أقلام وأراء

بكر أبوبكر يكتب – الشريط السينمائي يهتف لفلسطين ..!

بكر أبوبكر – 11/10/2021

لم تكتفِ الثورة الفلسطينية بالمسيربين حقول الألغام السياسية والميدانية في مواجهة العدو الاستعماري الاحتلالي، وبين مطبّات الأنظمة التواقة دومًا للاستقرار حتى لوكان الثمن هو الركوع المخزي، وما تشابك طوال المسيرة من أولوية أو تطوير العملالعسكري النشط،أواتباع أساليب الانتفاضات اللاحقة كما لم تكتفي بحصتها من العمل الميداني بين الجماهير تنظم وتعبيء وتدرّب بل جعلت لها مسارًا حضاريًا تمثل بتأسيس أو دعم كل مجالات الفعل الثقافي في فلسطين، ولأجل فلسطين.

ينسبُ الفضل للرؤية الواسعة للمسار النضالي الشمولي الى القادة الأوائل من الروّاد في الثورة الفلسطينية وذلك عندما أولوا العمل العسكري والعمل السياسي، وأيضًا العمل الفكري والادبي والاعلامي والعمل الثقافي كلها معًا اهتمامهمما قد ينظر له من باب التفتح الذهني، والتنبه الحضاري لمختلف الأدوار المطلوب أن تتكامل وتتناغم في نسيج الثورة.

الثورة لم تكن يومًا جعبة مليئة بالرصاص أو بندقية فقط، وإلا لتحولت (بلا هدف سياسي محدد) الى قاطعة طريق كما كان يردد قادة الثورة، ومازالوا ينظرون لها من ذات الزاوية سواء أبقيت هي العنوان الرئيس كأداة، أم استبدلت أو تناغمت في مساحة الوسائل المتغيرة وفق المعطيات الى حجر أو علم مرفوع بتظاهرة مزروعة بالكوفية، أو ملعقة أسير محرر، أوبالون غزّي ثائر،أوصوت يبحّ في إذاعة الثورة إذاعة فلسطين،أوشريط (فلم) سينمائي طويل أو مقطع مرئي، أولوحة بيد فنان، أو أغنية، أو كتاب يستثير الهمم، أوبالرباط على عتبات المسجد الأقصى وثبات صخور فلسطين أو صرخة مناضل. 

كان الحزب أو التنظيم السياسي والثوري ينشأ مع الجريدة، والمجلة والنشرة، باعتبارها المعبّر الرئيس عن الفكروالغاية والقادرة على بث الموقف والدعاية التنظيمية والمحرضة على الفعل الجماهيري، لكن الجريدة (الورقية) تقلصت فعاليتها مع طغيان المرئي والمسموع، ثم طغت اليوم “وسائط التواصل الاجتماعي”وهي الأساليب التي لو كان “لينين” أبوالدعاية الحزبية والصحيفة التي تُنشيء حزبًا، يعيش اليوم لكرّم “بيل غيتس” و”مارك زكربرغ” و”ستيف جوبز”  واعتبرهم من أصوات فكره الاشتراكي، بوسائلهم الاعلامية الدعائية المتطورة التي حتمًا تستهويه.

المهم أن الثورة الفلسطينية عملت من مختلف الوسائل مزيجًا متناغمًا كلّه يصب في نهر الثورة ونهر فلسطين، وهي الى ذلك أدخلت كل ثوار العالم من العرب وغير العرب ليشاركوها بالقلم والريشة والرصاصة، والشريط “الفلم”، والحجر والعلم والصوت الحر الذود عن فكرة الحرية وفكرة رفع الظلم عن أرض احتلت وعن شعب مقهور يتم استبداله وإحلال الآخر مكانه بقوة السلاح والفكر الاستعماري المؤدلج، وبقوة العنصرية الأبارتهايدية القبيحة.

لم تغب الصورة (الشمسية الثابتة) ثم السينما عن أن يكون لها وجود في الإطار الفلسطيني العام ومنذ الاخوين لاما في بدايات القرن العشرين الذين لأسباب عديدة اختاروا الاسكندرية بعد أن كانت فلسطين وجهتهم للسينما، ثم ما كان من تطورات لاحقة هامة -قبل الثورة الفلسطينية التي انطلقت عام 1965م- على يد السينمائي الفلسطيني الأول ابراهيم حسن سرحان الذي اشترى قمرته (كاميرته) من يافا ب50 ليرة ليبدأ، ثم جمال الأصفر وآخرين وشرائطهم “أفلامهم” على قلتها.

انطلقت السينما الفلسطينية الثورية الحديثة مع حركة فتح والثورة الفلسطينية منذ العام 1968م، وكان رواد هذه السينماالثلاثة الأوائل من حركة فتح: سلافة جاد الله، هاني جوهرية ومصطفى أبو علي (انظر كتاب خديجة حباشنة المعنون: فرسان السينما سيرة وحدة أفلام فلسطين، أول مجموعة سينمائية ترافق بدايات حركة تحرر وطني، الدار الاهلية عام 2019م)وترافقت هذه الانطلاقة المرئيةحالة البعث لدور الصورة عامة الى جانب الريشة والكلمة، وبالطبع سندّا ودعمًا للفعل الأساسي على الأرض،والى ذلك كان الدور للعرب وأحرار العالم بهذا المجال مؤثرًا.

في إطار الفعل الفني والفعل الثقافي والفعل الكتابي أو الرسم بريشة الحرية او أن تصدح باغنية تجلب العشاق لفلسطين يمكنك أن تكتب الكثير، ويمكنك أن تجد الكثير من الرواد الذين شاركوا الثورة الفلسطينية مسارها الذي لم ينتهي الى الآن، ولم يكن اللبناني الجميل برهان جوهرية السينمائي الكبير آخر من شارك الثورة قضيتها العربية العادلة إذ كان من رواد الفعل الثقافي والسينمائي من العرب أمثالالمخرج اللبناني الراحل جان شمعون أو المخرج العراقي الراحل سمير نمر والقائمة تطول كما يكتب الإعلامي والكاتب المثقف حسان بلعاوي.

تجد في مسيرة  القادة الأوائل من شارك في تمثيل مسرحية، وتجد فيهم الرسام أو كاتب القصة أوالشعر وقد تجد من أتقن استخدام الشبّابة،أو أن يصدح بالموال ويرقص الدبكة….الخ، وإن اختفت هذه المواهب لدى قادة الثورة الأوائل لشدة الانخراط في إطار الفعل الثوري الميداني والسياسي فهي بكُمونها كانت حافزًا على دعم كلالكفايات الثقافية والاعلامية ففتحت الابواب لهم الى اليوم. فالثورة والقضية بحاجة لكل أبنائها، وللعرب، وكل المؤمنين بالقضية، وهي بالعقل والقلب قد تصل الى أصقاع الأرض الأربعة بوضاءة الحق المبين نعم، وبالكلمة والصورة أيضًا.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى