أقلام وأراء

بكر أبوبكر يكتب – التناقض الرئيسي والتناقض الثانوي

بكر أبوبكر  

حول التناقض والممارسة في الثورة الفلسطينية هو عنوان كتاب الأخ منير شفيق الذي كان قد أصدره في العام 1971 والذي يعد من أبرز الكتب التي مثلت التيار اليساري (الماوي) في حركة فتح حينها.

 

ورغم هذه السنوات الطويلة على صدور الكتاب فإن مراجعتنا النقدية له تقول بأن الأفكار الرئيسة فيه قابلة لاتخاذها منهجًا من مناهج التفكير والبحث والتحليل، وإن كانت مستندة كما هو واضح على قاعدة يسارية جدلية (ديالكتيكية)، فإن هذا لا يمنع من الاستفادة منها مادام العقل هو المرجع في القضايا النظرية سواء استند لثوابت دينية تقوّمه إن أخطا فتفرق بين الثابت العقدي وبين مطلق حرية التفكير في حدود ضوابط العقيدة.[1]

 

أو من خلال إجالة النظر في الاختلافات الفكرية بين المناهج الأيديولوجية، ومحاولة استقصاء الأساليب والمناهج الدراسية والبحثية بعيدا عن المضامين أو المباديْ الفكرية الأيديولوجية.

 

بمعنى أن عدم الايمان بالأيديولوجية الماركسية-اللينينية لا يعني انعدام القدرة على الاستفادة مما تشتمل عليه من أبعاد أو زوايا نظرية أو انسانية ذات صلة بآليات عمل العقل، كما الحال في الاستفادة من النظريات الغربية المختلفة، أو النظريات التي تعاملت مع العقل والفكر والمفاهيم في الحضارة العربية الاسلامية.

 

لايهمنا هنا المآل السياسي لمنير شفيق الذي تبنى خطًا مناوئا للقيادة الفلسطينية منذ زمن بعيد نتيجة اعتناقه الفكر الديني بعد الثورة الإيرانية، فهذا شأنه الذي نختلف أو نتفق فيه معه، وما يعني أن أراءه السياسية وخياراته الخاصة لا تمثل حركة فتح، وهو يرى ذلك. وكل الموضوع هو الكتيب والأفكار الواردة فيه.

 

إن كتاب منير شفيق يشتمل على مجموعة من المفاهيم مازالت تستخدم لدى الكثيرين من قيادات وكوادر الثورة الفلسطينية وحركة فتح في تحليلاتهم المختلفة ما يعطي الأهمية للاجزاء التي حققناها أو همشناها (أضفنا لها الهوامش) من الكتاب وما يؤكد على أهمية تصليب المنهج العقلي العملي لأي منا.

 

اخترنا من كتاب منير شفيق المقدمة المسماة الإيضاح والمدخل، ثم فصل التناقض الرئيس، وجعلنا اسم الفصل التناقض الرئيسي[2]والتناقض الثانوي لأننا آثرنا الاكتفاء بفصل التناقض الرئيس دونًا عن فصل التناقض الثانوي لأهمية الرئيسي وشموليته ودعوته الجامعة.

 

وباعتبار أن معرفته قد تغني عن النقيض، فالنقيض بالنقيض يُعرَف[3]. والى كل ما سبق أضفنا جلّ الفصل الأخير المسمى تناقضات من طراز آخر.

 

يطرح منير شفيق[4]مفاهيم: التناقض الرئيسي في مقابل التناقض الثانوي، ويطرح مفاهيم الانحراف والانتهازية يمينا ويسارا، كما يطرح مسألة التحرير الوطني، والمراحل التاريخية واختلافها تحليلًا ورؤية واستنتاجا، كما يطرح أهمية الجماهيرودورها، ويؤكد على مركزية فلسطين ومجابهة الصهيونية والامبريالية الامريكية معا، وعلى دور الامة، ولا يتواني عن التأكيد على مفهوم حرب الشعب طويلة النفس، والواقع الموضوعي والواقع الذاتي، والثورة الديمقراطية، والبرنامج الثوري.

 

نأمل أن تتم قراءة هذا الكتيب بعقل منفتح وعقل ناقد وقدرة على التطوير الذاتي والتغيير.

 

بكر أبوبكر

 

رئيس أكاديمية فتح الفكرية

أكاديمية الشهيد عثمان أبوغربية.

فلسطين في 2020

 

[1] يقول الله تعالى: قال تعالى: ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا (المائدة:8)، ويقول عليه السلام: الكلمة الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها. ويقول الشاعر: لا تحقرن الرأي وهو موافق/ حكم الصواب إذا أتى من ناقص.

فالدر وهو أعز شيء يقتنى/ما حط قيمته هوان الغائص.

[2] لغويا الأصوب تعبير التناقض الرئيس بدون إضافة الياء، لكننا سنستخدم اللفظتين معا. أي الرئيس والرئيسي.

[3] يحضرني قول المتنبي “وبضدها تتبين الأشياء” و كذلك قول دوقلة المنبجي “ضدّانِ لِما اسْتُجْمِعا حَسُنا وَالضِدُّ يُظهِرُ حُسنَهُ الضِدُّ“.

[4] يصفه الكاتب محمد قاروط أبورحمه من رجال السرية الطلابية/كتيبة الجرمق التي كان لمنير شفيق دور فكري فيها: تميز الأخ منير شفيق بثباته الشديد وقبضه بقوة على هدف تدمير المشروع الصهيوني، وان كل المراحل التي مر بها، إنما كانت بحث عن أفضل الوسائل لدحر المشروع الصهيوني، وتوحيد الأمة العربية واستعادة مكانتها في الحضارة الإنسانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى