منوعات

بكر أبو بكر: سمعة القائد والعلامة التجارية!

بكر أبو بكر ٣-٦-٢٠٢٣: سمعة القائد والعلامة التجارية!

يحرصُ  كل إنسان مخلص عامة على امتلاك نِعمة السُمعة الحسنة حيًا وميتًا ويسعى لها بقوله وعمله، يقول الله -تعالى- على لسان إبراهيم -عليه السلام-: (وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) [الشعراء: 84]، يقول ابن كثير: “أي واجعل لي ذكراً جميلاً بعدي أُذكر به ويقتدى بي في الخير”، وقيل أن ذلك:”يعني الثناء الحسن، يعني ثناء الناس عليه، والترحم، وذكره بالخير دائماً”.

وحيث تحقق الربط بالعبارة الكريمة (لسان صدق) بين الصدق واللسان معًا ليعطيان معنى الذكر أو السمعة الحسنة للشخص في حياته وبعد مماته، فالصادق بقوله بالضرورة تتحق هذه الصفة بأفعاله أيضًا فيسرى أو يجري من الناس ذكره بالثناء على كل لسان من ألسنتهم. وهو ما يشكل السّمة أو العلامة المميزة (Brand) له في المفاهيم التجارية والسياسية للسمعة للشخص اوالمؤسسة.

والى ذلك كانت السمعة الطيبة مقاماً رفيعاً، ومنزلة عالية في هذا الزمان: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت: 35].

ويقول الشاعر حافظ إبراهيم في السمعة وحسن الشمائل ومكارم الاخلاق:
إني لتطربني الخِلال كريمة ** طرب الغريب بأوبة وتلاق
ويهزني ذكر المروءة والندى ** بين الشمائل هزة المشتاق
فإذا رزقت خليقة محمودة ** فقد اصطفاك مقسِّم الأرزاق
والناس هذا حظه مال وذا علم ** وذاك مكارم الأخلاق

السمعةُ الحسنةُ تعمق الثقة، ومن خلال القدوة والربط بين القول والفعل ولأنه (كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ. الصف3)، لأنها الصورة أو السمعة المرغوبة فهي تتحقق بتكرار الفعل المتوافق مع الأقوال لتتحول مثل “العلامة التجارية”، فيعرف بها فتقول ذاك شخص محبوب ، او ذاك شخص شرير، أو ذاك قائد جماهيري وذاك شخص أو قائد شجاع وذاك شخص عامة أوقائد عفيف الفرج واللسان.

وتقول ذاك قائد مثابر وذاك قائد مفكر أو مثقف وهكذا.

عقدنا دورة تنظيمية للكوادر منذ سنوات، استضفنا فيها أحد المدربين المهمين من جنوب إفريقيا فإذ به يكرس محاضرته حول نقطة واحدة هي الصورة (image) ومن حيث اعتبر أن كل تنظيم سياسي (وتنطبق على كل شخص) يجب أن يحمل بصمة أو علامة تجارية brand معين، وهي بقيمة الاشتهار بشيء او السمعة، وهو شيء تسعى له الشركات التجارية كما يسعى له القادة السياسيين، او غير السياسيين أيضًا، وتسعى له التنظيمات السياسية فتوظف المختصين بالإعلام وتحسين الصورة، ومن هنا انعقد الاهتمام بالصورة عبر الكلمة والتصرف والعمل والقدوة.

اشتهر أحد قادة التنظيمات الفلسطينية بالحقد على شعبه وعلى منظمة التحرير الفلسطينية، فارتبط بأحد الأنظمة العربية منذ بدايته، وقتل وذبح وشرد من شعبه لصالح هذا النظام الكثير، ولم تسعفه شيخوخته عن الاستمرار بهذا المسلك المشين فأظهر حقده الدفين على الشهيد ياسر عرفات فيما ذكره من أكاذيب حوله، في أحد البرامج الفضائية التابعة لفصيل إسلاموي، وكأنه أبى أن يزيل آثار هذه السمعة السيئة عنه حتى مات، ومازالت سمعته السيئة تطارده.

ونستخدم في الأثر العربي العظيم مقولة (طبّقت شهرته الآفاق) وما من شهرة الا لسمعة ما أوانتشار صورة معينة، ونستخدم مصطلح (السمعة الطيبة) و(الذّكر الحسن) دومًا فيما هو مطلوب من الشخص نفسه فما بالك بالكادر أو المسؤول أو المدير في أي موقع أو بالقائد الذي يعرض نفسه للناس دومًا أو على الأقل أمام فريقه ونقف عند قول الشافعي الجميل وذو الصلة هنا: قد مات قوم وما ماتت مكارمهم*وعاش قومٌ وهم في الناس أموات، حيث الموت والحياة عنده ارتبطت بالسمعة الحسنة والذكر الطيب.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى