أقلام وأراء

بكر أبو بكر: في فتح الاحترام والهدي النبوي

بكر أبو بكر 16-5-2023: في فتح الاحترام والهدي النبوي

تقول حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح في كتيب قواعد المسلكية الثورية في المجال الجماهيري، وفي بند احترام الجماهير وهو البند الأول من 8 بنود: “إن مهمة الطليعة هي تعميق احترامها للجماهير فيتعمق احترام الجماهير لها.. وأخطر ما يمكن أن يقصِم عُرى التلاحم بين الطليعة وجماهيرها هو شعور الجماهير، بأن هذه الفئة لا تختلف عن الفئة التي ثارت ضدها، والتي تتحكم في الجماهير.. وتغرر بها وتستغفلها وتخدعها لتظل جاثمة على صدرها. وحيث إن المبادرة العمليّة لتعميق الاحترام المتبادل تقع في يد الطليعة، لأن الجماهير تظل محكومة لردود فعل ممارسة الطليعة تجاهها، فان الطليعة هي التي تتحمل أولا وآخرًا نتيجة علاقتها بالجماهير.”

وتضيف الحركة قائلة “إن تذبذب العلاقة بين الطليعة والجماهير بالاحترام الواضح حينا والاحتقار والازدراء حينا آخر، يعبر عن انفصام في عقلية ما يسمى بالطليعة. فمن الذين يقفزون الى مراتب المسؤولية نوعيات تتحدث عن الجماهير وعظمتها وفعاليتها حينا.. وعن جهلها.. وغبائها حينا آخر”

لتختم البند بالقول: “إن الجماهير لا يمكن أن تحترم الذين يحتقرونها مهما كانت الانتصارات التي تحققت على أيديهم.. ولكن الحقيقة التاريخية تؤكد، ان الذين يحتقرون الجماهير لا يمكن ان يحققوا أي انتصار حقيقي”.

من الهدي النبوي ومدرسته الشريفة في الحب والاحترام، والدعم

ولننظر للهدي النبوي الشريف ومدرسته الكريمة المتعلقة بالحب والتقدير والاحترام ما يصدق بالحياة العادية، وما بين الزملاء في المنظمة (التنظيم) أو المؤسسة أو الجماعة عامة.

 1-التحية وإالسلام: “أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ ، أفشوا السلام بينكم”. 

2-الكلمة الطيبة:”اتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ، فإنْ لَمْ تَجِدُوا، فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَة”، والحديث “والكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ”. وفي قوله” قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى”، وقوله: “ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء”. وقوله”إنَّ شرَّ الناس من تركه الناس- أو ودعه- الناس اتقاء فحشه”. وروى الإمام مالك بن أنس أن عيسى عليه السلام لقي خنزيرًا في طريق فقال له: انفذ بسلام. فقيل له: تقول هذا لخنزير؟ فقال عيسى ابن مريم: إني أخاف أن أعوّد لساني المنطق السوء.

3-حُسن القول والتواصل: الحديث الشريف “الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف”، وفي حديث قدسي: “حقت محبّتي للمتواصلين فيّ”، وفي قوله: “إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليُخبره أنه يُحبه لله” . وقوله”المسلم من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هَجَر ما نهى الله عنه”. وقوله ” إن الله لا يحب الفُحش والتفحُّش”.

4- حبُ الآخرين، والابتسامة: “لا يُؤمِنُ أحدُكُمْ حتَّى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسه”، وفي قوله الشريف: “تَبَسُّمُكَ ‌فِي ‌وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ”. وقوله الكريم: “لا تحقرنّ من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلِق”.

5-الإشادة والمديح والذكر: “إن فيك لخُلَقين-خصلتين- يحبهما الله ورسوله قال: ما هما يا رسول الله؟ قال: الأناةَ والحلم” وذلك في مديحه للملقب أشج عبدالقيس. وفي إشادته بعمر بن الخطاب (رض) قوله: “ما رآك الشيطان سالكًا فجًا إلا سلك فجًا غير فجك”، وما نقل عن مديحه بموضعه لأبي بكر الصديق (رض).

 نقصد بمعنى المديح هنا عامة المديح بذكر المناقب أو الخصال الإيجابية أو الإشادة بفكرة هامة منسوبة لصاحبها، أو انجاز قام به، في وقته ودون مبالغة أو لمصلحة خاصة ما.  وفي الذِكر أو الإشادة قد يكون في حضور الشخص وأمام جماعة، أو من خلفه ما هو تأكيد على السمة أو الفعل وقد يكون أكثر وقعًا حين تناهي الخبر للشخص المذكور أوالممدوح.

6-الرِفق والتراحم واللطف: والرحمة هنا بمعنى الرّقّة والعطف والرأفة، وهي كما بالأثر”رقّة في النفس تبعث على سَوْق الخير لمن تتعدَى إليه”، ومن الهدي النبوي نراه في فعله، ومن قوله عليه السلام:”إنها رحمةٌ، وإنما يرحم الله من عباده الرُّحَمَاء”. وقوله الشريف”مَن لا يَرْحَم لا يُرْحَم”، وقوله “إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله”، وقوله: “إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه”.

7-الهدية: “تهادُوا تحابوا”.ومن حديث عائشة (رض): “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ، ويُثِيبُ عَلَيْهَا”. ولكن مع تحذيرات هامة وردت بالهدي النبوي حيث النهي عن الهدايا التي فيها التعدي على حقوق الآخرين، أو أن فيها استغلال المركز أو الموقع من مثل ما يناله الموظفون من هدايا بعضِ المتعاملين معهم، وهدية من قُضى له حاجة من حاجاته، أولمن توسط بالخير. وأيضاً من الهدايا التي تُرد ولا تقبل الهدايا المحرمة كأموال القمار أوالخمر،….الخ.  

8-مساعدة ودعم الآخرين: “مَنْ مَشَى مع أخيهِ المسلمِ في حاجَتِه حتى يُثْبِتَها لهُ، أثْبتَ اللهُ – تعالَى – قدَمِه يومَ تَزِلُّ الأقْدامُ”. وفي قول الرسول الكريم أيضًا “من نفّس (فرّج) عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستَر مسلما سترهُ الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”.

9الاعتذار وامساك اللسان وكظم الغيظ:  قال عليه السلام “ليسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ المَدْحُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِن أَجْلِ ذلكَ مَدَحَ نَفْسَهُ، وَليسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ، مِن أَجْلِ ذلكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ، وَليسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ العُذْرُ مِنَ اللهِ، مِن أَجْلِ ذلكَ أَنْزَلَ الكِتَابَ وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ”. وقال صلى الله عليه وسلم: “ولا تتكلمْ بكلامٍ تعتذرُ منه”. وقد قيل: إيّاك وعزّة الغضب فإنّها تفضي إلى ذلّ ‌الاعتذار. وقال الشاعر: وإذا ما اعتراك في الغضب العزّة /  فاذكر تذلّل ‌الاعتذار.

ولنا في حادثة الجارية مع علي بن الحسن نموذجًا حسَنًا، حيث كانت تصبُ له الماء للوضوء فسقط الابريق من يدها على وجهه فجرحه فرفع رأسه غاضبًا، لتقول الجارية له الآية مذكرة (والكاظمين الغيظ) فرد عليها كظمت غيطي، فقالت الآية (والعافين عن الناس) فعفا عنها، فأضافت (والله يحب المحسنين)، فاطلقها حرة.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى