أقلام وأراء

بكر ابو بكر يكتب – د.سلامة واهتزاز العرش

بكر أبوبكر ٢٤-٦-٢٠٢١م 

قرر الأخوة في أمانة سر المجلس الاستشاري لحركة فتح استضافة إعلان صدور كتاب الأخ الدكتور اللواء مازن عزالدين السابع ضمن سلسلته، وهو المعنون: عمليات هزت عرش “اسرائيل”، وإصدار دارة الاستقلال التي يرأسها المفكر والشاعروالأديب الكبير الدكتور المتوكل طه.

ولما للكاتب والكتاب من أهمية فلقد حضر حفل إطلاق الكتاب عدد مميز من الأخوات والأخوة في مقر المجلس الاستشاري للحركة، وتم تقديم الكتاب والكاتب من قبل المؤلف ودارة الاستقلال والمجلس الاستشاري بمداخلات مازن عز الدين والمتوكل طه والفريق نصر يوسف، ولما كان لي مداخلة في هذا الشان فلقد آثرت أن أدونها كما ألقيتها بالحفل الجميل مع بعض الإضافات .

الكتاب الكبير بين يدينا كبير حجمًا ومادة وصفحات ذهبية مشرقة، وهو كتاب ذو أهداف كما رأيت الأول منها أنه: توثيقي لفصول هامة من مسيرة الثورة الفلسطينية منذ العام 1965  أساسًا وخاصة العسكرية، وهذه السيرة العسكرية مما تخصص به الكاتب.

وفي إطار توثيقية الكتاب فإن الكاتب استجاب لرغبته، ورغبتنا والكثيرين، لرفد الأجيال الشابة والقادمة بالزخم والثراء المعرفي والنضالي، وبالكثير من تجارب آبائه وأجداده ما فشلنا على سبيل المثال في استنطاقه أواستكتابه من سيرة الاخ أبوماهر غنيم، اطال الله في عمره، والمرحوم المفكر العربي الكبير هاني الحسن وآخرين ما زالوا احياء ويتكاسلون أو يتمنعون عن الكتابة.

(يقوم الاخ القيادي والمناضل الشرس محمد قاروط أبورحمه بمحاولة توثيق التاريخ من سيرة أصحابها، بتكليف من أكاديمية فتح الفكرية، اكاديمية الشهيد عثمان أبوغربية، ومن المجلس الاستشاري)

الكتاب كما قلنا توثيقي السمة والهدف، وهو الى ذلك تعبوي تربوي بمعنى أنه يصلح لتحويله الى أجزاء (عناوين) صغيرة يتم التعامل معها مع التقنيات الجديدة في وسائل التواصل الاجتماعي بمنطق القصص والمحتوى المرئي (مقاطع فديو) ما يجب على منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية، والكوادرالانتباه له، وكذلك كل فصائل المقاومة الفلسطينية.

الكتاب توثيقي نعم وهذا أولًا، وهو تربوي تعبوي صحيح وهذا ثانياً، والى ذلك فهو ترويجي إذ يجهد في إظهار الرواية العربية الفلسطينية النضالية الحقيقية في خضم الصراع العربي الصهيوني ما يفنّد الكثير من أكاذيب الروايات الصهيونية ويعيد البهاء لوجه الثورة الفلسطينية ومسيرتها التي شُوهت بتهم الإرهاب والتخريب.

عنوان الكتاب مؤثر ومختصر وذو جاذبية تستحق أن تكون شريطًا (فلما سينمائيا) (عمليات هزّت عرش “إسرائيل”)، والمضمون ثري المحتوى، وبنفَس وحدوي لم يُعلي من دور حركة فتح بل لربما خفف منه في إطار احتضان تجارب الفصائل جميعًا ما هي سمة حركة فتح وكل رجالاتها، أي سمة الاحتضان والرحابة في مناخ اليُسر.

 تقرأ في 390 صفحة من القطع الكبير عشرة فصول، وتطلع على 500 هامش، وتُحال الى عشرات المراجع والصحف و40 مقابلة شخصية، وتقرأ في الكتاب نظريًا عن  الكفاح السلمي والكفاح العنفي المسلح وعن الفرق بين الإرهاب والعمل العسكري وصولًا  للعمليات العسكرية وهي هدف العرض بالكتاب من الفصل الثالث فصاعدا منذ انطلاقة حركة فتح والثورة الفلسطينية الحديثة، الى المعارك الهامة وآلاف العمليات العسكرية المبهرة.

من عديد العمليات العسكرية المبهرة لثوار الحرية العرب والفلسطينيين والعالميين معنا أشار الاخ مازن عزالدين “أبوخالد” لعدد منها كنماذج، ولنقل للأشهر والبارز مثل عملية بتاح تكفا وترشيحا ونهاريا وسافوي والثلاجة والطائرات الشراعية وعملية قبية والعمليات الخارجية الكثيرة والتي كان أشهرها عملية ميونخ وحرب الاستخبارات، وصولًا  للعمليات خلف خطوط العدو، ثم العمليات الاستشهادية الفردية الحديثة مثل عملية عيون الحرامية لأحد كوادر حركة فتح في فلسطين عام 2002، وصولًا لعملية حوارة عام 2018.

إذن الكتاب مليء وثري بالأحداث، وهو كما أسلفنا موثق، وقطعا هو يمزج بين السبب والنتيجة وبين الحدث العسكري والسياسة بسياق مفيد ومؤثر.  

كان السرد موفقًا في غالبه من حيث أشار لأهمية الحدث دون إيلاء اعتبار أكبر لاسم الشخص، مع احترام لذاته وفعله، ما كان سِمة الثورة الفلسطينية عامة بحيث أنني لأول مرة أعرف اسم الاخ مازن الدين أنه  سلامة زيدان أبوقاسم، حيث أنه تعلمنا في إطار الثورة الفلسطينية على تداول الأسماء الحركية إعلاءً لشأن الفكرة على حساب الأسماء الحقيقة من جهة، ولدواعي السرية من جهة أخرى.

التاريخ الفلسطيني القديم (العصر البرونزي والحديدي)، والوسيط (في عصور الخلافات والدويلات الاسلامية) إن شئت تسميته كذلك، لكل منه رواده الذين يقومون بتصحيح التاريخ التوراتي المزور والأسطوري وهم كثر وكتبنا عنهم، وكذلك الامر في المرحلة الوسيطة.

التاريخ العربي والفلسطيني الحديث الذي يبدأ عندنا من الهجمة الصهيونية والاستعمارية الغربية على وطننا العربي لها روادها، كما الحال في كُتّاب النضالية العربية عامة ثم الثورة الفلسطينية حيث تصدّت عديد المراكز البحثية والكُتاب والبحاثة لتاريخ الثورة الفلسطينية منذ بداية القرن العشرين بل وأواخر القرن 19 الصعب بتفاعل الفكر اليهودي التوراتي مع الانجيلية الصهيونية لاحقًا لاحتلال واستعمار فلسطين.

غني عن الذكر أدوار كل من مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومركز الدراسات الفلسطينية، ودار الجليل، ومركز الوحدة العربية والكثير من المراكز والأقلام التي أرّخت بمعظمها حتى اليوم للفكر السياسي والإداري والنقابي للثورة الفلسطينية.

ومازال البحث يحتاج للكثير، إلا أن الذين كتبوا في العسكرية الفلسطينية تخصيصا كانوا قلة.

 وإن جاز لنا الإشارة لبعض روّاد هذه المدرسة التوثيقية لهذا المسار ممن عرفناهم، فلا يمكن أن نغفل الكاتب والباحث اللواء محمود الناطور الذي افتتح السلسلة التوثيقية العسكرية بكتابه السفر المعنون القاطع الثالث: زلزال بيروت، ثم ألحقه بمجموعة أخرى من الكتب كان أشهرها حركة فتح بين المقاومة والاغتيالات.

وكتاب د.محمد حمزة عن تجربة أمير الشهداء خليل الوزير (ابوجهاد) الثورية والعسكرية، وكتابه اللاحق في قبضة يدي، وكتب اللواء عرابي كلّوب عن شهداء الثورة الفلسطينية، وكتب قطاع الغربي عن الانتفاضة الكبرى الأولى، وكتاب د.المتوكل طه عن الانتفاضة أيضًا، وكتاب موسوعة المفاهيم والمصطلحات الفلسطينية للدكتور محمد اشتية، وكذلك الموسوعة الفلسطينية ولربما الكثير ممن لم اطلع على انجازاتهم في السياق النضالي والعسكري أساسًا.

الكتاب هذا وباقي السلسلة النضالية في كافة الجوانب منها، هي مما يجب أن تتزين به مكتبات فلسطين والعالم العربي ويكون من المقررات الدراسية والبحثية أو على الأقل ذات المرجعية المشار لها كما نأمل من الجامعات عامة والمراكز البحثية والمدارس لأن النتيجة لا تكون الا بالسبب، وتناقل التجارب يبدأ بفهم السابق ليتأسس اللاحق أو الحالي على أسس عميقة من الوعي والاستفادة من التجربة في إطار العقلية النقدية والابداعية.

إن العمل الفكري والبحثي، والعمل الثقافي والإعلامي والأدبي والفني المتماهي مع النضالية الفلسطينية الميدانية بكافة أشكالها سيكون له كل الشأن في هزّ عرش الاحتلال والاستعمار الأخير في العالم، وهو الاحتلال الاستعماري الصهيوني لفلسطين العربية، ولا احتلال ولا استعمار يدوم مادامت التجارب يتم تناقلها فتظل حافزًا وآلية حثّ على التمسك بالجذور والاصول، وتراكمية الكفاح والنضال والمقاومة حتى تحقيق النصر، وكما كان يردد الخالد ياسر عرفات سيرفع شبل وزهرة علم فلسطين فوق مآذن وكنائس وأسوار القدس.

كل الشكر نقدمه للمؤلف الكريم الأخ مازن عزالدين، كما الشكر موصول للاخ توفيق الطيراوي رئيس جامعة الاستقلال صاحب المبادرات، والاخ المتوكل طه رئيس دارة الاستقلال الشقيقة للجامعة، وكذلك للمجلس الاستشاري للحركة العملاقة، وهو المجلس الذي أضاء شعلة ثقافية نتمنى أن تتواصل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى