أقلام وأراء

بكر ابو بكر يكتب –  التثقيف أو التوعية من أين نبدأ ؟

بكر ابو بكر – 26/8/2021

 في إطار تفعيل السياق الفكري والثقافي والتعبوي داخل أي بلد، وفي التنظيمات السياسية الثورية المناضلة، ومنظماتها (الداخلية أو الحزبية مثل المرأة، الشبيبة، العمال…) تبرز فكرة التثقيف أوفكرة التربية الداخلية المرتكزة على أسس من التاريخ، تاريخ الأمة وتاريخ البلد، ومسار القضية منذ الجذورحتى الاشتباك، وآليات التصدي وفكرة الثورة والتحرير والكيانية والوحدة…الخ، والمقاومة والأشكال، ونشاة وتطور المنظمة (التنظيم السياسي) ونقد لمراحل تاريخية، واستفادة من التجارب، والاطلاع على عديد الملفات السياسية والدبلوماسية من تجارب الثورات والدول الأخرى، ومن ذات تجربة التنظيم في المجالات المختلفة وفي أبعادها الداخلية والخارجية وهو ذات الأمر الحاصل عندنا في تنظيمات (منظمات، فصائل..) العمل الوطني الفلسطيني (وحماس والجهاد بالضرورة من هذه الفصائل الوطنية).

 ودومًا ما يثور السؤال بالأولوية فهل الأولوية تتمثل بالكم المطلوب تمثله، عبرقراءته وفهمه أوحفظه مما سبق من مواد تثقيفية كما تفعل التنظيمات الأيديولوجية؟

 أم أن الأولوية لتنمية الوعي، وأبرزه الوعي الذاتي الذي هو الأصل والمقدمة اللازمة للبناء الذاتي والتطوير، وهو الأصل للتثقيف في معادلة التعبئة التنظيمية وصولًا للثبات الشخصي والجماعي ومتانة المرجعية وفتح الذهن نحو تقبل الأفكار؟ وعليه يتم امتلاج المنهجية والمرجعية.

نحن نعتقد أن معادلة ثلاثية ]التوعية والتثقيف والتدريب[ هي المعادلة الصالحة للسير في اتجاه البناء الداخلي في أي تنظيم سياسي وخاصة السياسي الثوري صاحب القضية الكبرى القضية المركزية القضية الأساسية التي تمثل عامل التماسك وعامل الجذب بين مختلف المكونات التنظيمية أو الفكرية، البنائية والهيكلية.

تمثل الوعي بالاستيعاب وبناء الوعي أولوية، ومنه تنشأ الحاجة وينشأ الحافز وتظهر جوانب الشخصية القادرة على الانتقال لمرحلة التثقيف الذاتي حتى لو قصّر المجموع (البلد،التنظيم أوالجماعة أوالإطار..) في ذلك وفي ذات الوقت فإن عملية بناء الذات عبر الوعي هي آلية يتم استخدامها لتنمية الطاقات الكامنة-الموجودة لدينا جميعًا ولكنها غير محفّزة- لدي كل منا وتسليط الضوء على مالا نكون ندركه أو أهملناه في خضم الحياة فتنشأ بالتوعية (الذاتية أو عبر التدريب من قبل مختصين ما يشعل الحافز الخارجي) وبناء الوعي وعينا الذاتي والجماعي ننشأ قادرين على التفكيروامتلاك المنهج وعلى التعلم وعلى التطوير كلّه في مسار العملية التربوية والتثقيفية.

في الجامعات المختلفة يتعلم الطلاب كيف يفكرون أو (تعلم كيف تتعلم)، ويتعلمون المهارات اللينة اللازمة لكل مسارات الحياة بأولوية تسبق المهارات الصلبة (التخصصات التي يدرسونها) لأن الأولى حياة والثانية تخصّص يخدم الحياة.

وفي ذات الوقت نستطيع بمثل هذاالوعي المتشكل أن نمتلك المنهج الفكري، والقاعدة اوالمرجعية النضالية المتينة. وعبر أن نمتن بالقراءات العميقة هذه المرجعية الفكرية وننهض بالعمل ذو الديمومة الى الأمام لنتصدى لأي مهمة أو أي مشكلة تواجهنا، أو لحل أي معضلة تصادفنا فنكون أعضاء فعّالين في حقلنا الذاتي والجماعي النضالي/الجهادي أي كان.

معادلتنا السهلة الصعبة للكادر (الإطارات الحركية بالمصطلح العربي المغاربي) للأعضاء في أي تنظيم سياسي، وخاصة الثوري النضالي تبدأ بالذات حيث تحرير الانسان مرتبط بتحرير الأرض كما رفعت ثورتنا الشعار وأصابت به.

دعني أصور الأمر بمعادلة سهلة لأقول أن

معادلة: وعي+تثقيف+تدريب=الشخصية الواعية المناضلة.

والوعي (الذاتي) له قاعدة وله نواتج وعليه فإن

 قاعدة الوعي=تبني الخلفية الفكرية/المرجعية، وتؤسس المنهج، وتمتنها فتصبح جبل الاستناد+تشكل حافزالدفع والتأثير بالذات والآخرين، ونحو التثقيف والعمل المتواصل.

أما نواتج الوعي= اكتساب آليات التعلم والتفكير والمهارات، والقيم اللازمة لدفع العربة الى الأمام+ممارسة التثقيف الذاتي والبناء المعرفي، وتحقيق الانجازات.

وفي كل هذا وفي كل المراحل لابديل عن الإيمان، ولا بديل عن المران والتدريب المتواصل. (أنظر الشكل المرفق)

وصدق المفكر علي شريعتي حينما أولى الحرث في حقل الذات اهتمامه، كما صدق المفكر مالك بن نبي حينما رأي في شروط النهضة الانسان، وصدق المفكر خالد الحسن حينما تجول بين المناهج ليضع أصبعه على منهج التفكير السياسي الواقعي، وأصاب فتح الله كولن في الجهاد الداخلي والخارجي في الذات، وأجاب المفكر المهدي المنجرة على المطلوب من الحاكم والسياسي تجاه أبناء الأمة حينما قال أنه يجب: (محاربة الامية وتعميم التعليم باللغة الوطنية لبناء إنسان عربي مثقف من المهد إلى اللحد، قادر على مواكبة المعرفة والمستجدات التقانية، وذلك بتخصيص نسبة مهمة من الناتج الوطني الإجمالي للبحث العلمي، الذي لا يمكن أن ينتعش إلا بتوفير جو من الحرية لأصحاب المواهب العلمية والتقنية لأجل الإبداع والعطاء) ضمن احترام الخصوصية الثقافية لأمتنا، وليس استنساخ الفرانكوفونية أو الانجلوساكسونية..

في آلية بناء الذات من الشخص ذاته، أو من الجهة الراعية (البلد، أوالتنظيم، أو اللجنة المختصة، أوالمؤسسة…) حثّ وتحفيز على تفعيل غير المفعل، وتعظيم ما كان مغفلًا، وتقوية مسارات الدفع الذاتي للأمام، فيتحول العضو في المجتمع أوفي التنظيم السياسي خاصة الى شخصية مؤمنة، واعية مناضلة مفكرة باحثة دومًا عن الحقيقة وبالعمل دون كلل نحقق النصر القادم بإذن الله، ولا يتم التوقف عند معضلة التثقيف أولًا أم بناء الذاتي أو تنميتها أولًا.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى