أقلام وأراء

بكر أبوبكر يكتب “بيتا” تعزف لحن المقاومة

بكر أبوبكر 13-6-2021

لم تخلُ فلسطين للحظة من موجات النضال والمقاومة بأشكالها المتعدة، سواء أكان ذلك من بداية القرن العشرين، والغزوة الاستعمارية الصهيونية، أو إثر الانطلاقة المجيدة للثورة عام 1965 بقيادة الصارم ياسرعرفات.

ولم تخلُ حارة أو زاوية أو شارع أو حقل أو… من فلسطين من منثور الآلام والقهر والتفجّع والأسى، والحقد على الظلم، الذي لم يكن ليذهب هدرًا، وإنما كانت ممارسات الاحتلال الغاشم تكبسله وتخزنه لحن ثورة في قلوب وعقول وأرواح أبناء هذه الأرض منذ وجدت وإلى الأزل.

لم تخلُ أي زاوية، أو مدرسة أو لاحقاً جامعة، أو كنيسة أو مسجد أو مركز ثقافي أو رياضي أواجتماعي فلي فلسطين من ألحان الثورة والمقاومة الفلسطينية التي ابتدأت ب(طلّ سلاحي)  و(أنا يا أخي) و(أنا ابن فتح) و(ثُورٍي ثورِي)، وصولًا الى اعتلاء محمد عساف ركح العالم بأغنيات الوطن والثورة مثل (علّي الكوفية) و(أنا فلسطيني) وغيرها.

 في جميع الزوايا من فلسطين التي ارتبطت بتفعيل ذكاء الثائر والفدائي المقاوم (بيده وبلسانه وقلبه) وبأشكال متعددة، كنت ترى شبيبة حركة فتح المقدامين أبدًا يتدافعون لتقدم الصفوف فهم هكذا عُجِنوا.

في فلسطين كانت موجات الانتفاضات متراكمة الإحداثيات في الرسم البياني للفكر الفلسطيني المقاوم، فمادام الاحتلال الاستعماري قائمًا فالمقاومة الفلسطينية بتعددية وسائلها هي الحل، وهذا ما تعلمه الفلسطينيون وعزفوه وأنشدوه في كل الأماكن المسقوفة، بالوطن والخارج، وفي فضاءات المسجد الأقصى، وفي مدينة اللد ومدينة غزة ونابلس وكل فلسطين.

ضرب الثوار الفلسطينيون أروع الأمثلة بالصمود والانتصارعلى الذات، وعلى صَلَف القوة الطاغية، وتقدموا لفعل الثورة والمقاومة بآلاف العمليات العسكرية، ثم الجماهيرية والشعبية مع تغير المعادلات وانقلاب المعسكرات، وحيث الأوجع للضعيف مقابل القوي أن يأتيه من حيث يبهت، وحيث أن للظلم جولة وللثورة جولات.

مراحل عديدة مرت على الثورة الفلسطينية الباسلة، وأشكال كثيرة من النضال تلك التي مارسها وصولًا للانتفاضات التي كان أبرزها انعطافة انتفاضة الحجارة ثم انتفاضة الأقصى الكبرى في مواجهة صلف “شارون”. واستكمالا للمسار كانت كل قرى ومدن ومخيمات وخِرَب الضفة الغربية ولا أغالي في أتون المواجهة، ويصعب عليك ألا تذكر أيّها لم تخُض مواجهة بشكل دائم أو متقطع.

منذ العام 2005 والقرار الوطني الشامل بقيادة فتح هو بالمقاومة الشعبية، تعلو صوتًا حينًا وتخبو حينا وتحتاج لشمولية الزمان والمكان والجماهير والأركان نعم، ولكنها لا تتوقف ويجب أن تتصاعد وعليه سجّلَ كل تجمع فلسطيني في فلسطين على شقي البرتقالة لواء الحرية والمقاومة، إلى أن أصبحت المقاومة الشعبية هي الوسيلة المعتمدة ضمن برامج كافة الفصائل التي لحقت بحركة فتح كالعادة.  

آخر النماذج التي صعدت مؤخرا في مقابل العدوان هو بلدة بيتا الجميلة المجاورة لنابلس، وهي التي تقع في منطقة تركّز المتطرفين من غلاة المستعمرين التوراتيين الأسطورين الذين يتوهمون بامتلاكهم الأرض التي تلفظهم، فعقدوا المؤتمرات وعقدوا الندوات ضمن منظماتهم الإرهابية المتطرفة التي تزيد على 60 منظمة -حتى الآن- وأطلقوا الرصاص وصرخوا أن هذه ليست أرضكم فارحلوا والا القتل! وكان من نصيب بلدة “بيتا” كما أخواتها طُرّا أن رفضت العدوان والإرهاب والعنصرية والاستعمارية فقالت ]لا[ كبيرة، ورفعت لواء الحرية والاستقلال والكرامة.

لم يكن شيئا غريبا بتاتًا أن يكون الناطق الرسمي لحركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح منير الجاغوب من قرية “بيتا” قرب نابلس جبل النار حيث شوهد عالميًا يتصدر جموع المشتبكين مع الاحتلال بالأدوات الثورية البسيطة من (النقيفة) والحجر، فهو لم يكتفِ بصوته المعبّرعن الثورة والمقاومة على الفضائيات. لذلك فهو استحق فلسطينيته كما استحقته بلدة “بيتا” الصامدة.

قال عيسى برهم في شهر مايو/أيار ]لا[ كبيرة في مواجهة المستعمرين، فقتلوه بحقارة القوة العسكرية الطاغية، والحقد العنصري الأبارتهايدي، ليُنصّب عند الله سبحانه وتعالى شهيدًا، وقال زكريا حمايل (28 عامًا) في 28/5/2021 ]لا[ كبيرة أيضا فعزَف لحن الخلود.

كانت المكالمة بين الطفل البطل الثائر محمد سعيد حمايل (15 عامًا) ذات صدى كبير لدى جمع الملائكة الذين كان اختلافهم رحمة، فهل يستعجلون له الشهادة؟ أم يتركوه لمساحة مقاومة أوسع في حياته؟ فتغلب الرأي الاستشهادي فقبضت روحه  ليحلق مع قيثارته في سماء عليين (استشهد في 11/6/2021م).

“بيتا” النموذج الحالي لم تسكت على سرقة أراضيها في جبل العرمة وجبل صبيح وغيرها من المساحات، ليس منذ اليوم وإنما منذ العام 1988 وأراك تشتعل غضبًا إن كنت وطنيا او قوميا أواسلاميا أو مسيحيا والأربعة بالحقيقة مقترنه ببعضها في الأمة ذات العمق الحضاري الواسع.

 قد تكون تعجّبت لمقاومة فلسطينية متصلة لا (ولن) تهدأ! وكيف لك ألا تعجب وعصابات الاستعمار الاستيطاني يُضخّ عليها بالملايين من المنظمات التوراتية والصهيونية ومن الانجيلية الصهيونية، ومن الامريكي الاستعماري ومَن يدور في فلكه، وشعبك يعاني من الأمة الثرية بمالها الفقيرة بكرامتها!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى