#شؤون إسرائيلية

تحالف التناقضات : حدود استقرار بينيت – لابيد

شادي محسن *- 23/6/2021

نجح نفتالي بينيت زعيم حزب يمينا المنتسب للتيار اليميني القومي المتطرف، بعدد 7 مقاعد في الكنيست، في حلف اليمين الدستورية كرئيس للحكومة الإسرائيلية الجديدة، لتتسابق الأسئلة حول مدى استقرار الحكومة الجديدة من عدمه.

يتوقف استقرار الحكومة الإسرائيلية الجديدة على مجموعة من الاعتبارات المركبة ذات المستويات المتعددة، يمكن توضيح أهمها وتفسير دلالاتها كالتالي:

أولًا- طبيعة الأجندة السياسية للحكومة: ما إذا كانت ذات طبيعة أمنية، أم اقتصادية اجتماعية، أم سياسية تركز على ملفات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

يميل الرأي العام الإسرائيلي حسب المراكز البحثية الإسرائيلية، بنسبة 67%، إلى القول بأن على الحكومة الجديدة التركيز على الملفات الاقتصادية والاجتماعية أولًا، ثم تأتي الملفات الأمنية بشأن التهديدات الأمنية الإيرانية، والتحديات الملحقة به في قطاع غزة عبر حركة حماس.

ويعد الرأي العام الإسرائيلي أحد العوامل التي قادت إلى نجاح لابيد في تشكيل حكومة بدون نتنياهو، بسبب أن أحزاب الوسط واليسار ركزت في برامجها الانتخابية على معالجة تحديات أزمة فيروس كورونا على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، كما تركز على معالجة أزمة التفاوت الطبقي داخل المجتمع الإسرائيلي، وأزمة الإسكان، وخلق فرص للعمل لتقليل نسب البطالة.

أما على المستوى الاجتماعي فينصب التركيز على استعادة الثقة في نظرية التعايش بين اليهود والعرب مرة أخرى بعد أن لفظتها تداعيات الأزمة الأخيرة في غزة وبرزت المواجهات العنيفة بين الجانبين في المدن الإسرائيلية. وتتضمن أجندات الأحزاب المعنية آليات لتحقيق ذلك عبر خلق وسائل اقتصادية، مثل فرص عمل مشتركة على سبيل المثال، بالأخص بين العرب والحريديم (التيار الديني المتطرف)، وضخ الاستثمارات الحكومية في المدن العربية وتمويل المؤسسات التي تشجع على التعايش، وفرض السيادة الشرطية في المناطق التي ترزح تحت العصابات المسلحة التي تشجع على العنف بين العرب واليهود.

ولكن لا يمنع ذلك أن تفرض الملفات الأمنية نفسها على أولويات أجندة الحكومة الجديدة؛ لمجموعة من العوامل أهمها:

(1) فائض القوة الذي تشعر به حركة حماس بعد الحرب الأخيرة في غزة، وهو ما سيدفعها إلى التلويح المستمر بالقوة مما يزيد من اهتزاز منظومة الردع للجيش الإسرائيلي التي ترغب إسرائيل في ترميمها. كما يدخل ملف إعادة إعمار غزة كمحدد جديد في طبيعة الموقف الإسرائيلي في القطاع، إذ أدرجت إسرائيل ملف الإعمار في طابع أمني شديد الأهمية انعكس في إعلان قلقها من وصول المال ومواد البناء إلى حماس مما يسهم في تعزيز قدراتها العسكرية.

(2) تطلع الحكومة الإسرائيلية لفرض السيادة الأمنية في القدس وفي المناطق مشتركة الإدارة مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وهو ما يسمح بمساحات احتكاك سلبية بين الحكومة الإسرائيلية والفلسطينيين الذين يرغبون في الحفاظ على الانتصار الصوري في منطقتي باب العامود والشيخ جراح. وهو ما يسمح بالقول إن المنطقتين المذكورتين ستشكلان أيقونة مستمرة في مسيرة النضال الفلسطيني في الفترة المستقبلية. مع العلم أن ذلك سيلقى موقفًا إيجابيًا من الولايات المتحدة لأنه يفرض الاستقرار الأمني في القدس حسب رؤيتها المذكورة في برنامج الحزب الديمقراطي.

(3) عدم تفاؤل إسرائيل بالوصول إلى اتفاق نووي شامل مع إيران يقيد من أنشطتها في المنطقة وبالتحديد مع وكلائها الإقليميين، وهو ما سيدفع الجيش الإسرائيلي للحفاظ على خطوطه الحمراء إزاء أمنه القومي في سوريا ولبنان والعراق، وبحرًا في شرق المتوسط والبحر الأحمر والخليج العربي. كما تدخل فيه طبيعة العلاقات التي ستكون بين إسرائيل والولايات المتحدة من ناحية، وروسيا من ناحية أخرى، وطبيعة العلاقات التي ستكون بين روسيا والولايات المتحدة وتأثيراتها الممتدة في مناطق مختلفة مثل سوريا وليبيا.

ثانيًا- الانجراف الأيديولوجي الشعبي: تتسم فترة نتنياهو الممتدة لـ12 عامًا متواصلة بالانجراف الأيديولوجي المائل للتيار اليميني القومي، ومساعدة الأحزاب الدينية المتطرفة بالتمدد العمراني والثقافي في الضفة الغربية، والمدن الإسرائيلية داخل الخط الأخضر. وهو ما ساهم في ظهور قيم يمينية متطرفة داخل المجتمع الإسرائيلي تميل إلى تبني وجهات النظر السياسية المتطرفة في كثير من الملفات، مثل توجيه ضربة عسكرية لإيران، والانحسار النسبي للمؤيدين لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

كما تميزت إسرائيل في عهد نتنياهو بانفراط القيم اليمينية خارج حدود المجتمع الحزبي الإسرائيلي، أي لم يعد الممثلون السياسيون الوحيدون للقيم اليمينية في إسرائيل هم الأحزاب السياسية فقط، بل زاد عليهم ظهور حركات اجتماعية سياسية برزت بقوة وأصبح لها القوة والتأثير انعكس في النزول المتكرر للشارع الإسرائيلي، مثل حركة لهافا ولا فاميليا المنتسبتين للتيار اليميني القومي المتطرف الذي ينبذ العرب ويدعو لقتلهم أو طردهم.

ويمكن لهذا الانجراف الأيديولوجي الشعبي الفريد أن يحفز الحكومة الإسرائيلية لاتخاذ سياسات متطرفة ضد الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية، قد تتمثل في غلق باحات الصلاة، أو طرد العائلات الفلسطينية، أو السماح للمستوطنين المنتسبين للتيارات المتطرفة بالنزول للشارع واستفزاز الفلسطينيين خاصة في الأماكن المقدسة.

ظهر ذلك جليًا في القدس الشرقية، 13 إبريل حتى 23 إبريل 2021، قبل أن تندلع أحداث باب العامود والشيخ جراح التي أفضت في النهاية إلى حرب الـ11 يومًا مع الفصائل الفلسطينية في غزة. إذ دعت مجموعات مستوطنين متطرفين للتجمهر في القدس الشرقية لإحياء مناسبات “قومية” مثل توحيد القدس. وتكرر المشهد في 9 يونيو، فرغم دعوة وزير الدفاع بيني جانتس لإلغاء حدث “مسيرة الأعلام” في القدس الشرقية، إلا أن المستوطنين تمردوا على القرار ونزلوا بالفعل إلى الشوارع مما أفضى إلى حدوث مواجهات مع الشرطة الإسرائيلية ومع الفلسطينيين.

وسيمثل قانون القومية اليهودية ومدى دعم الحكومات الإسرائيلية له، أحد أهم عوامل عدم الاستقرار بين العرب واليهود في كثير من المناطق المشتركة، ويبدو أنه سيكون محددًا مهمًا لشرعية الحكومة الإسرائيلية والوقوف على مسألة استمرارها من عدمه، وهو ما يتطلب قياس نفوذ الحركات والأحزاب المنتسبة للتيار القومي المتطرف.

يدرك رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديدة “نفتالي بينيت” أن رابط الوصل الوحيد تقريبًا الذي كتب لحكومته التشكل وكسب الثقة من الكنيست هو معاداتهم لنتنياهو، ورغبتهم في إقصائه من الحياة السياسية، ولكن تضم الحكومة تباينات أيديولوجية حادة لا يمكن النجاح في عزلها أو احتوائها لفترات طويلة. لذلك من المقدر أن تسعى الأطراف الرئيسية المشكلة للحكومة البحث عن تعزيز رصيدها السياسي في الشارع الإسرائيلي عبر اتخاذ سياسات ذات طابع أيديولوجي. مثل بناء المستوطنات في الضفة الغربية، أو تقديم مشاريع قانونية تمهد لضم غور الأردن إلى السيادة الإسرائيلية، أو تقديم مشاريع قوانين تسلب حقوق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة لهم. أو فرض قوانين سيادية جديدة في القدس، أو تقديم مشاريع قوانين لفصل الدين عن الدولة إرضاء للطوائف العلمانية في اسرائيل. وتعد جميعها مظاهر سياسية قد تنجر إليها الحكومة لفرض وقائع جديدة على الأرض، بالشكل الذي يسمح بفرض الرواية الإسرائيلية تجاه عملية السلام المحتملة.

ثالثًا- طبيعة العلاقة بين الحكومة والحريديم: يمثل الحريديم الشارع اليميني الديني المتطرف في إسرائيل الذي يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية خطيرة بسبب أزمة كورونا، ويميل إلى تشكيل جبهة معارضة قوية أمام الحكومة الجديدة تحت زعامة نتنياهو.

وتعد طبيعة العلاقة بين الحكومة والأحزاب الحريدية محددًا اجتماعيًا سوف تلجأ إليه الحكومة للحفاظ على تماسكها واستقرارها الشرعي، بل سوف توظفه الحكومة من أجل تفكيك التحالف بين نتنياهو (الليكود) والأحزاب الحريدية، وهو أمر غير مستبعد رغم ضعف مؤشراته الحاكمة حتى الآن.

وتعد قضية تجنيد الحريديم في الجيش قضية مركزية لدى الأحزاب الدينية. يرى لابيد أن بإمكانه حل المسألة عبر تعويض التجنيد العسكري بقانون الخدمة المدنية، حيث يخشى الجيش من إمكانية تقويض استعداده بسبب الحصة المتزايدة من الشباب الحريديم الذين اختاروا الهرب من الخدمة. ولكن من المقدر أن يتم تمريره مقابل صفقة سياسية محددة مع الحريديم، وهي الاتفاق على مبادئ تحد من انحراف إسرائيل إلى اليمين المتطرف على المستويين الشعبي والقيمي، على الأقل في المدن الإسرائيلية داخل الخط الأخضر.

ومثلما اتسم التيار اليميني القومي في إسرائيل بخروجه عن حدود الحياة الحزبية ليتحول إلى تيار حركي، كان للتيار الديني المتطرف في إسرائيل (الحريديم) نهج آخر وهو الانتشار الديموغرافي في أحياء عربية وإسرائيلية محددة، من أجل إكسابها الطابع الحريدي تدريجيًا، وهو التغلغل الناعم الذي يقوده التيار الحسيدي (المتصوف) في إسرائيل، ويلقى ترحيبًا لدى الحريديم.

حدث ذلك في مدينة ديمونة الإسرائيلية (داخل الخط الأخضر)، إذ تركت 20 عائلة جور حسيدية (وهي الطائفة الأكثر تأثيرًا وقوة في التيار الحسيدي المتصوف بشكل عام) مناطقها السكنية في الضفة الغربية، واتجهت لديمونة. وهو مؤشر بالغ الأهمية لأن العائلات الحريدية المتشددة لا تترك مجتمعاتها دون سبب وجيه، وهم بالتأكيد لا ينتقلون إلى منطقة لا توجد فيها مؤسسات تعليمية متشددة. جدير بالذكر أن الإسرائيليين العلمانيين في المدن الإسرائيلية داخل الخط الأخضر يشكون الحضور الحريدي الجديد عليهم؛ بسبب الاحتكاك غير العنيف مبدئيًا الذي يحدث بين مجتمعهم والمجتمع المتطرف القادم عليهم.

وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن هناك سببًا تكتيكيًا إضافيًا يفسر سبب ترك العائلات الحريدية مناطق سكنها القديمة والهجرة إلى إسرائيل الداخل، وهو الأزمة الإسكانية داخل الضفة الغربية التي بررت لنتنياهو بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية للحيلولة دون وقوع احتكاكات بين الطوائف الحريدية والإسرائيليين العلمانيين. لذا، يمكن القول إن الحكومة الجديدة ستحتاج إلى وضع خطة استيطانية في الضفة الغربية لاحتواء الظاهرة الحريدية الجديدة، وهو ما سيقحمها في مربع سياسي استراتيجي قد ينذر بخلافات داخلها.

القضية الثالثة التي تحدد طبيعة العلاقة بين الطرفين، تتمثل في قياس الزيادة السكانية الحريدية في إسرائيل، حيث تبلغ نسبة الخصوبة لدى الحريديم 4.2٪ مقابل 1.2٪ لليهود الإسرائيليين غير الحريديم، يضاف عليها هوية المهاجرين إلى إسرائيل التي يسيطر عليها الهوية القومية والدينية القادمة من شرق أوروبا، والولايات المتحدة. وتسببت هذه الظاهرة في سيطرة المواقف اليمينية المتطرفة على الرأي العام الشبابي الإسرائيلي، حيث يرفض معظم هؤلاء السكان إقامة دولة فلسطينية، ويفضلون الردع العسكري على الدبلوماسية مع الفلسطينيين. كما لا يؤيدون مبدأ السلام الإقليمي مقابل الأرض، إذ يرون أن على إسرائيل أن تراكم القوة العسكرية لإظهار قدرتها على عدم الحاجة للتنازل أمام الفلسطينيين. لذا، من المقدر أن تبحث الوكالة اليهودية المسئولة عن تنظيم هجرة يهود العالم إلى إسرائيل مسألة تحديد هويات اليهود القادمين إليها.

أما القضية الأخيرة، فهي مدى رضا الحريديم عن السياسات العامة للحكومة الإسرائيلية بالتحديد في ملف الميزانية المقدر تمريرها من الحكومة الجديدة، علمًا بأن هناك حالة غضب تعتري الحريديم من سيطرة ليبرمان على ملف المالية.

رابعًا- حجم الدعم الأمريكي: شدّد برنامج الحزب الديمقراطي أثناء فترة ترشح جو بايدن للرئاسة الأمريكية على أن الولايات المتحدة تسعى لضمان أن تبقى إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية. وفي واقع الأمر لا تغض واشنطن انتباهها عن التقارير البحثية المعنية بقياس مؤشر الديمقراطية في إسرائيل، ويشير أحدثها إلى انتقال إسرائيل (مؤشر فريدوم هاوس) من دولة ديمقراطية إلى نصف ديمقراطية. نتج ذلك عن ممارسات الحكومة الإسرائيلية تحت رئاسة نتنياهو طوال الـ12 عامًا التي وجّهت إسرائيل إلى التيار اليميني المتطرف على المستويين السياسي والشعبي.

ويعد أبرز ملامح الخروج عن مسار الديمقراطية في إسرائيل من وجهة نظر الولايات المتحدة هو هندسة نتنياهو للائتلافات الحكومية على الأحزاب الدينية اليمينية المتطرفة فقط، دون محاولة تشكيل ائتلاف حكومي وطني موحد يضم التيارات الحزبية المتنوعة من الوسط أو اليسار. وفي ظل أشد الإدارات الأمريكية تحيزًا لإسرائيل (عهد دونالد ترامب) ذكر الرئيس الأمريكي ومستشاره للأمن القومي “جاريد كوشنر” أن الولايات المتحدة تفضل تطبيق صفقة القرن (خطة السلام الأمريكية المعلن عنها في يناير 2020) في ظل وجود حكومة وحدة وطنية في إسرائيل حتى تلقى قبولًا لدى جميع الشارع الإسرائيلي.

لذا، من الممكن القول إن استمرار الحكومة الإسرائيلية الجديدة في الترويج لنفسها كونها حكومة وحدة وطنية على مسامع الإدارة الأمريكية الحالية، من غير المستبعد أن يجد دعمًا ملحوظًا من الجانب الأمريكي على عدد متشابك من المجالات العسكرية-الأمنية والسياسية والاقتصادية؛ وذلك بهدف ضمان استقرار الحكومة الحالية وتفويت الفرصة على نتنياهو للوصول مرة أخرى إلى الحكم.

ولا يعني ذلك أن الولايات المتحدة ترى في قانون “القومية اليهودية” الذي أقر في 2018 إبان عهد رئاسة ترامب للولايات المتحدة، أنه قانون يَصِمُ إسرائيل بعدم الديمقراطية، وبالتالي ستطلب منها إلغاءه. حيث يعد القانون مؤشرًا على الديمقراطية العرقية وليس السلطوية، ولا ترى الولايات المتحدة أن الديمقراطيات العرقية تشكل أزمة يقتضي معها إعادة النظر في التحالف معها.أخيرًا، يمكن القول إنه لا يمكن الجزم بسقوط الحكومة الجديدة سريعًا استنادًا فقط إلى حجم التباين الأيديولوجي بداخلها، فتيارات الوسط واليسار ترى في هذه الحكومة قبلة حياة لعودتها مرة أخرى إلى الواجهة السياسية الإسرائيلية، وستعمل على ضمان بقائها بسبل كثيرة. وستسعى الحكومة الجديدة لإظهار سياسات اجتماعية تستهدف دمج طوائف متنوعة من العرب والحريديم لأهداف: (1) ترميم صورة إسرائيل في المجتمع الدولي، وبالتحديد في نظر الولايات المتحدة، من خلال استعادة الثقة في نظرية التعايش. (2) محاولة تفكيك تحالف نتنياهو القوي في المعارضة. (3) استقطاب أعضاء كنيست جدد للائتلاف الحكومي الجديد من أجل سهولة تمرير الخطط والقوانين في المستقبل القريب.

* شادي محسن – باحث بوحدة الدراسات الإسرائيلية – عن“المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية” .

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى