أقلام وأراء

بكر أبوبكر يكتب – حازم أبوشنب الفخور

بكر أبوبكر – 23/10/2020

أن يستطيع شخص واحد جمع العديد من الأصدقاء والأنصار والمريدينالمباشرين حولَه، فهذه صفةٌ شعبية وجماهيرية قد لا تتوفر لكثير من الشخصيات السياسية أوالقيادية، فما بالك إن كانت ذات الشخصية تتمتع بميزات الظهور الاعلامي المتواتر واللامع.

قد يكون من النادر أن تجد شخصية تتمتع بقدرة فكرية ومرجعية صلبة،وفصاحة لغوية وإطلالة إعلامية دائمة ولا تغتّر بمثل هذا الظهورالمُبهِرالمتكرر! ما يؤدي بها أن تنعزل عن الناس بعلاقتها بهم على الأرض.

إنّ تلازمَ الإطلالة الإعلامية الدائمة مع الجماهيرية المباشرة على الأرض،وليس الجماهيرية الإعلامية التباعدية،هو فنٌ لا يتقنه الكثيرون.

ففي الأولى أي الإطلالة شعورٌ بالفوقية قد يخالج الكثيرين، وفي الثانية ارتباط شعبي قد تتبرّم منه عديد الشخصيات العامة.

هو جمعهما معاًفارتبط مع الجماهير من الأصدقاء والرفاق والناس عامة بعمقخدمته المباشرة لهم، وسعى جاهدًا ألا يكون ظهوره الإعلاميالسياسيمنفصلًا عن الناس فعمّق من لقاءاته الجماهيرية الى الدرجة التي أصبحت فيه شخصيته تجمع الصفتين معا أي الشخصية الاعلامية القيادية البارزة والشخصية الجماهيرية القريبة من قلوب الناس.

منالمهم على القائد السياسي والاعلامي المؤثر في الرأي العام، والقائد السياسي التعبوي أن يكون مفعمًا وممتلئا بمكونات ثلاث ترسم شكله في قلوب الناس، أن يكون ممتلئا بالفخر والإيمان والعلم.

الدكتورحازم حسين أبوشنب ذو العقلية الاعلامية السياسية، والاعلامي والجماهيري معًا، كما هو حال والده صديقنا ومعلمناأطال الله في عمره، استطاع أن يكرّس مفهوم الفخر دون كبرياء وأن يكرّس مفهوم السموّ دون ترفّع، وأن يكرس ذات مفهوم الفخر دون انقطاع صِلة عن الناس، فهو بالناس أيضا فخورٌ كما فخره بالانتماء العربي الوطني الفلسطيني وبالأفكار.

الكثيرُ من الفخورين بأبسط الأشياء يتحولون الى أراذل متكبرين ممّن ذمتهم الآيات القرآنية فكان فخرُهم مَرَحًا وعليائية مذمومة، فلعلهم يخرقون الأرض أو يبلغون الجبال طولًا!ولم يكن للاخ والصديق حازم، رغم كل ما امتلكه من مواهب ومعارف وعلاقات وحضور اعلامي وشخصية قيادية متميّزة، أن يبتعد عن الناس فيخرق الأرض.

كنّا ننشد الهدوء حين نلتقي كقِلة تفكر معًا، لكن طاولة حازم معنا غير ذلك،حين نجلس في أحد المقاهي قبل أو عقب أي  اجتماع من اجتماعات المجلس الثوري التي جمعتناحيث كانتالقعدة عامرة بالناس وشؤونهم، ناسه هو، رغم أنوفنا نحن الذين نؤثر السكينة.

أدمن حازم القرب من الناس الى الدرجة التي لا تميّزه عن كثير ممن لا يمتلكون مثل خبرته وعلمه، ولكنه الرجل الفخور بوطنه ودينه وحضارنه ولغته العربية وعروبة فلسطين وبحركة فتح فخرًا أصبح يشكل خلفية ذهنية لم تخرج عن منطوق كلامه الذي طالعنا به في اجتماعات المجلس الثوري التي جمعتنا،أو في لقاءاتنا الخاصة المتعددة،أومن على شاشات الفضائيات الكثيرة التي كانت تتسابق لاستضافته الى الدرجة التي كان يوجهها للحديث معي أنا الرجل الذي يتجنب الاعلام، ما استطاع اليه سبيلاً.

حازم أبوشنب مشروع ثورة مكبسلة في إهاب مقاتل وقائد وطني، لم يمهله القدر أن يحقق انتصار ثورته، لكنه استطاع، بكل ما يملك من قوة، الدخول الى ساحات عديدة واجه فيها العدو الصهيوني بشراسة الأسُود الضارية، وواجه في ساحات أخرى فئة الانقلابيين على المشروع الوطني بكل صدق، ودعوات لهم بالهداية رغم أذيتهم البالغة له.

حازم الصديق الوفي، دائم السؤال والاتصال، مع تقصيرنا الكثير معه حيث اختلاف طبيعة الشخوص بيني وبينه، أي بين الشخصيتين: الجماهيرية فيهوالإنزوائية فيّ، كان شعلة متقدة من نار الحرية والفكرة العفيّة والسياسة التي تنبع من ثوابت العقيدة الدينية والوطنية المتكاملة في مشروعنا العروبي الوطني الحضاري الذي لم نجد بدًا أن يكون بوصلتنا معًا نحو التحرير.

أن تجد قائدا سياسيا ينحو نحو غرائب القول، أو نحو الفرقعات الاعلامية فهذا مسار الصغار الذين يحاولون بناء قصور وهمية من رمال الاعلام في ذهن الناس، ولا ينجحون. وما كان حازم الا صاحب قصر فلسطين الذي يجد تعبيراته الجليّة فيما امتلكه من قدرة على تحليل الخبر ورسم صورة صادقةمنيعة للشعب وللأمة، وصورة مشرقة لشباب الوطن الذين كانوا يقفون على جانب الشارع الذي يسير فيه ممنّين النفس بلقاء أو توقيع أو كلمة.

حازم الذي ارتبط بحركة فتح منذ الصغر، أدرك أهمية التعبئة والتنظيم فتسلم مسؤليات منذ إطار الثانويات فالجامعة قياديا طلابيا، ثم قياديا في المراحل اللاحقة أستاذًا ومعلّما، وفي كافة مواقعه التنظيمية والسياسية في حركة فتح ثم في إطار منظمة التحرير الفلسطينية سفيرا، فممثلا وطنيا لحركة فتح.

المكونات الثلاثة الهامة في المرجعية العقلية لدى حازماستندت لحالة: الفخر التي ملأته، فخرًا بفلسطين وفخرًا بقيادته وفخرا ببلده وفخرًا بشراسة مقاومة شعبه، وفخرًا بأبيه أبينا الذي آمن بالنصر كما آمن بالله، فتقدم حثيثًانحوالنصر

هو الرجل الهدّار، الفخور، كما هو الرجل المؤمن الحريص فيسياق إيمانه الديني والوطني والحضاري أن يتبع خطى والده الحسين، وكل أعلام الثورة فلم يترك الفرائض حتى في المرض الذي تغلب عليه في معركة قصيرة غير متكافئة.

يؤمن العرب الأحرار ويؤمن العرب الفلسطينيون أن هذا جهادٌ نصرٌأواستشهاد،حيث فلسطين هي البوصلة، فلم يكن ياسر عرفات وعزالدين القسام وعبد القادر الحسيني ورفاقهم في الجنانإلا أصحاب رسالة، فكان لهم فيناومن يلينا بإذن الله من الأبناء والأحفاد من يحملون الرسالة فيعملون، ويؤمنون بالنصر المحتّم،مع فخرهم بمنارة العلم وثراء المعرفة،وكان حازم من هذه الفئة الرسالية المبشرة بالنصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى