شؤون إسرائيلية

بلال ضاهر يكتب – إسرائيل 2020 : ترحيل أزمات وتوقع عثرات

بلال ضاهر  *- 31/12/2020

ترحل إسرائيل أزماتها من عام إلى آخر منذ ثلاث سنوات على الأقل. أولها الأزمة السياسية وعدم استقرار الحكم، خلال السنتين الأخيرتين، والتوجه إلى انتخابات رابعة بحلول نهاية العام الحالي. كما واجهت أزمة اجتماعية – اقتصادية، استفحلت بشكل كبير خلال العام الحالي على خلفية أزمة فيروس كورونا، وأدت إلى اتساع دائرة الفقر وانكماش الاقتصاد. ولم تحقق إسرائيل أهدافها الإقليمية المعلنة، حيث إيران ما زالت تتموضع في سورية وحشدت ميليشيات موالية لها مقابل هضبة الجولان السورية المحتلة، وحزب الله يعلن مضاعفة ترسانته من الصواريخ الدقيقة، وكذلك حركة حماس في قطاع غزة. ورغم توقيع “اتفاقيات أبراهام” مع دول عربية بدعم من إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلا أن التوقعات تشير إلى أزمة محتملة بين إسرائيل والولايات المتحدة بعد بدء ولاية الرئيس المنتخب، جو بايدن.

على الصعيد السياسي، انتهى العام الحالي بالتوجه إلى انتخابات عامة للكنيست، مثلما انتهى العام الماضي، الذي جرت فيه معركتين انتخابيتين أيضا. وربما يكون الفرق الوحيد بين الانتخابات المقبلة والجولات الانتخابية الثلاث السابقة، أن زعيم حزب الليكود ورئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لن يصل إلى الحكم مرة أخرى.

وتعزز الاستطلاع هذا الاحتمال بعد الانشقاق في الليكود، بقيادة القيادي السابق في هذا الحزب، غدعون ساعر، الذي يبدو كمن بات يهدد حكم نتنياهو. وساهم في هذا الوضع الخصومة التي بادر إليها نتنياهو مع رئيس تحالف أحزاب اليمين المتطرف “يمينا”، نفتالي بينيت. ورغم أن “يمينا” ممثل في الكنيست بخمسة أعضاء فقط، إلا أن الاستطلاعات في الأسابيع الأخيرة تتوقع حصوله على 13 – 14 مقعدا في الانتخابات المقبلة، بسبب تراجع شعبية نتنياهو – إثر اتهامه بمخالفات فساد خطيرة والفشل في مواجهة أزمة كورونا.

وقبل تشكيل حزب ساعر الجديد (“أمل جديد”) كانت الاستطلاعات تتوقع حصول “يمينا” على 20 مقعدا أو أكثر، مقابل تراجع قوة الليكود، الممثل بـ36 عضو كنيست حاليا، إلى 26 – 28 مقعدا، وأيضا بسبب انهيار حزب “كاحول لافان” برئاسة وزير الأمن، بيني غانتس. وتتوقع الاستطلاعات الأخيرة حصول حزب ساعر على 19 – 20 مقعدا. ويعني ذلك أن ساعر استرد قسما من ناخبي الليكود الذين انتقلوا إلى “يمينا” إضافة إلى قسم من ناخبي “كاحول لافان” الممثل بـ14 عضو كنيست، بينما تتوقع الاستطلاعات الآن حصوله على 5 مقاعد وربما أقل.

وتؤكد الاستطلاعات على أن ناخبي أحزاب اليمين ينقلون تصويتهم إلى أحزاب داخل معسكر اليمين. وبسبب تراجع شعبية نتنياهو وضعف الليكود، مؤخرا، باتت حظوظ ساعر بأن يشكل حكومة أفضل من حظوظ نتنياهو، المدعوم من الحريديين فقط، حزب شاس وكتلة “يهدوت هتوراة”. في المقابل، بإمكان ساعر تشكيل ائتلاف يستند إلى أحزاب “ييش عتيد” برئاسة يائير لبيد، الذي يرفض الانضمام إلى حكومة برئاسة نتنياهو بسبب وصمة الفساد التي التصقت به، وإلى حزب “يسرائيل بيتينو” برئاسة أفيغدور ليبرمان، الذي رفض الانضمام لحكومات برئاسة نتنياهو بعد الجولات الانتخابية الثلاث الأخيرة، وربما إلى حزب “كاحول لافان” في حال تجاوز نسبة الحسم.

وليس مستبعدا انضمام “يمينا” أيضا إلى حكومة برئاسة ساعر، خاصة وأنه حتى لو أراد بينيت الانضمام إلى نتنياهو، فإن الأخير ليس لديه أغلبية في الكنيست، وفقا لصورة الكنيست المقبلة التي ترسمها الاستطلاعات. كما أنه ليس مستبعدا أبدا، في سياق هذه الصورة، انتقال الأحزاب الحريدية من دعمها لنتنياهو إلى دعم ساعر، إذا كانت حظوظه بتشكيل حكومة كبيرة. فالحريديون ينفرون من صفوف المعارضة ويفضلون الانضمام لحكومات من أجل الحصول على ميزانيات لمؤسساتهم من الخزينة العامة، علما أن هناك نفور كبير بين الحريديين و”ييش عتيد” وليبرمان.

وفي حال تحقق هذا السيناريو، فإنه يعني أن حكومة برئاسة ساعر ستكون يمينية أكثر من حكومة برئاسة نتنياهو. وعلى سبيل المثال، فإن حكومات نتنياهو سعت إلى مهاجمة جهاز القضاء بسبب لائحة الاتهام الجنائية ضده، بينما حكومة برئاسة ساعر، إذا كانت تضم “يمينا” والحريديين، ستسعى إلى استهداف جهاز القضاء من منطلقات أيديولوجية عميقة. كذلك ستسعى حكومة برئاسة ساعر إلى توسيع الاستيطان، وقمع حقوق الإنسان ليس أقل من حكومة برئاسة نتنياهو. وعموما، لن يتمكن ساعر من تشكيل حكومة من دون أن يضم إليها “يمينا” أو الحريديين.

وفي غضون ذلك، يتوقع أن تبدأ محاكمة نتنياهو، بثلاث تهم جنائية خطيرة هي الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، بدءا من مطلع العام المقبل، وبحيث ستعقد المحكمة أكثر من جلسة أسبوعية، الأمر الذي من شأنه إضعاف نتنياهو أكثر. إلى جانب ذلك، يطرح بين الحين والآخر احتمال توصل نتنياهو إلى صفقة تقضي برحيله عن الحلبة السياسية مقابل إغلاق الملفات الجنائية ضده، وهو احتمال مستبعد.

أزمات كورونا

تظهر المعطيات أن إسرائيل واجهت جائحة كورونا بمستوى يوازي مواجهة دول غربية متطورة لهذا الوباء، وذات تعداد سكاني مشابه لإسرائيل، مثل سويسرا والنمسا، رغم أن عدد الوفيات فيهما أعلى من عددها في إسرائيل، ولعل السبب في ذلك أن نسبة المسنين في إسرائيل أقل من نسبتهم في دول أوروبا الغربية. كذلك نفذت إسرائيل حملة نشطة من أجل شراء لقاحات مضادة لكورونا ومن أكثر من شركة، أبرزها شركتا “فايزر” و”موديرنا”. كذلك بدأت إسرائيل بحملة التطعيم ضد كورونا في وقت مبكر نسبيا.

إلا أن الضربة الشديدة التي تلقتها إسرائيل إثر انتشار الوباء كانت في المجال الاقتصادي، الذي كان له تأثير كبير على الناحية الاجتماعية واتساع دائرة الفقر. فمنذ بداية الجائحة، في آذار/مارس الماضي، قررت الحكومة فرض إغلاق مشدد، شلّ قطاعات ومرافق اقتصادية واسعة، وخرج العاملون فيها إلى إجازة بدون راتب، ليحصلوا على مخصصات بطالة بمبالغ تقل عن دخلهم من العمل.

واستمر الإغلاق الأول حتى 19 نيسان/أبريل، لكن على الرغم من فتح المرافق الاقتصادية تدريجيا بعد ذلك، إلا أن قسما كبيرا، يقدر بمئات آلاف العاملين لم يعودوا إلى وظائفهم. وتلا ذلك، في منتصف أيلول/سبتمبر الماضي، فرض الإغلاق الثاني وعودة مئات آلاف العاملين إلى البطالة والإجازة بدون راتب. وقبل انتهاء قيود الإغلاق الثاني، فرضت الحكومة إغلاقا مشددا ثالثا، بدأ في 27 كانون الأول/ديسمبر، فيما لم تخرج مصالح تجارية كثيرة، مثل المطاعم وقطاع السياحة، من الإغلاق الثاني وبعضها من الإغلاق الأول أيضا.

وكانت نسبة البطالة في إسرائيل قبل جائحة كورونا 3.9%. وارتفعت بعد الإغلاق الأول إلى قرابة 25%، أي أن ربع القوة العاملة بقيت خارج سوق العمل. ورغم أن هذه النسبة انخفضت في أعقاب فتح المرافق الاقتصادية بعد الإغلاقين الأول والثاني، إلا أن نسبة البطالة بقيت مرتفعة وتجاوزت 10%.

ووفقا لمعطيات نشرتها دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، في منتصف تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تسببت أزمة كورونا بانكماش اقتصادي كبير جدا، وأن الناتج القومي الخام في إسرائيل انخفض في الربع الثاني من العام الحالي، الأشهر نيسان/أبريل حتى حزيران/يونيو، بنسبة 28.8%.

وفي ظل هذا الوضع الاقتصادي، أظهرت معطيات رسمية صادرة عن وزارة العمل والرفاه الاجتماعي حدوث ارتفاع كبير في عدد المتوجهين إلى مكاتب الشؤون الاجتماعية بسبب الفقر، وارتفاع في عدد الملفات التي تم فتحها على خلفية العنف داخل العائلة أيضا. كذلك ترددت تقارير عديدة حول أزمات نفسية واجهها المراهقون والشبان، وتزايد معدلات تناول الكحول وتعاطي المخدرات.

غير أن أكثر الانتقادات التي وُجهت إلى سياسة الإغلاقات الحكومية تطرقت إلى تعطيل الدراسة. فقد ألحق تعطيل المدارس لأشهر طويلة نسبيا، خلال الإغلاقين الأول والثاني، أضرارا كبيرة بسن الطفولة المبكرة خصوصا، أي صفوف الأول والثاني. وتحدثت تقارير عن أن تلاميذ هذه الصفوف لا يعرفون القراءة والكتابة، إلا في حال تمكنت عائلاتهم من توفير معلم خاص، لكن نسبة هذه العائلات منخفضة. كما أن التعليم عن بعد، بواسطة تطبيق “زوم” برز كأسلوب ينطوي على إشكالية كبيرة بالنسبة للطلاب الأكبر سنا وللمعلمين أيضا. ورغم أن الإغلاق الثالث لم يشمل جهاز التعليم، لكن القيود نفسها التي مورست على جهاز التعليم في الإغلاقين السابقين، استمرت في الإغلاق الثالث بسبب منع الدوام المدرسي لصفوف الخامس حتى العاشر في البلدات الحمراء والبرتقالية، التي يسكنها 51% من سكان إسرائيل.

تعميق الاحتلال والاستيطان والحصار

استمرت إسرائيل خلال العام الحالي في تعميق الاحتلال والاستيطان في الضفة الغربية والقدس وحصارها لقطاع غزة. وتواصل بناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات في الأراضي المحتلة عام 1967، وبضمنها هضبة الجولان. وحصلت إسرائيل على دعم إدارة ترامب في هذا الاتجاه، والذي وصل ذروته بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، ولاحقا بإعلان ترامب، نهاية كانون الثاني/يناير الماضي، عن تفاصيل “صفقة القرن” التي شملت ضم 30% من مساحة الضفة الغربية إلى إسرائيل، وبضمنها المستوطنات وغور الأردن، ونصت على إقامة دولة فلسطينية منقوصة ومقطعة الأوصال، وأجمع الفلسطينيون على رفضها. كما رفض قسم من قادة المستوطنين “صفقة القرن” بادعاء أنها تشمل إقامة دولة فلسطينية.

وقبل انتخابات الكنيست في آذار/مارس الماضي، تعهد نتنياهو ببدء تنفيذ مخطط الضم في تموز/يوليو الماضي. ولاقت “صفقة القرن” تأييدا واسعا جدا في إسرائيل. ورغم أن غانتس دعا إلى تنفيذ المخطط بالاتفاق مع “المجتمع الدولي”، لكنه شدد على أن غور الأردن سيبقى تحت سيطرة إسرائيل في أي اتفاق، إضافة إلى سيطرة إسرائيلية أمنية على الضفة كلها.

وأعلن نتنياهو قبل انتخابات الكنيست في آذار/مارس الماضي عن عزمه بدء تنفيذ مخطط الضم في تموز/يوليو الماضي، لكنه لم ينفذ هذا المخطط حتى الآن، بسبب معارضة الاتحاد الأوروبي والحزب الديمقراطي الأميركي وجهات دولية واسعة لهذا المخطط. وقال نتنياهو إنه أرجأ تنفيذ الضم بسبب اتفاقيات التحالف وتطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين، في أيلول/سبتمبر الماضي، ولاحقا مع السودان والمغرب. واعتبرت الإمارات أنها منعت تنفيذ الضم، وذلك خلافا للتصريحات الإسرائيلية.

وردت السلطة الفلسطينية على إعلان نتنياهو بتنفيذ مخطط الضم بوقف التنسيق الأمني بينها وبين أجهزة الأمن الإسرائيلية، لكن بعد أشهر معدودة عادت السلطة إلى التنسيق الأمني. وكانت السلطة الفلسطينية رفضت تلقي مخصصات المقاصة من إسرائيل بعدما اشترطت الأخيرة تحويلها بعد خصم مبلغ الرواتب التي تدفعها السلطة إلى الأسرى وعائلات الشهداء، لكن السلطة تراجعت عن قرارها، خاصة وأن عائدات المقاصة تمول جزءا كبيرا من رواتب موظفيها.

وفيما لا يلوح في الأفق حل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، يزداد الوضع الإنساني سوءا في قطاع غزة، خاصة في ظل انتشار فيروس كورونا هناك وسقوط وفيات يومية. ودارت خلال العام الحالي جولات قتالية، لفترات قصيرة، بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي. ولم ينتج شيئا حتى الآن عن المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس بوساطة مصرية حول تهدئة طويلة الأمد، في حين يبدو أن المحادثات حول تبادل أسرى وصلت إلى طريق مسدود.

إيران و”اتفاقيات أبراهام”

يعتزم نتنياهو التركيز في حملته الانتخابية الحالية، بين أمور أخرى، على ما يسمى “اتفاقيات أبراهام”، وهي اتفاقيات التحالف والتطبيع التي أبرمت تحت رعاية أميركية، بين إسرائيل وبين الإمارات والبحرين والسودان، فيما سعت المغرب بالنأي بنفسها عن هذا الإطار لدى إعلانها عن تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

وأبرمت هذه الاتفاقيات بعد إعطاء إدارة ترامب تعويضات للدول العربية المُطبّعة مع إسرائيل، على شكل صفقة طائرات F35 وأسلحة أخرى للإمارات، حماية أميركية للبحرين، رفع السودان عن قائمة الدول الداعمة للإرهاب، واعتراف أميركي بسيادة المغرب في الصحراء الغربية المتنازع عليها.

لكن الأمر الأبرز في “اتفاقيات أبراهام” هو أنها شكلت حلفا جديدا في المنطقة، يجمع إسرائيل والدول المُطبّعة ويشمل مصر والسعودية التي التقى ولي عهدها، محمد بن سلمان، نتنياهو في مدينة نيوم السعودية، في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، ضد إيران. والحجة الأساسية لدى دول الخليج المطبعة مع إسرائيل هي أن إيران تسعى إلى تطوير سلاح نووي، علما أن قسما كبيرا من التجارة الإيرانية يتم عبر الإمارات، وشركات إيرانية كثيرة استقرت في الإمارات.

وصعّدت إسرائيل خلال العام الحالي عملياتها العسكرية ضد إيران. وتحدثت تقارير إسرائيلية عن مشاركة الموساد في تخطيط وتنفيذ الولايات المتحدة اغتيال قائد “فيلق القدس” في حرس الثورة الإيرانية، قاسم سليماني، في العراق في مطلع العام الحالي. كذلك فجرت إسرائيل منشأة نطنز النووية التي شملت أجهزة طرد مركزي حديثة لتخصيب اليورانيوم. كما اغتال الموساد نائب زعيم تنظيم القاعدة، أبو محمد المصري، في طهران، وأخيرا اغتالت العالم النووي الإيراني، محسن فخري زادة، في طهران أيضا. وفي موازاة ذلك، تواصلت الغارات والقصف الصاروخي الإسرائيلي لأهداف إيرانية في سورية طوال العام الحالي، وبينها أهداف للنظام وحزب الله. ويقول مسؤولون أمنيون إسرائيليون إن حرب سايبر دائرة يوميا مع إيران، حيث يجري استهداف متبادل لأنظمة إلكترونية.

ولا يزال التوتر يسود الحدود بين إسرائيل ولبنان، إثر تعهد أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، بالانتقام لمقتل أحد عناصر حزب الله في غارة إسرائيلية قرب دمشق، في أيلول/سبتمبر الماضي، بقتل جندي إسرائيل. وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإن حزب الله حاول مرتين تنفيذ هجمات ضد مواقع إسرائيلية، في مزارع شبعا وقرب بلدة أفيفيم الحدودية. ويقول الجيش الإسرائيلي إن حربا بين إسرائيل وحزب الله ستنشب، لكن مسألة توقيتها ليس معروفا. وصرح نصر الله لقناة “الميادين”، يوم الأحد الماضي، أن كمية الصواريخ الدقيقة لدى حزب الله تضاعفت هذا العام.

وبحلول نهاية العام الحالي، ليس واضحا مستقبل الصراع الدائر بين إسرائيل وإيران. ورغم أن نتنياهو أقنع ترامب، عام 2018، بالانسحاب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى وفرض عقوبات اقتصادية على طهران، إلا أن ترامب صرح بأنه يعتزم الدخول إلى مفاوضات مع إيران من أجل التوصل إلى اتفاق نووي تكون شروطه أفضل من الاتفاق السابق. كذلك أعلن بايدن، خلال حملته الانتخابية، عن عزمه الدخول إلى مفاوضات مع إيران من أجل التوصل إلى اتفاق نووي، أو العودة إلى اتفاق العام 2015، خلافا لكافة سياسات نتنياهو.

وتشير التقديرات في إسرائيل إلى أن فوز بايدن، الذي يعلن تأييده الشديد لإسرائيل وأمنها، سيحبط الكثير من سياسات نتنياهو، التي تركت بصمة كبيرة في الرأي العام الإسرائيلي، حتى لو رحل نتنياهو، خاصة في حال عودة تحالف متوقع بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويشمل ذلك، حسب تقارير إسرائيلية، التوصل لاتفاق نووي جديد مع إيران، ومعارضة توسيع الاستيطان في الضفة والسعي إلى استئناف “العملية السياسية” مع الفلسطينيين، وتخوفات الدول المطبعة مع إسرائيل، وبضمنها السعودية ومصر بشكل خاص، من سياسة بايدن تجاهها، في ظل القمع الوحشي لحقوق الإنسان والحريات فيها.

رغم ذلك، يصعب توقع أحداث العام المقبل، خاصة في حال رحيل نتنياهو وصعود قيادة جديدة إلى الحكم بعد انتخابات الكنيست، في آذار/مارس المقبل. ورغم أن التوقعات تشير إلى خبوّ وباء كورونا، العام المقبل، إلا أن ذلك لن يحل الأزمة الاجتماعية الاقتصادية في إسرائيل بشكل سريع. وليس مستبعدا أن تقود هذه الانتخابات إلى استمرار الأزمة السياسية أيضا، في حال لم يحصل نتنياهو أو المعسكر المعارض له برئاسة ساعر على أغلبية واضحة في الكنيست. وفي جميع الأحوال، سيحكم اليمين إسرائيل في المستقبل المنظور، وليس متوقعا التوصل خلال ذلك إلى حل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، الأمر الذي من شأنه التأثير على القضايا الإقليمية الأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى