أقلام وأراء

بينيت / بايدن : هل شعار لا خلافات ظاهرة في الصورة مازال قائماً ؟؟

بقلم  د. أماني القرم ‏*- 21/11/2021

منذ تولي نفتالي بينيت رئاسة الحكومة في اسرائيل رفع شعاراً لمسار العلاقات مع الولايات المتحدة في عهد ‏الديمقراطيين: لا خلافات ظاهرة في الصورة والنقاش خلف الابواب المغلقة، آملاً في فتح صفحة جديدة ‏عنوانها تضييق الفجوة وإعادة بناء الثقة مع الحزب الديمقراطي بعد سنوات من التوتر الذي تعزز إبّان حكم ‏ترامب / نتنياهو.. ‏

ملفات ساخنة ومتتالية أثيرت في الايام الماضية ومازالت عالقة رفعت منسوب التوتر واستفزت الغضب ‏الأمريكي /الذي لم يتجاوز التصريحات/ لكنها باتت توحي بتعمق الخلافات في وجهات النظر بين واشنطن ‏وتل أبيب فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية أهمها: اعلان الحكومة الاسرائيلية خطط بناء الاف الوحدات ‏السكنية في مستوطنات الضفة الغربية، ثمَ تصنيف اسرائيلي لست منظمات فلسطينية مدنية “إرهابية” مما ‏أشعل عاصفة سياسية عالمية، وأخيراً وهو الأبرز في حسابات إدارة الرئيس جو بايدن الاصرار على الوفاء ‏بوعدهم الانتخابي بإعادة فتح القنصلية الامريكية في القدس مقابل رفض اسرائيلي. ‏

جو بايدن على الصعيد الشخصي وبعيداً عن محددات العلاقة الثابتة مع اسرائيل والتي لا تتأثر بطبيعة ‏الشخوص على رأس السلطة في كلا البلدين، هو صديق حميم وداعم أول لإسرائيل ولكنّه ليس صديقاً ‏لسياسات ترامب السابقة ، ويعارض بشدة الطريقة التي أدار بها سلفه ملف القضية الفلسطينية شأنه شأن ‏كثير من الليبراليين اليهود والديمقراطيين، لأن ترامب جعل من الولايات المتحدة متحدثا بلسان الجناح ‏اليميني في اسرائيل وهو الأمر من وجهة نظرهم الذي أضر بموقعها كوسيط وكقوة كبرى في العالم ، كما أنه ‏أضر بإسرائيل حيث أصبحت موضوعاً للتقاسم الحزبي بين الديمقراطيين والجمهوريين بعد أن كانت مسألة ‏غير قابلة للنقاش..‏

لكن بينيت وحكومته لديهم من الحسابات السياسية والأيديولوجية ما يتعدى احترام وعود حليفه الامريكي ‏الانتخابية . فاسرائيل التي وصفها هنري كيسنجر يوما ما بأنه لا توجد لديها سياسة خارجية وإنما داخلية ‏فقط، بالفعل و بحجة الحفاظ على استقرار الحكومة الهشة وعدم فتح نافذة لنتنياهو لمهاجمة الائتلاف تم ‏الاتفاق مع الامريكيين على تأجيل الموضوع إلى ما بعد اقرار الموازنة العامة والتي تمت بالفعل ، لكن ‏سرعان ماخرج بينيت مصرّحا أنه لا توجد غرفة واحدة في القدس للقنصلية الامريكية! وتبعه وزير خارجيته ‏يائير لابيد بأنه لامانع من وجود قنصلية امريكية في رام الله!‏

الأيام القادمة ستكشف الاستراتيجية الاسرائيلية في هذا الشأن: بينيت وائتلافه يراهنون على أن الملف ‏الفلسطيني ليس له أولوية على أجندة واشنطن والتصريحات الغاضبة الصادرة من هناك لا تترجم أفعالا على ‏الارض، إضافة الى اقتناعهم بأن ادارة بايدن ليست بحاجة لمعارك خارجية إضافية أخرى فلديها ما يكفي من ‏المعضلات كالتهديد الروسي بغزو اوكرانيا والمفاوضات النووية مع ايران وعواقب الانسحاب الامريكي من ‏افغانستان . وعليه فالوقت والتسويف للمسألة ووضعها في اطار المساومات السياسية والقانونية هو الطريق ‏لتهدئة الخلاف المباشر حولها .. والدليل دخول الكونجرس على الخط، فقد بعث 200 عضو من الحزب ‏الجمهوري رسالة الى بايدن لحثه على عدم فتح القنصلية ، ودعمهم بعض الاعضاء من الحزب الديمقراطي. ‏ناهيك عن بدء سلسلة من النقاشات حول الوضع القانوني لإعادة فتح القنصلية وضرورة طلب اذن وموافقة ‏من الحكومة الاسرائيلية التي تسيطر على المدينة. ‏

بالنسبة لنا كفلسطينيين فإن ملف إعادة فتح القنصلية في القدس أمر غاية في الاهمية لأنه بمثابة اعتراف ‏ضمني أمريكي بوضع القدس المعقد، واختبار لمسار إعادة العلاقة الامريكية الفلسطينية . والمطلوب ‏فلسطينيا عدم السماح لبينيت وحكومته باستغلال الوقت وتسويف الموضوع بحجج سياسية وقانونية واهية . ‏فمكان القنصلية هو ملك للحكومة الامريكية وليست هناك حاجة للحصول على اذن اسرائيلي جديد . و ‏ترامب حين وقع اعترافه المشئوم بالقدس عاصمة لاسرائيل /لا قدر الله / لم يرسم حدودا لاسرائيل. فضلا ‏على أن عدداً من الدول كالمملكة المتحدة وفرنسا لديهم قنصليات تخدم الفلسطينيين في القدس.‏

*  د. أماني القرم –  الكاتبة اكاديمية تقيم في قطاع غزة. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى