أقلام وأراء

بكر ابو بكر – المناسبات الوطنية وأهمية الجو الاحتفالي (5)

بكر أبوبكر 29-11-2021م

في اعلان الاستقلال الفلسطيني في الجزائر للعام 1988 وكما يذكر الاخ منير سلامة (حاليًا احد أركان مكتب الرئيس أبومازن) الذي كان احد المكلفين بتجهيزات الاحتفال أنهم كفريق مكلف قدروا ضرورة ألا تمر المناسبة مر الكرام بل أن يصاحبها الجو الاحتفالي نظرًا لعمق ما تعطيه من معاني فوافق الرئيس الراحل ياسر عرفات وهو بحسب سلامة كان المخرج للحفل حيث أن الحضور في قصر الصنوبر في العاصمة الجزائرية وفي منطقة سيدي فرج قد تجاوزا ال6000 شخص من الفلسطينيين وكل دول العالم ويليق بمناسبة ارتبطت بانتفاضة الشعب العربي الفلسطيني الكبرى انتفاضة الحجارة ان يتم اخراجها بشكل يليق بنضالات الشعب الفلسطيني وتظل خالدة وهذا فعلًا ما حصل حيث تم تجهيز الاعلام والنشيدين الوطنيين الجزائري والفلسطيني والشموع والأعلام الصغيرة وكذلك البلالين بألوان العلم الفلسطيني التي اطلقت بالقاعة.

وكان العناق بين الثقافي والفني وبين السياسي واضحًا فلقد مرّر الرئيس عرفات كما أشار الاخ د.ناصر القدوة الخطاب المعدّ مسبقًا لعدد من السياسيين الفلسطينين من كافة الاتجاهات لتتم الموافقة على النص بموافقة الجميع. ثم أضاف على النص محمود درويش اللمسات الثقافية الجميلة.

 والى ذلك وكما أشار لنا بعض الأخوة أنه كان من المقدر أن يلقي الاعلان الشاعر الكبير محمود درويش (حسب رواية الاخ بسام أبوشريف) ولكن هذا الشكل كان سيأخذ المعطى الثقافي دون الاعتبار السياسي، فجمعهما ياسر عرفات في اللحظة التاريخية الواحدة باعلانه وطريقته الفذة باخراج الاعلان الذي جاء مفاجئا للجميع في القاعة، حتى القيادة الفلسطينية، فحمل الحضور صلاح خلف أبوإياد على الأكتاف فرحين مستبشرين، وما كان من جورج حبش الا أن يحاول التصفيق بيده المشلولة فالتفت اليه أبوعمار واخذ بيده تلك ليصفق معه بها اعلانا للبهجة وتاسيسًا لنضال مستمر لن ينتهي الا بالاستقلال الناجزبإذن الله.

يذكر الكاتب الكبير نبيل عمرو قائلًا عن الاعلان: “كسب الفلسطينيون قراراهم المستقل أو القدر المتاح منه، غير أنهم خسروا الحاضنات الآمنة والفعالة التي تجعل منه قابلاً للتحول إلى دولة مستقلة على الأرض، فأعلنوا استقلالهم السياسي عبر برلمانهم المجمع عليه ومن أرض الجزائر بما يحمله ذلك من إيقاع معنوي ذي دلالة تاريخية.

وتسابقت الدول على افتتاح سفارات لدولة المنفى الوليدة، وتطور تمثيل وحضور منظمة التحرير حتى في أميركا و”إسرائيل”، وشحنت الجماهير الفلسطينية داخل الوطن بطاقة إضافية متجددة أوصلت كفاحها خصوصاً انتفاضة الحجارة حد التأثير على الحكومة الإسرائيلية التي لم تجد مفراً من تجاوز محرّم التعامل مع منظمة التحرير، لتدخل الحالة الفلسطينية وبتوافق دولي جماعي قلّ نظيره في التاريخ عهد مدريد وأوسلو.”[1]

بل انه يختم مقاله قائلا أن: “الاستقلال الوثيقة والجهد الذي هو المصطلح الأكثر تداولاً، إن لم يكونا حرّرا وطناً وشعباً إلا أنهما حافظا على أهم ما يملكه الفلسطينيون ويقدرون عليه وهو الحفاظ على الحلم واعتناق لا بديل عنه للشعارين المحاصرين، ومثلما تنقل عوامل التعرية جبالاً وبحاراً وأنهاراً من أماكنها فلا يزال الفلسطينيون يأملون أن تتبدل الأمور وسلاحهم الأول والأخير «لا راية بيضاء تُرفع ولا حلم يقتله أصحابه»”.

إن أهمية الاحتفاء بالمناسبات الدينية او القومية أو الوطنية عامة تأتي من أن الإحياء يحقق انعاش الذاكرة وحفظ الفكرة أو الهدف او الحلم، ويحقق التخليد من جهة ويحقق التحفيز لإرادة العمل كما يحقق الانتماء وإن بالرمزية، كما يحقق ديمومة الذاكرة وحيوية الرواية. (5/5)

حاشية لازمة:

[1]  من مقال نبيل عمرو في صحيفة الشرق الاوسط في 18/11/2021 تحت عنوان: الاستقلال الفلسطيني… وثيقته وما وصل إليه.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى