أقلام وأراء

بكر أبو بكر: غضب إسرائيلي وحمساوي من خطاب اشتية في جنين!

خطاب اشتية في جنين : بكر أبو بكر 2022-10-19

لم أشعر بالغرابة من الغضب الصهيوني العارم من خطاب د.محمد اشتية في جنين دعمًا لنضالات الشعب الفلسطيني ومقاومته الشعبية، فهذا الخطاب بالتأكيد لايتسق مع السياسة الإسرائيلية العدوانية الإرهابية التي لا تتورع عن فعل أي شيء لتدمير أي أمل للشعب الفلسطيني لتحقيق استقلال دولته.

لم أشعر بالعجب من الرسالة شديدة اللهجة التي أرسلها الصهاينة ضد رئيس الوزراء د.اشتية ولا من شتمه واتهامه –وربما المطالبة بعزله لاحقًا-حين قال في مخيم جنين: “لم آت لأعزي، ولكن أتيت لأتقبل العزاء معكم جميعا، ولأقول لكم يجمعنا الحزن وتوحدنا المعاناة وإنا لمنتصرون”.

ولا حين قال:”هذا الاحتلال الذي يموّل حملته الانتخابية بالدم الفلسطيني كل يوم، فالدم الفلسطيني ليس رخيصا ليمول حملة انتخابية للاحتلال، ولكن أرواحنا رخيصة عندما يكون الوطن هو العنوان”.

ولكن العجب العُجاب (بذات الوقت) أن يأتي الشتم والاتهام -وبالتساوق مع الإسرائيلي- من قبل فصيل “حماس” وبالتحديد عبر تقرير أحد أبواق الفتنة الشهيرة التي لا علاقة لها لا باتفاق الجزائر ولا اتفاق الشاطيء! ولا بأي حس وطني.

اللاوطني هو الذي يفرح حين تقارب الآراء وينزعج حين تباعدها. بحيث أنك تجد من بوق الوكالة الحمساوية العكس تمامًا فحين تتقارب الآراء والمواقف تنزعج هذه الوكالة الفتنوية وتبدأ بقذف سيل التهم التي تبدأ بالاسطوانة المعهودة بالتنسيق الأمني مضلل المفهوم والمثير للجدل. (التنسيق في رام الله دونًا عن مثيله بنفس المعنى بمنع العمليات بالقوة من “حماس” بغزة وكأنها دولة أخرى) ولا تنتهي باتهامات معيبة بالكذب.

المفترض حين تقارب المواقف أن نفرح ونأخذ الحذر لا بأس، وننتقد لا بأس، ولكن ندعم ذلك بقوة من الطرفين ونشيد، وليس المفروض أن يتوقف عقلنا عند حدود الشتم والإهانة والشيطنة حتى لو لبس الآخر ثياب الأطهار، وكأن المستهدف هي الفكرة أي فكرة الوحدوية الملفوظة من تيارات الانقلاب والانقسام والانتهازية سواء في “حماس” أساسًا أولدى البعض الانتهازي على الجانب الآخر.

بحسب هيئة البث الإسرائيلية “كان” في 18/10/2022م قالت أن: الرسالة الإسرائيلية شديدة اللهجة للسلطة كانت حول أن الحديث يدور عن تصرف غير مقبول مطلقًا من المسؤول الفلسطيني د.محمد اشتية والذي من خلاله يعطي شرعية للعمليات.

تابع د.محمد اشتية بخطابه في جنين قائلًا: “التحية لكم يا أهلي في جنين، يا مدرسة الوطنية الفلسطينية، فالمخيم تآخى مع مخيم شعفاط وعناتا ونابلس ورفح والبلدة القديمة في القدس” وقال: “جنين اليوم صوتها عال من أجل أن يرتفع صوت الآخرين، وأن يكون صوتنا أعلى من صوت الاحتلال، فحقنا هو الحق الحقيقي”.

وخاطب أبو رعد قائلا: “أقول لأبو رعد ولكل ذوي الشهداء ليس لدينا جندي مجهول أو شهيد مجهول، نعرف أسماء الشهداء والجرحى والأسرى الرباعية. ولذلك التحية لكم يا أهلي الأعزاء”.

وأضاف اشتية: “وهذا العالم ينظر بعين في أوكرانيا ولا ينظر بعينين إلى فلسطين، هذا العالم لا يريد أن يرى الحقيقة ويتجاهلها، فصوت فلسطين عال كما رفعه الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة ورفع صور الأسرى والشهداء الأطفال وأمهات الشهداء والأسرى”.

وتابع رئيس الوزراء: “نحن نقول لذوي الشهداء بأننا سنبقى على العهد، عهد فلسطين وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وحرية الأسرى والعودة، وستبقى بوصلة النضال الفلسطيني تؤشر للقدس عاصمة دولتنا”

ماذا تجد في هذا الكلام من “كذب وركوب موجة” (!؟) كما عنونت وكالة شهاب الفتنوية الحمساوية؟! مضيفة أنها زيارة “تجميلية”! ومستكملة بتهكم وسخرية عجيبة أن خطابه: “مجرد محاولة فاشلة منه لتجميل وجه سلطته المشوه” ؟!

في حين أن كل الحراك في الضفة من شمالها الى جنوبها منسوب لحركة التحرير الوطني الفلسطيني-“فتح” والجهاد الإسلامي أصلًا مع غياب كامل لفصيل “حماس” عن الصورة وهو الفصيل الذي يتكلم ويحرض على السلطة ويحاكم بغزة ويبطش بمن يتواصل معها، بنفس القدر أو أقل على المحتل! وهو نفسه مَن ترك الجهاد الإسلامي وحيدًا في معركة “وحدة الساحات”. وهو ذات الفصيل الذي يفضّل مكاسبه السلطوية في غزة على الدخول في معركة لا يريدها مع الاحتلال في الضفة تنعكس على استقراره في “مملكته” وإبقائها منفصلة.

لننظر لما يقول المحلل السياسي هاني المصري عن إعلان الجزائر والحراك في الضفة: “أن “حماس” وبقية الفصائل تغطي وتدعم ثورة الضفة الحالية ولا تقودها، مع تجميد المقاومة المسلحة الفصائلية في الضفة؛ لأن قيادتها وتنفيذ عمليات مسلحة يمكن أن يؤدي إلى مواجهة عسكرية في غير أوانها، وتترتب عليها أثمان باهظة، بينما تريد “حماس” وحدة تبقي القطاع تحت سيطرتها، وتمكّنها من دخول المنظمة والاحتفاظ بمكاسبها وبسلاح المقاومة من دون إستراتيجية موحدة وقيادة واحدة.”

نحن نعلمُ حجم الهجمة الشرسة المتواصلة على حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح عبر بوابة السلطة واستهدافها إسرائيليًا ومن الابواق الحليفة، ورغم ذلك فإننا لا نتورع عن نقد أداء السلطة الوطنية الفلسطينية، ولا نهاب مواجهتها بإساءات البعض فيها وانتهازيتهم وعقل البعض فيهم الانقسامي، ومواقفهم التي لا تعجبنا والطلب لتصليب مواقفهم. وحين يحصل ذلك ويتصلبون أنقف مرعوبين ومتخاذلين أم نقوم بتشكيل جبهة حماية لهم؟ ما هذا الأمر؟

أليس من المعيب أن يتم استمراء الشتم والاتهام حتى حين يتخذ الشخص موقفًا وطنيًا مفاجئًا أو صادمًا للمعارضين (الأبديين على ما يظهر)؟ وكأنهم يريدون المواقف أن تبقى ضعيفة ليزدادوا هم خداعًا للجماهير حين الإدعاء أن امتلاكهم لجيبتين في معطَفهِم تعني أن الدين وهم الممثلون الأوحدون له يوجد في الجيب اليسار! وأن المقاومة وهم الممثلون الوحيدون لها توجد في جيبهم اليمين؟!

وأليس من الأجدر أن يتم تصليب مثل هذه المواقف الوطنية أو الوحدوية أو التقاربية من المخالفين على الجانبين، والطلب لتطويرها بدلًا من التساوق مع الطروحات الصهيونية؟ وحبر اتفاق او اعلان الجزائر لم يجف بعد؟!

إن السياسة رمال متحركة، ومواقف متغيرة، والقاعدة الصلبة فيها هي وحدة القضية والشعب، واللجوء لسلاح التحصين الذاتي ومد اليد للآخر المخالف، وليس قطعها. بل وتشكيل مظلة حماية له حين يعدّل مساره أو يطوره أو يغيره باتجاه ما نريد أو نراهُ صوابًا، وما كان الاسود الحالك مقابل الأبيض الناصع الا أحلام في علم السياسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى