ترجمات أجنبية

تذليل صعوبة الانتقال من هنا الى هناك في القضية الفلسطينية

مركز الناطور للدراسات والابحاث

نقلا عن موقع “كاونتر بانش” الأميركي * 23/2/2012

نشر موقع “كاونتر بانش” الأميركي مقالا مطولا لمدير اللجنة الاسرائيلية ضد هدم المنازل جيف هالبر تحدث فيه عن هدير الجرافات الاسرائيلية في مختلف انحاء “البلد الواحد” المنقسم الى شطرين الذي يعرف بـ”اسرائيل/فلسطين”. وفيما يلي ما جاء في هذا المقال:

المساكن ومراكز المجتمعات وحظائر الحيوانات و”المنشآت” الفلسطينية (حسب اوصاف السلطات الاسرائيلية) ازيلت في المدينة العتيقة وفي سلوان واجزاء متفرقة من المنطقة “ج” في الضفة الغربية، اضافة ايضا الى تلك التي تعود الى البدو – الذين يحملون الجنسية الاسرائيلية – في النقب، كلها تعرضت للهدم والازالة. انها عملية تمشيط واجبار اخر العرب للدخول في زنازين سجنهم الكبير حيث لا يسمعون احدا ولا يسمع احد بهم.

وحتى الان اثار تقرير سري بعث به القناصل الاوروبيون في القدس ورام الله مشاعر القلق الشديد في شأن “الطرد الاجباري” للفلسطينيين – وهو تعبير يصعب استخدامه على الدبلوماسية الاوروبية – من المنطقة “ج” في الضفة الغربية (وتسيطر اسرائيل سيطرة تامة على 60 في المائة من اراضي الضفة الغربية، ولا يعيش فيها الا اقل من 5 في المائة من السكان الفلسطينيين).

وبتركيزه بصفة خاصة على ازدياد عمليات السلطات الاسرائيلية في هدم المنازل وارتفاع نسبة الصعوبات الاقتصادية لحياة الفلسطينيين في المنطقة “ج”، فان التقرير يشير الى غور الاردن الخصب والاستراتيجي (حيث انخفض عدد السكان الفلسطينيين فيه من 250 الفا الى 50 الفا منذ بداية الاحتلال الاسرائيلي)، وخطط اعادة اسكان بدو الجهالين الـ 3000 على قمة تلة جرداء فوق مكب نفايات القدس والتدمير المستمر والمتصاعد للمساكن الفلسطينية (500 في العام 2011).

في الوقت ذاته تستمر عملية “تهويد” القدس، وتعزل القدس “الكبرى” الاسرائيلية الاجزاء الفلسطينية من المدينة عن بقية المجتمعات الفلسطينية بينما يسكن اكثر من 100 الف مستوطن خلف الجدار. وفي الوقت الذي هدم فيه 120 منزلا في القدس الشرقية في العام 2011، اعلنت الحكومة الاسرائيلية في الفترة ذاتها عن بناء ما يقارب 7000 وحدة سكنية لليهود في القدس “الكبرى”. وكان تقرير سابق للاتحاد الاوروبي قد افاد بانه “اذا لم يتوقف الاتجاه الحالي ويعود الوضع الى ما كان عليه، فان اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ضمن حدود ما قبل 1967 تبدو بعيدة المنال اكثر من ذي قبل. ونافذة حل الدولتين بدأت تنغلق على عجل….”.

والحقيقة انها اغلقت منذ زمن. ففيما يتعلق بالمستوطنين والفلسطينيين، تعامل الحكومة الاسرائيلية البلاد كلها وحدة واحدة. وفي العام الماضي قامت بهدم عدد من منازل “المواطنين الاسرائيليين” (وطبعا العرب منهم) يبلغ ثلاثة اضعاف ما فعلته في الاراضي الفلسطينية المحتلة.

وليس في كل هذا ما يقلق الاسرائيليين، بل انه قلما يظهر في الاخبار. وبالنسبة لهم فان الصراع العربي الاسرائيلي انتهى بالانتصار واصبح شيئا منسيا منذ سنوات، منذ حوالي العام 2004 عندما ابلغ بوش شارون ان الولايات المتحدة لا تتوقع من اسرائيل الانسحاب الى حدود 1967، وبهذا انهى “حل الدولتين” وتوفي عرفات “في ظروف غامضة”.

وبالنسبة للمجتمع الدولي، فان “الرباعية” التي تضم الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة في “مسيرة السلام” المفقودة، ظلت صامتة صمت القبور. (واسرائيل رفضت تحديد موقفها بشأن الحدود والقضايا التفاوضية الرئيسة الاخرى بحلول 26 كانون الثاني (يناير) وهو “الموعد النهائي” الذي حددته “الرباعية”، ولم يتقرر عقد اجتماعات جديدة).

كما تخلت الولايات المتحدة عن التظاهر بالقيام بدور “الوسيط الأمين”. وقبل اشهر عندما دخلت الولايات المتحدة في معمة “موسم” الانتخابات، تلقت اسرائيل الضوء الاخر من كلا الديمقراطيين والجمهوريين لتفعل ما تشاء في الاراضي المحتلة. وفي ايار (مايو) الماضي دعا الجمهوريون نتنياهو لالقاء خطاب في الكونغرس لنقل رسالة واضحة الى اوباما: ارفع يدك عن اسرائيل. وحتى لا يكون الخاسر، القى اوباما كلمة امام مجلس العلاقات العامة الاميركي الاسرائيلي (أيباك) واكد وعد بوش انه ليس على اسرائيل العودة الى حدود 1967 او التخلي عن مستوطناتها الرئيسية في القدس الشرقية والضفة الغربية. وانتهز تلك الفرصة ليعد بـ”فيتو” اميركي في حال مطالبة الفلسطينيين بعضوية الامم المتحدة. وهكذا فانه لم يعد امام اسرائيل التظاهر باي شيء فيما يتعلق بالصراع، وكل ما بقي عليها هو تحول الانتباه الى شؤون دولية اكثر “حساسية” لكي تُنسى تماما القضية الفلسطينية، ومن هنا انصب الاهتمام على ايران.

وعلى اي حال، فانه على ضوء عدم استدامة الاحتلال والنظام التعسفي القائم في انحاء فلسطين التاريخية، فان الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان والقانون الدولي ومهاجمة ايران، يمكن ان تعيد ترتيب الاوراق في الشرق الاوسط، في وقت لا يزال فيه الربيع العربي يشق طريقه. فتعطيل تدفق النفط الى الغرب بسبب الهجوم على ايران، وعدم الاستقرار في روسيا وحقيقة ان الصين لا تملك نفطا خاصا بها، قد يتسبب في خلق ازمة مالية رئيسة في ارجاء العالم. وقد تلعب التوترات الصينية الاميركية واحتمال وقوع الاسلحة النووية الباكستانية في ايدي طالبان وردود الفعل الايرانية التي يصعب التكهن بها، كل ذلك قد يلعب دورا قويا وان كان غير مباشر. وقد ينهي رون بول، وزير الخارجية في حال نجح غينغريتش في سباق الرئاسة الاميركي، كل الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي لاسرائيل، وفي هذه الحالة يسقط الاحتلال خلال شهر.

وايا كان سبب انهياره، فان علينا ان نكون مستعدين وجاهزين ومنظمين اذا كنا سننتهز تلك الفرصة التاريخية، التي قد تحصل في وقت اقرب مما نتصور. والانهيار مع وجود هيئة فلسطينية فاعلة وتمثل الاطياف جميعها، هو السبيل الوحيد لكي نصل ال “هناك” من “هنا”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى