أقلام وأراء

بكر أبو بكر: عربٌ يدينون الإرهاب الفلسطيني!؟

بكر أبو بكر 3-2-2023م: عربٌ يدينون الإرهاب الفلسطيني!؟

عندما تسارع بعض الأطراف العربية للإدانة لأي عمل يحصل من قبل الفلسطينيين ضد الإسرائيليين المحتلين لأرض فلسطين، كبير أم صغير، سواء كان عملًا فرديًا، أو عملاً منظمًا، فإنها تتجاوز الخطوط الحمراء في طريقة النظرالرشيدة والموقف السديد، وتتجاوز فكرة الانتماء القومي والانتماء الحضاري العروبي الجامع للأمة والتي تطوح بها بعيدًا وتلقيها في زبالة التاريخ. 

في هذه الأطراف العربية يسكُبون الماء الساخن على قيمهم العربية والاسلامية معًا، حين يعلنون إدانتهم للأخ الضعيف المُثخن بالجراح! ويعلنون تخليهم عنه أمام الغازي والغاصب!؟ في مظهر يظنونه “إنساني”، عجيب غريب! في حين لم يتقدم أحد منهم  سياسيًا ولا حتى ماليًا ولا معنويًا؟! بدعم المُثخَن بالجراح، الملقَى على الأرض يصرخ! وامعتصماه، واعروبتاه! واإسلاماه!

ما قيمة الظهورلهؤلاء بالوجه “الانساني” المزيف! وهم لا يرون حجم السكاكين التي تحيط برقبة الفلسطيني يوميًا، ولا يرون كافة العوامل المتراكبة والمتكاثفة التي أدت لسيل الدم المتدفق كالشلال.

في فلسطين بالعام الفائت تم قتل وأعدام المئات وبشكل وحشي (مايسمونه قتل بدم بارد، وهو قتل بدم عنصري فاسد). هل تتصورون حجم الاعتداء والقتل الصهيوني؟! لقد تم إعدام وقتل ما لايقل عن 230 من أبناء فلسطين العربية من قبل الجيش الصهيوني والمستوطنين الإرهابيين؟ و10000 مصاب ما بين معاق ومعاق، و6500 حالة اعتقال؟!! هذا عدا عن استلاب الأراضي وتهويدها والقدس وهدم البيوت وتهجير البشر! ولا تجد من بعض الأطراف العربية “المستتبَعة” أي انتباه أو حرص على اتخاذ موقف عروبي و”إنساني”، أو دبلوماسي!؟ فالدم العربي الفلسطيني رخيص، على ما يبدو كما دم أبنائهم أصلًا، فلِم يصرخون؟ بينما الدم الأزرق مقدّر بين الأمم ! فهو فقط الدم “الانساني”!

إنهم يدينون الفعل الفلسطيني مهما كان، أكان فعلًا عنفيًا أو شعبيًا، ولا يقفون حتى مع الفعل السلمي المقاوم؟! حتى بكلمة، فماذا يريدون؟ وهم الى هذا وذاك قد انسلخوا عن آدميتهم أصلًا حين يرون الضحية تنزف ويطعنوها من الظهر بادعاء أنها قاومت النزيف؟

ألم يكن الأجدر بهذه الأطراف أن تضع أرجلها بالأرض وتستغل قوّتها بنطاقها، وتتحصن وراء المطالب العربية الفلسطينية بالأمم المتحدة من حماية دولية ومؤتمردولي ووقف الاستيطان الإحلالي وزوال الاحتلال واستقلال دولة فلسطين قبل أن تنبس ببنت شفة للإدانة ؟

لم تكن الانهيارات في الجدار الإسلامي أو العربي بجديدة على التاريخ الذي سجّل في طوله وعرضه انهيارات مشابهة حين وقف بعض الأعراب أو الحكام لأمة العرب والمسلمين جنبًا الى جنب مع هولاكو وغزوه لبغداد العظيمة، الذي أودى بحياة ما يقارب نصف مليون انسان! فمن يذكر أو يُحيي ذكرى مذبحة بغداد ومثلها الكثير من المذابح!؟

وأولئك الذين وقفوا مع الغازي الفرنجي (الصليبي كما أسموا أنفسهم) عندما اقتحم قلب الأمة وأسال الدم الطاهر في فلسطين والشام (حتى وصل الدم الى ركب الخيل في مجزرة عزّ مثيلها بالتاريخ)، كما فعلت لاحقًا العصابات الصهيونية قبيل وأثناء النكبة عام 1948م، والتي تكمل عصابات المستوطنين مسيرتها الإرهابية اليوم.

في التاريخ الأسود ل”تضامن”!؟ بعض الجهات من الأمة مع الغازي صفحات سوداء سجلها التاريخ بأحرف من فحم أسود، ستظل تسوّد وجوه أصحابها مهما حاولت الأقلام تبييضها ولن تستطيع فالأمة لا تنسى أبطالها كما لاتنسى أراذلها.

إن من حق الشعوب أن تقاوم العدو الغاصب، بالطريقة التي تتفق عليها وفق الشرعية الدولية، ومن حق الأمم أن تصرخ حينما تجرح أو يعتدى عليها وتسرق أرضها ويدمر وطنها ويستباح يوميًا، ويقتل أبناءؤها العزّل الأبرياء بل ويحضّ على قتلهم. (هو ليس فقط حق بل رد فعل طبيعي)

 أم نعتبرالمظلومين الرازحين تحت الاحتلال هم الأخر المستباح وليسوا ذوي الدم الأزرق!؟ لتصبح هيئة الأمم المتحدة والمنتمين لها عونًا للظالم على ظلم الظالم، وسندًا لصاحب اليد العليا؟

هل حين يقتل الظالم والمستبد والغازي فهو لمصلحة الدولة؟! والانسانية؟! ولكن حين يصرخ الضحية فهو يسبب الإزعاج لأولئك الجالسين في عليائهم يستمعون للاغاني الهابطة أو يشاهدون التفاهات التي يصرفون عليها الملايين والمليارات، وأكثر من نصف الأمة تعيش في جحيم.

للقيادة الفلسطينية أن تختار الوسيلة التي تقررها للدفاع عن فلسطين، وهذا حقها الذي وجب للأمة التي أقرت المبادرة السعودية-العربية مبادرة الملك عبدالله أن تظل متمسكة بها، بمبادرة الحد الأدنى هذه، أم أن هذه الأطراف بالأمة قد أدمنت المخاتلة والخداع والتخلي عن المتفق عليه أمام ضغط العروش والكروش والرعب من الصهيوني والامريكي؟! ومضاهاة المستعمر بالانهزام أمام حضارته الاستهلاكية منزوعة القيم والاخلاق ما بين الخنوثة والرخاوة وإدمان النخاسة وأكل الكباب! (في عُرف الفقراء لم يعد الكباب اليوم رمزًا للثراء أوالطبقية والفحش حيث تقدم عليه الكثير)

لا أعتقد أن النظر للدم الفلسطيني بانتقاص يفيد أولئك المستتبعين لغيرهم، فعليهم ستدور الدوائر أن عاجلًا او آجلًا.

 ليعلموا أن ليس همّ المشروع الصهيوني منذ تم التمهيد له من قرون وليس منذ النكبة أو منذ بلفور أووعد نابليون أو بالمرستون الانجليزي أو وايزمان إلا تدمير هذ الأمة، وتفتيتها وتشتيتها والقضاء على كل عوامل قوتها ونهضتها العلمية والفكرية والاقتصادية والثقافية والقيمية والروحية، وعبر نزع قلبها وتدمير عقلها ليسهل للاستعمار الغربي ويده الصهيونية العمل بحرية ضد البرابرة كما أسماهم “هرتسل” في كتابه دولة اليهود فيمنعون الى الأبد قيامة هذه الأمة. فهل نستفيق أم يكون الأوان قد فات!؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى