أقلام وأراء

بكر أبو بكر: بايدن على خطى سابقيه (1-3)

بكر أبو بكر 2022-07-11

كتب الكثيرون في زيارة الرئيس الأمريكي المرتقبة الى المنطقة العربية والاسلامية المسماة “الشرق الأوسط” فمنهم من تشاءم كثيرًا، ومنهم من تشاءم قليلًا، ولكن لم أجد المتفائلين الا في بضعة مقالات لا تكاد تذكر طبّلت لزيارته، بالإضافة للكيان الصهيوني المبتهج بالطبع.

انتقد اليسار الأمريكي “بايدن” لزيارة السعودية –ضمن الشرق الأوسط-رغم وصفه لها بأنها “دولة منبوذة” متجاهلًا زعمائها استنادًا لمفهومه الحصري لحقوق الانسان التي سيمرغ بها الأرض اليوم فداء لتكريس هيمنة “إسرائيل” “الديمقراطية”! وضمان تدفق النفط ورفاهيته، نقطة. ما هما فقط وليس أي من الأهداف الأخرى سبب مجيئة “السامي” للمنطقة، فلا فلسطين على باله البتة، ولا عذابات أهالي أوكرانيا، ولا انقاذ السعودية أو الامارات من هجمات الحوثيين أو إيران، ولا دعم من يسميهم الحلفاء (ناقص) ضد الخطر الإقليمي المرعب أي إيران.

النفط، واتفاقات ابراهام، وأشياء أخرى يقول “جنان جانيش” في “فايننشال تايمز”: “الوقت قد حان لفك الجمود في العلاقات الأمريكية السعودية” رغم الهدوء النسبي بالمنطقة لسبب اتفاقات إبراهام التتبيعية، وكما يذكر”بين إسرائيل الديمقراطية! (وكأن هناك ديمقراطية مع الاحتلال والعنصرية؟!) والأنظمة الملكية المحافظة”.

ضمن الرفض السعودي للانخراطات في اتفاقات ابراهام -ذات الاسم المخادع- كما اسم “الشرق الاوسط” المخادع سيسعى “لترسيخ شراكة استراتيجية مع السعودية”، من أجل عيون النفط، ورفاهيته لا غير، وقد يبحث كما تقول الاعلامية ماريا معلوف مواضيع ذات صلة بمصادر الطاقة المتجددة والأمن السيبراني والأمن الغذائي والطاقة، خاصة مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية واهتزاز ميزان العرض والطلب على النفط والغاز الروسيين، مع استمرار العقوبات الأمريكية-الأوروبية وتراجع الكميات المستوردة من الغاز والنفط، حيث تستأثر روسيا بكمات كبيرة من مصادر الطاقة. ونضيف لما سبق صفقات الأسلحة الكبرى مع السعودية.

بين “ترامب” و”بايدن”

يذكر د.حسن نافعة: “تذكّرنا زيارة بايدن المرتقبة للمنطقة بزيارة أخرى للسعودية كان الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، قد أجراها في أيار/مايو عام 2017. ففي كلتا الزيارتين حرصت المملكة العربية السعودية على دعوة عدد من قادة الدول الأخرى للقاء الرئيس الأميركي على أراضيها. صحيح أن الدعوة إلى لقاء ترامب وجّهت إلى أكثر من أربعين زعيماً، فيما اقتصرت الدعوة إلى لقاء بايدن المرتقب على كل من قادة مصر والعراق والأردن، إلى جانب دول مجلس التعاون الخليجي، غير أن الهدف ظل واحداً في الحالين، وهو تقديم السعودية نفسها زعيمةً على العالمين العربي والإسلامي، لا مجرد دولة خليجية غنية بالنفط والمال، وفيما عدا ذلك تتباين الزيارتان في كل شيء تقريباً، في الأهداف، والبرنامج، وطريقة الإخراج، والسياق الإقليمي”، وستشمل الزيارة “إسرائيل” ومع حبة سكرأومرار أي زيارة الضفة كرفع عتب لا قيمة له.

مقاله، ومطالبه من المنطقة

من الواضح أنه طلب فعلاً أو سيطلب أشياء كثيرة، في مقدّمها زيادة إنتاج النفط السعودي بما يكفي لخفض أسعاره عالمياً، والمساعدة النشطة في إحكام الحصار الاقتصادي المفروض على روسيا القاهرة لنفوذه، وألا تكتفي السعودية بموقف المتفرّج أو حتى المشجّع للدول العربية الأخرى على الانخراط في تطبيع علاقاتها بـ”إسرائيل”، ولكن أن تبادر هي نفسها إلى اتخاذ إجراءات ملموسة في هذا الاتجاه كما يقول د.حسن نافعة. إضافة لانخراط السعودية في حلف عسكري يضم “إسرائيل” ودول عربية أخرى وبقيادة أمريكا لمواجهة إيران.

قال “بايدن” في مقاله ب”واشنطن بوست” لكي يقطع الشك باليقين كما يقول المثل: سنعمل “على تعزيز المصالح الأميركية المهمة…والتي منها…”الممرات المائية في الشرق الأوسط” والتي هي “مهمة للتجارة العالمية وسلاسل التوريد” التي تعتمد عليها بلاده بالطبع، موضحًا أنه لن يلقي “أعباءً جديدة على القوات العسكرية الأميركية وعائلاتهم” وهذا بالطبع عبر المليارات والدعم اللامحدود للإسرائيلي، ومضيفًا أن السعودية “تعمل الآن مع الولايات المتحدة للمساعدة في استقرار أسواق النفط”! ما هو المطلوب منها في مواجهة الخطر الأكبر الذي يهدد امبراطورية الشر أي الصين وروسيا كما قال هو ذاته لوضع بلاده “في مكان أفضل للتغلب على الصين ومواجهة العدوان الروسي”.

ونحن قد لا نرى (أو لا نحب أن نرى) في المملكة اتجاه نحو التعاون المباشر مع الإسرائيلي رغم تأكيد الإسرائيليين على علاقات نمت بين “نتنياهو” والقيادة السعودية، ومازالت متواصلة، ورغم تطبيلهم وتطبيل “بايدن” ذاته لطيارة الرئيس الامريكي التي ستنطلق من مدينة اللد الفلسطينية الى جدة، ولكن هذا البلد بصفته شاء أم أبى منبر الإسلام ومحطة التئام الأمة العربية والإسلامية، لن يخفق بين خياراته العربية والإسلامية وتلك الامريكية الإسرائيلية، لا سيما وكما أشرنا لاهنزاز الدور الأمريكي أصلًا بالعالم كله.

يأتي الرئيس الأمريكي “جون بايدن” منطقتنا العربية التي يسمونها “الشرق الاوسط” فيما كان المصطلح ذاته في إطار التهيئة النفسية القديمة لإدخال “إسرائيل” لهذا “الشرق الاوسط”، فما بدأ توالى وتتالى، وأحجار الشطرنج تتساقط كما قال “مايلز كوبلاند” قديمًا.

قال “بايدن” في 9/7/2022 بمقاله في “واشنطن بوست”: “سيكون هذا السفر-من “إسرائيل” الى السعودية مباشرة- أيضاً رمزاً صغيراً للعلاقات الناشئة والخطوات نحو التطبيع بين “إسرائيل” والعالم العربي”.

(الحلقة الاولى من 3 حلقات)

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى