته هو، بالرغم من عدم فوزه بالأغلبية البرلمانية التي تتيح له إمكان ذلك، فها هو يستغل الموجة الثانية من تفشي الفيروس الآن لمحاصرة بل ومنع أي نشاطات احتجاجية تطالب باستقالته من جهة، ولتأجيل موعد بدء جلسات النظر في لائحة الاتهام الجنائية ضده من جهة أخرى، كما دلت على ذلك عدة إجراءات أقدمت عليها الحكومة في الآونة الأخيرة وكانت ذروتها مصادقة الحكومة الإسرائيلية يوم 1 تشرين الأول الحالي على سلسلة من الأنظمة الجديدة، استناداً إلى التعديل الخاص الذي أقرّه الكنيست للقانون المسمى “قانون صلاحيات كورونا”، وهو “قانون طوارئ” كان الكنيست سنّه في بدايات أزمة كورونا. وينصّ التعديل القانوني والأنظمة الجديدة التي وضعتها الحكومة بناء عليه، على تقييد عدد من الحقوق والحريات الأساسية والمساس بها بصورة حادة إلى حدّ الإلغاء التام، في مركزها: الحق في التظاهر كجزء من حرية التعبير عن الرأي، حرية الحركة والتنقل، الحق في الخصوصية الشخصية، الحق في الحفاظ على السريّة الطبية، وغير ذلك من الحقوق.

ويجدر في شأن كل ما تقدّم، ونحن نراقب التطورات القريبة المقبلة، أن نلفت الأنظار إلى ما يلي: يتفق كثيرون من المحللين في إسرائيل، كما سلفت الإشارة، على أن نتنياهو منهمك أكثر شيء في ما يخدم اعتباراته الشخصية والقضائية وفي مقدمها إلغاء محاكمته الوشيكة. وبناء على ذلك فهو بحاجة إلى حكومة تنساق وراء هذه الاعتبارات وتؤيد الإجراءات الكفيلة بتحقيق غاية إلغاء المحاكمة، مثل سن قانون جديد على غرار “القانون الفرنسي” الذي يحظر محاكمة رئيس حكومة في أثناء توليه لمهمات منصبه، أو إقرار ما يعرف بـ”فقرة التغلب” لكبح قرارات المحكمة العليا. وكانت خطته تقوم على أساس التأدية بالوضع إلى انتخابات جديدة تسفر عن تأليف حكومة ائتلاف بين الليكود وشركائه الطبيعيين من أحزاب اليمين واليهود الحريديم. ولكن نظراً لتراجع احتمالات تأليف حكومة كهذه في أي انتخابات جديدة، كما تظهر استطلاعات الرأي العام تحت وطأة أزمة كورونا، شرع نتنياهو في سلوك طريق أخرى تفضي إلى إعلان حالة طوارئ في إسرائيل بما من شأنه أن يسفر عن تأجيل المحاكمة أو ربما يؤدي إلى إلغائها. وهذه الطريق هي التي تتسبب في الوقت الحالي بتأجيج حملة الاحتجاج ضده.

في سياق آخر، على الرغم من أن جميع الأحداث في إسرائيل تبدو الآن مضبوطة على إيقاع أداء نتنياهو وحزب الليكود وحكومته الخامسة حيال أزمة كورونا وتداعياتها، فإن ذكرى مرور عقدين على الانتفاضة الفلسطينية الثانية وهبة أكتوبر، التي صادفت هذه الأيام، أعادت قضية فلسطين إلى صدارة الاهتمام، كما برز الأمر مثلاً في وسائل الإعلام الإسرائيلية.

ونقدّم في هذا العدد من “المشهد الإسرائيلي” تغطية خاصة لأبرز المحاور التي شغلت وسائل الإعلام تلك في هذه المناسبة، وفي طليعتها المحور المتعلق بالتغيرات التي شهدتها إسرائيل على مدار العقدين الفائتين والمرتبطة بالأساس بواقع أنها انزاحت أكثر فأكثر نحو اليمين وأن السلام ابتعد كثيراً، مع ضرورة ملاحظة شبه انعدام وجود معارضة لهذا اليمين ولا سيما على مستوى الخطاب السياسي المتعلق بقضية فلسطين وتسويتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى