أقلام وأراء

بكر ابو بكر يكتب – خرافة المملكة الداوودية السليمانية في فلسطين، والإيمان بالأنبياء

بكر ابو بكر – 29/4/2020

عدد من العلماء والمؤرخين أثبتوا بفظاظة حسب دراساتهم، أو استنتاجاتهم منها بالحقيقة، عدم وجود الأنبياء أو الملوك المذكورين في التوراة والقرآن الكريم مثل سليمان وداود، وغيرهما من أولئك المشار لهم في السرد التوراتي، وخاصة استنادا لأبحاثهم الآثارية (الأركيولوجية) في فلسطين.

هؤلاء العلماء لم يجدوا حجرًا واحدا لا في القدس ولا في كل فلسطين يشير الى ما تسمى إمارة أو مملكة دواود أو سليمان، أو الهيكل أو غيره، لذلك وقع الاستنتاج منهم أن الشخوص (الأنبياء كما نراهم نحن كمسلمين فيما يراهم اليهود الديانة ملوكا كسليمان وداود) المذكورين غير موجودين، وما هم الا وهم وأساطيرأو خرافات تاريخية تم حشوها في التوراة.

من هؤلاء العلماء الإسرائيليون أمثال إسرائيل فنكلستاين ونيل أشر سبيلبرغ وزئيف هرتزوغ وعدد من البحاثة الأجانب والعرب.

يقع المؤمن المسلم والمؤمن المسيحي بالأنبياء في ضائقة حين يستمع الى أن العلم-أو الاستنتاجات للبعض المستندة له- يناقض القرآن الكريم أو يناقض الايمان المسيحي بوجود الأنبياء! فكيف ينقلب العلم على الإيمان وهل الأنبياء في القرآن الكريم أساطير!

في التفكير المنطقي والعلمي فإن إثبات عدم وجود شيء أوحدث أو شخص في مكان/جغرافيا ما تم البحث فيه لا يعني عدم وجوده في مكان/جغرافيا آخر لم يقع البحث فيه هذا أولا.

وثانيا لطالما اكتشف العلماء قصور أدوات البحث أو ضعف مناهجها بعد أزمان مرّت، بل وأحيانا تدخّل التحريف والتزييف والتسييس المقصود للحقائق على دأب كهنة التوراة، والمستشرقين و»المسيحيين الصهاينة» الذين سعوا منذ القرن18 بشكل مكثف لأهداف استعمارية ودينية أسطورية لجعل روايات وخرافات التوراة وكأنها في فلسطين.

الحقيقة التي نؤمن بها بكل جلاء أن القصص القرآني هي أحداث وقعت فعلًا، وبالشكل الذي وردت عليه الآيات تمامًا، وبالتالي وجود كافة الرسل والأنبياء بالنسبة لنا إيمان قاطع كما الايمان بالكتب وبمحمد وعيسى عليهما السلام.

لكن أحداث التاريخ بالدلائل الحديثة الكثيرة ليست كما وردت في التوراة (اسمها «التناخ» المتضمنة الأسفار الخمسة الاولى أي التوراة، وقسمين آخرين هما الأنبياء والكتب باجمالي 39 سفرا) التي تدعي أنها سجلّ تاريخي دقيق، فشل في إثبات تاريخيته أي تسلسل أحداثه المروية وذلك لما تضمنه هذا السجل من تحريفات وتضخيمات وتزويرات وأكاذيب وأساطير وخرافات أضيفت لبعض الوقائع، بنسبة 90 بالمائة أحلام وآمال وتزويرات الكهنة، واقتبسات من حضارات أخرى ألصقت وكأنها تاريخ قبيلة بني إسرائيل المنقرضة (أي قصّ ولصق)، وزحزحة للروايات والجغرافيا مقابل 10% حقائق، وهي التزويرات التوراتية التي طالما حذر منها القرآن الكريم.

القرآن الكريم في إيراده القصص القراني لم يُشر لتاريخ ورود هذه القصص عامة، أو تسلسلها بحيث أن الآيات الكريمة تتنقل بين الأزمان والجغرافيا ذاكرةً الوقائع والأحداث والشخوص وهي حقيقية بالطبع، بقصد العِظة والحكمة وليس لتسجيل نص تاريخي متسلسل الأحداث في بقعة/جغرافيا محددة مسمّاة لم تتغير، وهو ما تدعيه التوراة وهو ما سقطت فيه.

الذين يتخذون من عدم ثبوت وجود الإمارة/المملكة الداوودية السليمانية حسب علم الآثار منصّة للطعن في القرآن الكريم خائبون، لأن القرآن الكريم، لم يحدد الجغرافيا بالدلالات وهي المختلف عليها في كتب التفسير وعند كثير من العلماء اليوم، ما يصح معه القول بأن الأحداث للملكة الداوودية السليمانية وقعت في اليمن القديم كما أثبت ذلك كل من فرج الله صالح ديب وفاضل الربيعي وأحمد الدبش وكمال الصليبي وآخرون.

حتى لأولئك المؤرخين-غير الصهاينة والمتصهينين والاستعماريين واللادينيين- المؤمنين بأن أحداث المملكة الداوودية السليمانية هي في فلسطين، فإنهم لا يتفقون مع النصوص التوراتية الأسطورية المغرقة في المبالغات والتزويرات، والتي أشار لها القرآن الكريم بالنصوص المحرفة وهي من كتبها كهنة التوراة المزورين.

لا أصل لكل الادعاءات الصهيونية والاستعمارية في فلسطين لا تاريخيا ولاغيره، فنحن لا نعترف كما لا يعترف العلم بتاريخية التوراة أي أنه كتاب تاريخ موثق أبدا، وليس لمحتلي أرضنا اليوم صِلة جينية قومية بالقبيلة القديمة المندثرة، والصلة الدينية بها لا تعني تبني تاريخها المندثر وإسقاطه علي أي بقعة في العالم وادعاء الحق التاريخي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى