أقلام وأراءدراسات وتقارير خاصة بالمركز

بكر أبوبكر يكتب – الضم وصرير الاقلام!

بكر أبوبكر – 24/6/2020

الحديث المتكاثر حول الضم الصهيوني لأراضٍ فلسطينية تحتلها وتتحكم بها فعليا، رغم الاتفاقيات الموقعة عام 1993 يحيلنا دوما لأصل الأشياء، فهل الضم وليد لحظته أو أنه خطة جديدة؟ أم جاء كمسلسل متدرج ابتدأ بعد النكسة عام 1967 ؟ وما يعرف حينها بمشروع ألون؟

وقد نتساءل هل الضم للضفة الغربية في التحريض الصهيوني أبعد من ذلك؟ ويتقاطع مع وثائق الصهيونية التي رأت في كل فلسطين مجالها الحيوي للاستعمار والاحتلال، أو كل فلسطين والأردن لدى صهيونية جابوتنسكي؟ 

ولربما الأصل الأبعد هو النحت في صخور التاريخ، ومحاولة إسالة المياه من خلالها لتعطي الدلالة على وجود النهر الداخلي الذي يشير للنيل والفرات؟! أو يشير لصهيون و”المدينة المقامة على جبل” حسب التوراة؟ ويشير لمدينة أورشليم والقبيلة الغابرة؟ أو يشير لآلام “الشعب” المقموع تاريخيا لكنه الموعود إلهيا بالدنيا وما فيها؟! تحت مظلة المصطلح المضلل”شعب الله المختار” العنصري، وهو “الشعب” أو بالحقيقة الجماعة الدينية وليس الشعب التي اختيرت للعذاب والتشرد! وها هو بعد أكثر من ألفين عام يعود وكأن عذابات السنين في ظهر الرب؟

الحديث المتكرر عن الضم الصهيوني لأراض اعتبرها القادة الصهاينة جميعها أرضهم (مما هدف له مشروع ألون: تحقيق “الحق التاريخي” للشعب الإسرائيلي في “أرض إسرائيل”.) لا يعد خروجا عن التنظير الذي بدأ منذ القرن التاسع عشر المبشّر بان أرض الميعاد” الموهومة، للشعب المعجزة هي فلسطين! إذ بعد أن افترض “البيوريتان” المسيحيين في القرن16 أن (نيو إنغلاند) في امريكا هي الأرض الموعودة وأنهم الشعب المختار، سرعان ما تتبدل الأمور، وتنقلب الأية بعد قرنين لتصبح “الأرض الموعودة” عند الإنجيليين الصهاينة هي فلسطين والشعب اليهودي هو المختار؟

الضم وترامب وهتلر

الضم وفكرة الاحتلال أو سرقة الأرض والاستيلاء عليها فكرة فرنسية ثم انجليزية، وهي فكرة استعمارية كعلامة مسجلة في جبينهم حتى اليوم ضد الامة العربية والإسلامية جمعاء، وما كان للحركة الصهيونية التي تاهت بين البلدان لتتقي شرور الغرب الذي أضطهد يهوده، إلا أن تختار في القراءة الثالثة أرض فلسطين لسهولة التنظيرالمقدس حول أنها المقصودة تاريخيا ولتوافق المصالح الاستعمارية مع المصالح الصهيونية.

ومؤخرا فإن فكرة الضم وتبريرها وتشجيعها قد جاءت في صفقة ترامب نتنياهو عام 2020 ولم تكن وليدة القرار الإسرائيلي وحده، وجاءت بعد أن أزاح الرئيس الامريكي القدس واللاجئين عن الطاولة، وكأن ذلك حق لا مراء فيه للشعب الشقيق للشعب الأمريكي! أي شعبه اليهودي المختار!

او كما قال “ترامب” نصًا حين اعترف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي: أن (إسرائيل دولة ذات سيادة، ولها الحق، حالها كحال أي دولة أخرى سيادية، أن تحدد عاصمتها.) مردفا بالقول الخرافي التوراتي (جعلت إسرائيل عاصمتها في مدينة القدس. عاصمة الشعب اليهودي، التي أنشئت في العصور القديمة.)

لقد استطاع الرئيس الامريكي أن يفكك ردود الفعل العربية، وأن يمتهن كرامة الأمةاللاهية في كل الخطوات التي قام بها سواء تجاه فلسطين، أو في محورية حراكه لإدخال إسرائيل الى كل بيت عربي تحت مظلة التعاون الأمني ضد العدو المشترك إيران، بل واستطاع بحنكته السياسية،أو مساعديه الصهاينة، رغم ما يتهم به من غرور وعنصرية وغباء أن يتعامل مع العرب بطريقة احتقارية علنًا، فها هو أمام أعين العالم يلغي القدس بجرة قلم! ولا صوت يخرج ليخرسه، ثم يتبع ذلك بإلغاء ملف اللاجئين ؟! وعليه فلم لا تكون خطته للازدهار بين الفلسطينيين والشعب الإسرائيلي” المتضمنة ضم الضفة الغربية لها نفس المصير؟

يشير الكاتب عودة بشارات في مقارنتهبين اعتراف “ترامب” بالقدس عاصمة “لإسرائيل” وبين هتلر من 80 عاما الى أنه: (في أيلول 1939، بعد احتلال هتلر لبولندا، أعلن في الرايخستاغ-البرلمان الألماني بأن يجب منع الحرب في الغرب لأن بولندا الآن لم تعد دولة موجودة، وبهذا فإن السبب الرئيسي لإعلان فرنسا وبريطانيا الحرب، ومهاجمة ألمانيا لبولندا، لم يعد موجوداً. وقال غوبلز عن هذا الخطاب تحفة دبلوماسية”!) وهو مثيل ما فعله ترامب” الساحر!والعيون العربية كلها إما محملقة او غاضّة النظر او أنها أدارت الظهر وهو الغالب الأعم، وكأن شيئا لم يكن!

لقد استطاع “ترامب” بصرير قلمه الفرنجي-الصهيوني، وعنصريته الفاقعةضد الأمة (بمسلميها ومسيحييها) أن يلغي أقدس مقدساتها ممثلة بالقدس وأرض فلسطين.

وما كان “ترامب” ليفعل ذلك، ثم يدفع بخطته التصفوية لقضية فلسطين العربية وصولا للضم،إلا وهو يعلم يقينا أن الامة العربية أمة صوت بلا فعل، وأمة صرير أقلام لم تعد تحتك بالورق ! كما لا تحتاج لنظارات لقراءة التاريخ مطلقا، فهي كما رآها وغيره تحولت الى ظاهرة صوتية فارغة، فلتقل ما تشاء وأنا أفعل كما أشاء فهم صفر مكرر وفلسطين هي الرقم كما أشار خالد الحسن للنظرة الامريكية للأمة عام 1981 ومازال التوصيف قائما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى