أقلام وأراء

بكر أبو بكر: حوار العرب حول فلسطين والطوفان

بكر أبو بكر 2023-10-10: حوار العرب حول فلسطين والطوفان

تابع الجميع الحوار الدائر على الفضائيات وعلى الصحف عامة، وفي وسائط التواصل الاجتماعي، وفي المواقع المختلفة سواء بالصور أوالتحليلات أوالمقالات للكتاب والإعلاميين حول العدوان الصهيوني على قطاع غزة نتيجة الصدمة والمباغتة والطوفان الذي اجتاح الكيان.

ومن بين هؤلاء الكُتاب والاعلاميين تجد المناصر للشعب الفلسطيني في حقه العادل ومطالبته بدولته وبلده، وباعتبار واجبه العروبي أو الاسلامي (أنظر عدد كبير من الكتّاب في الجزائر والكويت ولبنان والعراق، وقطر ومصر والأردن…..كمثال فقط).

يرى هؤلاء الكتاب المبصرون والمناضلون أن الأساس هو فلسطين.

ولكنك تجد الآخر ممن يتساوق أو يندرج أو لربما ينخدع بالرواية الصهيونية المكذوبة والمضللة، أو يصمت.

(بعض الصحف الخليجية -كما سنرى أدناه- لم تستجب لطوفان الأقصى، الا بارتجاف وخوف شديد، ومطالبات بوقف التصعيد بين الطرفين! دون إشارة لا من قريب ولا من بعيد لأصل القضية أي الاحتلال الصهيوني لفلسطين والإرهاب اليومي والقتل، وكل ما يحصل نتيجة له منذ النكبة ثم النكسة!!؟)

يكيل المنخدعون بالرواية الصهيونية التهم للفلسطينيين بغرابة شديدة: أنهم يضيّعون الفرص!؟ (أنظر الى أين وصلت اتفاقية أوسلو التي دمرها شارون ثم نتنياهو؟! وانظر الرفض الصهيوني الصامد ضد مبادرة الملك عبدالله/المبادرة العربية)، ويتهم هؤلاء المنخدعون الفلسطينيين أنهم ضد التتبيع العربي مع الأخطبوط.

تجد من الكُتاب من يدافع عن نظامه السياسي المتّجه بسرعة الصاروخ نحو العلاقات مع الإسرائيليين وبإغماض العين عن حقيقة دامغة وواضحة تقول أن أي تقارب مع الإسرائيلي التفافًا وتحايلًا على مبادرة الملك عبدالله عام 2002 يعني إضعاف أوراق المساومة لدى العربي ولدى الفلسطيني، لاسيما أن التعجل والهرولة نحو التتبيع مع الإسرائيلي غير مبرر ولا مفهوم والدول التي ارتبطت باتفاقية “ابراهام-ترامب” لا صلة لها سابقة مع الاحتلال الإسرائيلي لا من حيث الحدود الجغرافية، ولا خوض الحروب!؟ وهو ما يثير الحيرة من الاندماج في تبني الرواية الصهيونية الكاذبة والمخادعة بشكل غريب ومريب.

لقد شعرت الأمة والفلسطينيون باسترداد جزء من كرامتهم مؤخرًا مع “طوفان الأقصى” في ظل الاغراق الصهيوني في استعمار عدد من الدول العربية المقدمة على النحر الذاتي ضمن صفعة ابراهام-ترامب، وفي امعان الفاشيين بقيادة “سموتريش وبن كفير ونتنياهو” بالقتل اليومي بالضفة الغربية، وسرقة الأرض التي لا تتوقف.

لقد ظهر العنفوان العربي فاستعادت الأمة ولو مؤقتًا الشعور القومي لأمة العرب وفي ذكرى انتصار أكتوبر/رمضان 1973 وبما يذكر بصمود بيروت الأسطوري عام 1982م، وشراسة الثورة الفلسطينية في كثير من المراحل، وعمليات الساحل ودخول المستوطنات شمال فلسطين، شاء العميان أم لم يشاءوا، وذلك ما أعاد للفلسطيني الأمل بالحل وفي الحد الأدني بتحرير الأسرى.

أنظر للمثال التالي للمواقف وللحوار عبر عناوين الصحف الخليجية بصفحتها الورقية الأولى في صبيحة يوم 8/10/2023م حيث تضامنت الصحف الكويتية الثلاث معًا مع الثورة الفلسطينية فعنونت صحيفة القبس: طوفان الأقصى هجوم فلسطيني كاسح…، زلزال حرب الكيان، وعنونت صحيفة الوطن: الكويت توفير الحماية للشعب الفلسطيني، طوفان الأقصى يغرق الاحتلال، وصحيفة السياسية (رغم مقال أحمد الجار الله) تقول: طوفان الأقصى يغرق “إسرائيل”

بينما في دولة قطر كان الموقف الإعلامي واضحًا فالعنوان الرئيس لصحيفة الوطن القطرية كنموذج يقول:أن قطر تحمّل “إسرائيل” مسؤولية التصعيد، وفي عنوان آخر انتهاكات مستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني، وعنوان آخر طوفان الأقصى للرد على جرائم الاحتلال.

بينما بالاتجاه الآخر كانت الصحف البحرينية والإماراتية حذرة، وكأنها تقوم بدور الصليب الاحمر بين “الطرفين”! فتقف من فلسطين على الحياد!؟ بشكل لافت للنظر.

ففي صحيفة الوطن البحرينية كان العنوان الرئيس بالصفحة الورقية الأولى أن البحرين تتابع بقلق تطورات الأوضاع في غزة وتدعو للوقف الفوري للتصعيد، وما يشبهها عنوان صحيفة الأيام البحرينية حيث البحرين تدعو لضبط النفس، ووقف التصعيد أيضًا.

في الصحف الإماراتية تذبذب كبير، ففيما تتكلم صحيفة الخليج التابعة لإمارة الشارقة بشجاعة نسبية قائلة بعنوان رئيس: مئات القتلى بين طوفان الأقصى والسيوف الحديدية،… شهد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أمس السبت تطورًا صاعقًا بهجوم مباغت… كانت صحيفتا البيان والاتحاد حذرتين منكمشتين فتقول صحيفة البيان: تجدد الاشتباكات واستمرار العمليات العسكرية في 8 مناطق حول غزة بل ونقلًا عن رويترز. وجريدة الاتحاد الاماراتية تضع في ذيل صفحتها الورقية الاولى (العنوان الثالث بالأسفل) أن الإمارات تدعو لوقف التصعيد بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

في الصحف السعودية وعنوانها الرئيس نأخذ نموذجين حيث تكتب جريدة الجزيرة السعودية في صفحتها الأولى: .حما.س. و”اسرائيل” الوضع ينفجر، بينما تكتب صحيفة عكاظ: هجوم مباغت يشعل الحرب والسعودية تدعو الى الوقف الفوري للتصعيد بين الجانبين وحماية المدنيين وضبط النفس، وتذكر المملكة بتحذيراتها من مخاطر انفجار الاوضاع نتيجة حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه.

بينما في صحف سلطنة عُمان تجد صحيفة عُمان كنموذج تقول بوضوح: “إسرائيل” تفقد توازنها من هول الصدمة.. ومخـــاوف من اندلاع حرب كبرى في الشـرق الأوسط، وكان العنوان الرئيس لها بالصفحة الاولى يوم 8/10 هو: طوفان الأقصى يجتاح “إسرائيل” ونتنياهو: إنها الحرب.

إن مجرد القراءة في العناوين أعلاه في الصفحات الأولى لبعض الصحف العربية وخاصة مما اخترناه من الخليجية تُظهر مواقف التفرق العربي والتشرذم الخطير بالتعامل مع القضية الفلسطينية التي هي مظلة حماية الأمة كلها ضد الاخطبوط الصهيوني، لمن يبصر ويفقه.

الإسرائيليون في داخل فلسطين ما بين مصدومين وكأن صاعقة ضربتهم، فتحول الكثير منهم الى فاشيين فاقعين يدعون للإبادة (أنظر الباحث ألِكس درنبرغ الذي طالب علنا بإبادة قطاع غزة كما حصل في مدينة درسدن الألمانية عام 1945) وما بين مندهشين ومنهم من طالب باحتلال وسحق قطاع غزة كما كان قد قال شارون حين انسحابه من غزة (المحلل المصري الإسرائيلي مائير مصري) ومنهم من طالب بعمل جدار حول القطاع بعشرات الامتار والقيام بالاغتيالات. وآخرون طالبوا بسحق الفلسطيينيين بالقدس والضفة بأكثر ما يحصل يوميًا وبلا توقف.

ومع كل ذلك أن تجد عربي هنا أو هناك يتساوق أو يتقاطع مع الرواية والخدع الصهيونية ففي هذا علامة سؤال عظمى لا تشكل حوارًا صحيًا، واليكم نماذج فيما يلي.

يقول الكاتب في صحيفة الشرق الاوسط (طارق الحميد 8/10/2023م) عن الفلسطينيين وخاصة “.حما..س” “أنهم يخوضون “حرب متاجرة”، و”حرب بلا فائدة في غزة إثرعملية طوفان الأقصى”! وحيث أشار الى “أن التوقيت مشبوه”! و”مغامرة”! ولماذا مشبوه ليجيب هو قائلًا بالنص: “مشبوه لأن هناك تفاوضا ًسعودياً أميركياً لخلق فرص سلام مع “إسرائيل” تضمن ظروف حياة أفضل للفلسطينيين”!!؟

بينما زميله وذات اليوم في صحيفة الشرق الأوسط عبدالله بجاد العتيبي قال: “الفلسطينيون ضحية «المقاومة» التي تقدمهم على طبقٍ من ذهبٍ لآلة السلاح العسكرية الإسرائيلية”!؟

وقال أن القضية الفلسطينية “لم يظلمها أحد كما ظلمتها قياداتها وفصائلها التي تؤجر بنادقها ذات اليمين وذات الشمال على دول المنطقة المارقة ومحاورها المعادية للعرب”!؟!

وقبل هذين الاثنين قال عدد من الكتاب العرب المسمّمين بالرواية الصهيونية أن الفلسطينيين وقيادتهم أضاعت فرص السلام!؟ ويا للعجب.

بالمقابل تجد الإعلامي الكبير والكاتب الشهير غسان شربل رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط اللندنية 9/10/2023م وكأنه يرد على المناهضين للنضال الفلسطيني المنكرين لفلسطين والنكبة، والطاعنين بالفصائل الفلسطينية في مرحلة حرجة حيث الصهاينة يخوضون حربًا شعواء على قطاع غزة والضفة، والقائلين بانتهاء القضية والنضال وأن الوقت للتفاوض والتطبيع والتتبيع فقط!؟

يقول الأعلامي غسان شربل: “يعتقد المراقبون المحايدون أن “إسرائيل” أضاعت فرصاً كبيرة لدفع النزاع في اتجاه تسوية توقف دوامة الحروب. أضاعت فرصة شكلتها مصافحة ياسر عرفات مع إسحاق رابين في حديقة البيت الأبيض”

ويستطرد: “أساءت “إسرائيل” تقدير أهمية شرعية عرفات السياسية والعسكرية وشرعيته الفلسطينية والعربية والإسلامية”

ومضيفًا بثقة المُبصر: ” توهم أرئيل شارون أن تهديم جدران «المقاطعة» حول عرفات يهدم حلم الفلسطينيين بدولتهم.”

ثم قال بوضوح ثانيًا: أضاعت “إسرائيل” فرصة أخرى شكّلتها مبادرة السلام العربية عام 2002م.

وليستنتج بمنطق العروبي الحر الملتزم بالقضية الفلسطينية أن: “شعور “إسرائيل” بالقوة والتفوق دفعها إلى إضاعة أكثر من فرصة”، فهي “أغلقت نوافذ الأمل أمام الفلسطينيين وساهمت بسلوكها في إضعاف معسكر الاعتدال الذي يراهن على تسوية عبر التفاوض”، وأول العبر هو التسليم بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة.”

وكان مسك الختام في مقاله وما نتفق معه فيه كليًا وهو أيضًا نضعه ختام مقالنا هذا، أن: “الدولة الفلسطينية أول مفاتيح الاستقرار في المنطقة ومن دون قيامها سنشهد مزيداً مما نشهد حالياً.”

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى