#أقلام وأراء

بكر أبوبكر يكتب – القدسُ وحديثُ المكان

بكر أبوبكر – 16/1/2021

القدسُ التي لا ترحل من عقولنا وبالنا كفلسطينيين ومسيحيين وعرب ومسلمين، وكمناضلين من أجل الحرية بالعالم، هي القدسُ التي كانت هنا منذ وُجد التراب، وهي القدس المكان المقدس الذي أثبت عناق السلام في أبدية الصراع وضرورة الفصل بين الغادي والرائح، والأصيل المتجذر والدخيل الراحل .

في القدس تحارب الحجارةُ، كما يحاربُ الأبطال المدافعون عن مدينة القدس من مسيحيين أشاوس ومسلمين أشاوس جنبًا الى جنب دفاعاعن كنيسة القيامة والمسجد الأقصى وكل التراب بمقدساته ومعالمه وشعبه، وعن الرواية الصحيحة الناطقة بالحجر والمكان.

هؤلاء فهموا نداء القدس العربية فسطّروا أسماءهم في سجل الشهادة والنضال فلم يستكينوا وما كان للقدس الا أن تستجيب لمن لها لبوا النداء.

في القدس معالمٌ تاريخية كثيرة مسيحية وإسلامية، ومن عصور مختلفة لم يثبت على الحقيقة العلمية والتاريخية والترابية المرتبطة بعلم الآثار وجود لأي من روايات التناخ (التوراة وباقي الأسفار) في فلسطين وفي القدس، ومن هنا نُطلّ على جزء يسير من المعالم التي قد تثير التشكك عند البعض،أو ترتبط بالأساطير والخرافات الشعبية والتوراتية.

أولا: المسجد الأقصى المبارك: هو المعلم الرئيس في القدس، الى جانب كنيسة القيامة، وهو المسجد بساحاته كلّها ومعالمه الأخرىالمقام على مساحة 144 ألف متر مربع ليضم: المسجد أو البناء ذو القبة الذهبية أي مسجد الصخرة، والبناء/المسجد ذو القبة الرصاصية أي المسجد القبلي والمعالم الأخرى الكثيرة، لأنه ببساطة يمثل كل مادار حوله السور.

المسجد الأقصى الذي تُطلق عليه أدبيات أخرى مسمى الحرم القدسي الشريف ويطلق عليه الصهاينة مصطلح مضلّل أي (جبل الهيكل)هو أي (المسجد الأقصى-الحرم القدسي)بمساحة 144دونم كما أسلفنا، ويضم المساجد و200 معلم آخر من مبانٍ وأسبلة ومصاطب وأروقة…الخ.

لذا فلا ننخدع بمحاولة تصوير المبنى المغطى من أحد المباني/المساجد داخل المسجدالأقصى ونفترض أنه حصرًا هو المسجد الأقصى، وهو ذات ما يريده الصهاينة ليبنوا هيكلهم الخرافي في المساحة بين مبنيي المسجد القبلي ومسجد قبة الصخرة.

ثانيا: قلعة داوود في القدس أو قلعة القدس: هي مجرّد بناء روماني قديم من القرن الميلادي الأول ولا صِلة لها لا بداوود ولا سليمان الملوك المذكورين بالتوراة (نحن كمسلمين نُجلّ هؤلاء الأنبياء بالطبع عليهم السلام، وليس بالأوصاف المُنكرة الواردة فيهم بالتوراة كملوك فاسدين).

وهذا البرج أو القلعة حاول بعض المؤرخين ربطها بخرافة توراتية هي أن الملك داوود كان منه يتلصّص على النساء أثناء استحمامهن!؟

عموما هو اسم مفترض لقلعة القدس الرومانية، ولا صِلة لا لداوود ولا لسليمان الأنبياء أوالملوك بها.

ثالثا: مقام النبي داوود: حيث لا يوجد داوود، والقبر هو بناء فرنجي (صليبي) حيث يتموضع في الطابق السفلي من مسجد عليّة العشاء الأخير مكان كنيسة بيزنطية.

ويقول د.عفيف بهنسي خبير العمارة وفي كتبه عن عِمارة القدس: أنه مسجد بناه السلطان العثماني سليمان القانوني كما بنى غيره في القدس.

رابعا:كرسي سليمان وهو مبنى قرب باب الأسباط من أبواب القدس، ويعتقد العامة أنه مكان موت النبي سليمان على كرسيه! والحقيقة هي: أن الخليفة سليمان بن عبد الملك قد وضع له كرسيًا في هذا المبنى لأخذ البيعة بالخلافة بعد وفاة الوليد بن عبد الملك، وبالطبع لتشابه الأسماء دخلت لدى العامة وبعض المؤرخين الخرافة بالحقيقة.

خامسا: مغارة سليمان وهي بالحقيقة مغارة الكتان، ولا يوجد سليمان.

سادسا: بِرَك سليمان: وهي أيضا لا صلة لها بالنبي أو الملك سليمان، وإنما سميت نسبة للسلطان التركي سليمان القانوني.

سابعا: باب حطّة: حيث يربطه البعض تعسفًا أو جهلًا بالآية الكريمة ٥٨ من البقرة(….وقولوا حطّة نغفر لكم خطاياكم) لينسبوه لقبيلة بني إسرائيل العربية المنقرضة،رغم أن مقدمة ذات الآيةتقول (أدخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا)، وفي تلك الفترة التاريخية كانت القدس أرضًا ليست ذات زرع مطِلّة على الصحراء، فلا صِلة.

ثامنا: قبر أبيشلوم أو أبو السلام: وهو قبر روماني لا صِلة له لا بأبيشلوم ولا غيره حيث تشير التوراة أنه ابن داوود الذي ثار ضد والده!

تاسعا: نفق حزقيا: وهو عين سلوان ولا أثر كما نكرر من حجر أو ذرة رمل لهذا الملك التوراتي المسمى حزقيا في بلادنا فلسطين او القدس.

وقِس على ذلك كل المعالم في القدس العربية، التي تروي الرواية الحقيقة للقدس مهما فعلت يد التهويد الإسرائيلي فيها فتكًا،وهي المعالم الثابتة للروايةالتي ينطق فيها المكان كما الحال بكل فلسطين بعروبة ومسيحيّة واسلاميّة وانسانيّة هذا البلد الصابر المكابر المثابرالمنصور باذن الله.

(لمن يرغب مراجعة كتابنا المعنون: القدس لا ترحل، المعالم الإسلامية والمسيحية في القدس تتحدى التزييف الصهيوني، بكر أبوبكر، اصدار المؤتمر الوطني الشعبي للقدس، فلسطين-رام الله، الطبعة الأولي ٢٠٢٠م)

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى