منوعات

بكر أبو بكر: من مربع اللهو الى العمل

بكر أبو بكر 11-1-2023م: من مربع اللهو الى العمل

إن موضوع الفِكاك من الانشغالات اليومية سواء الفيزيائية، أو تلك الالكترونية الافتراضية أصبحت بصعوبة بمكان بحيث اعتاد الكثيرون عليها غير مقدّرين الكثير الذي يفوتهم رغم أنه يفيدهم وينعكس على شخصياتهم وطرائق فهمهم وسلوكهم وتعاملاتهم في دوائرهم المختلفة (الدائرة الشخصية بمكوناتها المختلفة، والعائلية، وتلك الاوسع مع الأصدقاء، أو الجماعة أوالتنظيم أو المجتمع). 

إذ بدون التفكّر والتأمل، وبدون الاطلاع والتركيز والقراءة الرأسية، أو الاستماع أومشاهدة البرامج العميقة فلا شخصية قادرة على تجاوز عتبة النمط العادي لتقفز الى ما وراء حدود القدرة المستخدمة.

إن إدراك امتلاك القدرات المتعددة يحتاج للكثير من التنبه ثم الإصرار فالجهد، وكثير من القراءة العميقة في آن ليتم بناء على ذلك الانتقال لحالة التطوير الذاتي التي شكى من عدم القدرة على وصولها العديد من متدربينا كما أشرنا كثيرًا.

إنهم يقضون جل وقتهم بين اليد الثالثة أي الجوال (الهاتف النقال) وتطبيقاته التشتيتية، وبين أفعال أقل ما يقال عنها أنها تضييع للوقت فلا فائدة يحققونها ولا تواصل حقيقي (مباشر أووجاهي) يحققونه ولا حتى مُتعة حقيقية.

ثلاثية الحافز والقرار والممارسة

إن القيام بأي عمل ولنفترض جدلًا أن المقصود هو العمل الخيّر أو العمل المثمر أو العمل المفيد والإيجابي للشخص أو محيطه أو وطنه، يحتاج لمكونات أساسية هي الدافع أو الحافز أولًا كما يحتاج لاتخاذ القرار مرتبطًا بالخطة والهدف وطريقة التنفيذ ووقته وآلياته، ثم يحتاج ثالثًا لممارسة العمل أوالفعل من خلال جهد دؤوب مثابر عنيد يتحول لعادة أو رتابة (روتين) يومي بعد مدة. والتي لن يحس بها مع المواظبة بمرور الزمن الا وهي جزء من حياته (أنظر فكرة الصلاة والدعاء والوضوء بمنطق المواظبة والمثابرة والنظام والأثر….).

الدافع: إن الدافع أو الحافز قد يكون خارجيًا مُلزمًا او جاذبًا (التخرج من الجامعة، شراء بدلة جديدة لحضور مناسبة، ….الخ) وقد يكون داخليًا (تحقيق حلم أو الرغبة للشعور بالتقدير والاحترام أو التفوق…) ولنسلط الضوء على الحافز الداخلي هنا والذي يتعامل مع الرغبات والقناعات ومنها قناعة أن التغيير يأتي عبر هذا الباب او ذاك والإيمان بأن فتح الباب المقصود والدخول عبره سيحقق النتائج المطلوبة أو يحقق الهدف المرصود ومن هنا تتحول الامنية أوالحلم الى هدف قابل للتحقيق.

القرار والخطة: إن اتخاذ القرار ليس عملية وضع صح او خطأ على البدائل المرتبطة بالمسلك أو الخيار أو الطريق المختار، وليست عملية تتوقف عند حد اللسان بل تعمل معها الأقدام لتحرك الهدف على عربة الخطة التي تجرها خيول الوقت والتكليف والقياس والمتابعة ودقة التنفيذ.

تحقيق الفعل: أن التصميم والحافز ثم تحديد الهدف والقرار واتخاذ الخطة وتحديد المسار يحتاج لنقل كل ذلك من وعاء الدماغ أو من الورق الى الأرض ما نراه عبر التطبيق والتنفيذ، والتطبيق للعمل المطلوب القيام به يحتاج لجهد دؤوب مثابر عنيد يتحول مع تكراره لعادة أورتابة (روتين) يومي بعد مدة ما هو تحويل حقيقي للأهداف الى عادة يومية يحصل بها الانجاز.

إن الانتقال من مربع اللهو أو تضييع الوقت، أو الانتقال مربع الإقفال والأسر بين مركّب العبث أو التقليب flipping بلا هدف لمئات الصفحات على الشابكة (internet) يحتاج لحافز وقناعة وهدف وممارسة ليستطيع الشخص التخلص من الهيمنة الشابكية، أو التداول المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاته التي تحرم البعض من متعة رؤية المختلف عن “الفقاعة” التي يضع نفسه فيها نظرًا لخوارزميات الشابكة التي تتحكم بالأفراد بناء على اتجاهاتهم الضيقة التي يرصدها مشغلو الشابكة.

ومن ذلك ضرورة اللجوء لوقت أطول نقضيه مع أنفسنا الحقيقية، وليست الافتراضية من خلال عملية التأمل (استحضار الصور والهدوء والاسترخاء والخيال…) والتفكّر (بالمقدمات والنتائج وتنمية الوعي والمرجعية الثقيلة، والدرس والقراءة العميقة وصراع وحوار ونقد الأفكار داخل أدمغتنا وفي مساحاتنا الخاصة…)، وبالتواصل المباشر مع الأشخاص الآخرين بعيدًا عن نقرات لوحة الخلوي أو الحاسوب، وذلك عبر اللقاءات والاجتماعات والندوات وحتى المناسبات العائلية المختلفة.

سنحدد الغرض هنا بعمل واحد من أعمال عدّة هامة قد يسهم ضمن أعمال أخرى بإحداث التغيير وهو ممارسة فعل القراءة ومصادقة الكتاب الذي يحتاج كما ذكرنا آنفا لثلاثية الدافع والقرار بخطته والممارسة الملتزمة المثابرة.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى